أضاف المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة إخفاقا جديدا لكرة القدم المغربية بعد خروجه من الدور الإقصائي الثاني لكأس إفريقيا للأمم للشباب التي ستقام نهائياتها العام القادم بزامبيا، أمام المنتخب الغامبي بعد اللجوء للضربات الترجيحية التي فرضها فوز الغامبيين بهدف للاشيء ببانجول وفوز أشبال الأطلس بذات الحصة بالرباط.
الإخفاق على مرارته وفداحته يكرس من جديد حالة الإفلاس التي تعيشها كرة القدم المغربية على مستوى الفئات العمرية في محيطها القاري، إذ منذ سنة 2005 التي شهدت تأهل هذه الفئة لنهائيات كأس العالم بهولندا وحلولها في المركز الرابع عالميا، لم يتمكن منتخب الأشبال من تجاوز الأدوار الإقصائية، ولم يسجل أي حضور في الأدوار النهائية لكأس إفريقيا للأمم، كتعبير صريح عن فشل كل المقاربات التقنية التي إعتمدتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لردم الهوة التي أصبحت موجودة بين كرة القدم المغربية وكرة القدم في كثير من الدول الإفريقية، حتى تلك التي لا ترصد واحدا بالمائة مما يتم رصده لتحضير المنتخبات الوطنية بكل فئاتها.
هذا الإقصاء الجديد الذي يفضح عجز الكرة المغربية عن مجاراة نظيراتها في المحيط القاري، يتزامن لغاية الأسف مع إستراتيجية قالت الجامعة أن الإدارة التقنية الوطنية إعتمدتها لتجاوز حالة الوهن والضعف التي تلازم منتخباتنا السنية، فتحول بينها وبين التعبير عن ممكناتها الجماعية في النزالات الإقصائية الممهدة لدخول النهائيات ومنها إلى المونديال، إستراتيجية تمثلت في الإرتباط بالهولندي مارك فوت ليكون عضوا داخل ما أسمته الإدارة التقنية بالقطب المشرف على المنتخبات السنية الثلاثة، أقل من 20 سنة وأقل من 17 سنة وأقل من 15 سنة، وتمثلت أيضا في الإستعانة بعدد لا يستهان به من اللاعبين المغاربة المنتمين لأندية أوروبية، بعد أن توصلت الإدارة التقنية الوطنية إلى حقيقة النقص المهول الحاصل على مستوى التكوين داخل الأندية الوطنية.
وبرغم وجود مدرب أجنبي قيل لنا أنه متخصص في تأطير المنتخبات القاعدية، وبرغم إحضار ما لا يقل عن تسعة لاعبين مغاربة مكونين بأندية أوروبية منها نادي ريال مدريد الإسباني، وبرغم كل الإمكانيات المادية واللوجيستية التي جرى رصدها لتحضير منتخب الأشبال، فإن المحصلة كانت كارثية بكل المقاييس، خروج من الدور الإقصائي الثاني أمام منتخب غامبي لن يقنعني أحد بأنه محضر في ظروف أفضل من تلك التي جرى بها تحضير منتخب الأشبال. 
أعرف أن مرارة الإقصاء سيواجهها الكثيرون وقد تواجهها الجامعة أيضا باللامبالاة، على اعتبار أن هذا الإقصاء هو تحصيل حاصل لوضع كروي لا يمكن تغييره بجرة قلم، بين يوم وليلة، إلا أنه إقصاء موجب لطرح كثير من الأسئلة حول جدوى المقاربة التي إعتمدتها الإدارة التقنية في تأطير المنتخبات الوطنية السنية، وحول جدوى الإرتباط بمدرب هولندي مهما علا كعبه فإنه يظل جاهلا لكثير من حقائق كرة القدم الإفريقية، وحول طبيعة تعاطي الجامعة مع هذا الإقصاء البشع الذي يقول بتعبير صريح، أن هناك فشلا وهذا الفشل يستوجب المساءلة ويستوجب إقالة من تسبب فيه تقنيا.
كان لومنا كبيرا كلما حلت بكرة القدم الوطنية نكسة الإقصاء، على أننا لا نراكم ولا نستثمر عناصر النجاح التي وجدت ذات وقت فأوصلت منتخباتنا وأنديتنا للتفوق في إستحقاقاتها القارية وحتى العالمية، وهذا اللوم غير محجوب ولا مرفوع اليوم برغم كل الذي تدعي الإدارة التقنية الوطنية أنها تعتمده كآلية علمية لرصد المعطيات التقنية وتحليلها، واللوم على أننا لم نعد بالدرس والتمحيص للنجاحين القاريين الوحيدين اللذين تحققا لفئة الأشبال والأمل على المستوى القاري وبعده على المستوى العالمي، فسنة 1997 سينجح المنتخب المغربي للشباب في الفوز لأول مرة بكأس إفريقيا للأمم، التتويج الذي تحقق هنا بالمغرب على عهد المدرب رشيد الطوسي وأتاح فرصة الحضور في نهائيات كأس العالم  لمنتخبات أقل من 20 سنة بماليزيا في ذات السنة، والتي وصل منتخبنا الوطني لدورها الثاني وخرج منه أمام المنتخب الإيرلندي، وبعد ثمان سنوات من ذاك الإنجاز سيتمكن الأشبال تحت إمرة مدربهم فتحي جمال من التأهل لنهائيات كأس إفريقيا للأمم ومنها إلى كأس العالم بإيطاليا سنة 2005 ليكون الإنجاز العالمي الفريد من نوعه والمتمثل في الوصول لنصف النهاية.
هذان النجاحان القاريان تحققا باعتماد نظام المعسكرات المغلقة بالمركز الوطني بالمعمورة، وأبدا لا يمكن مقارنة ما رصد وقتذاك من إمكانات مادية ولوجيستية لتحضير المنتخبين الرائعين معا، مع ما جرى رصده لمنتخب الأشبال الذي تهاوى من أولى الأدوار الإقصائية، وبرغم أنني لا أريد أن أسجن نفسي في دائرة المقارنات التي يستحيل معها أي قياس، إلا أنني متألم من أننا في أي مرة لم نسع إلى العمل بتلك المنظومة التي حققت لنا النجاح القاري، والمصيب بكثير من القرف أن صانعي هاذين الإنجازين حيان يرزقان، فرشيد الطوسي هو عضو للمكتب المديري للجامعة ممثلا لودادية المدربين المغاربة، وفتحى جمال عضو كامل الصفة داخل الإدارة التقنية الوطنية، فهل كان من باب الإستعلاء أو من باب التكبر أن لا يطلب الرجلان معا للإدلاء بالرأي وتقديم المشورة؟
بسقوط منتخب أقل من 20 سنة من أول دور إقصائي لكأس إفريقيا للأمم أمام منتخب غامبيا، يسقط صرح الأمل والمستقبل، وأبدا لن يقنعني كل الذين يصدرون الفتاوى لشرعنة الفشل، من أن هذه الفئة مستهدفة بالتكوين القاعدي لتصل إلى المنتخب الأولمبي ومنه المنتخب الأول، أكثر ما هي معنية بالحضور في النهائيات القارية والوصول إلى العالمية، فما يحدث مع هذه الإقصاءات المتكالبة أن كرة القدم المغربية لا تستطيع الوصول إلى القمم ولا تستطيع تمثل دور القائد في مشهدها الكروي القاري.
وحتى نكون إيجابيين في التعاطي مع نكسات الإقصاء المتلاحقة والتي أصابت حتى الآن منتخبنا الأولمبي فأبعدته عن أولمبياد ريو دي جانيرو، ومنتخب الأشبال الذي وجد نفسه مطرودا وملفوظا من أولى الأدوار ومنتخب السيدات الذي فضح قلة الحيلة وهول الفوارق مع سيدات القارة الإفريقية، فإننا لن نطالب رئيس الجامعة بإعمال نظام التصفية وإشهار سيف الإقالة لعدم الوفاء بالإلتزامات التي تشترطها العقود، ولن نطالب بحل إدارة تقنية خاضت عائلة كرة القدم حروبا طاحنة من أجل إخراجها من حالة الغيبوبة، ولكننا سنطالب بجلسة مكاشفة عاجلة تسأل عن مسببات هذا الفشل، وتدفع من الآن في اتجاه اعتماد التكوين المبرمج والمتواصل للاعبين الشباب المنتقين بشكل موضوعي، داخل مركز تكوين وطني بالمعمورة يعمل بلا انقطاع، في انتظار أن يبدأ العمل بالمراكز الوطنية الجهوية.
وأبدا لن ننجح في تنزيل تكوين قاعدي وقوي لصغارنا، إذا لم يتم الإعتماد على الكفاءات الوطنية بعيدا عن لغة الترشيد الكاذبة التي تربط المنتخبات الوطنية والإدارة التقنية الوطنية بأطر تقنية بعينها، والتي نريد منها طمس الحقيقة، فما يصرف على هذه المنتخبات السنية لجلب اللاعبين من الخارج والسفر بهم إلى الأدغال بحجة الإستئناس بطبيعتها، أكبر بكثير مما يقال أن الجامعة وفرته من ترشيد التعاقد مع الأطر التقنية.