لم يفلح المصريون فيما عقدوا عليه العزم بتحريك منتخبهم من المستوى الثاني للتصنيف الذي خضعت له المنتخبات العشرون المتنافسون في إطار آخر حلقة إقصائية للظفر بواحدة من البطائق الممنوحة لإفريقيا في نهائيات كأس العالم بروسيا 2018، فقد دعوا الفيفا إلى حسبة جديدة تنقلهم إلى المستوى الأول وتعفيهم من الوقوع مع منتخبات من العيار الثقيل، ومع عدم قبول الفيفا بدفوعات الإتحاد المصري لكرة القدم بضغط قوي من تونس والرأس الأخضر، لم يتمكن أسود الأطلس من الخروج أيضا من المستوى الثالث، لتكبر فرضية أن الفريق الوطني مهما كان الحال، فإنه أبدا لن يتفادى الوقوع مع إحدى المنتخبات القوية جدا، تلك التي تتواجد بقوة حاضرها الكروي وانتظام نتائجها وترددها على الأحداث الكروية الدولية والقارية في المستوى الأول.
وبين منتخبات كوت ديفوار، الجزائر، غانا، تونس والسينغال الموضوعة في المستوى الأول، حكمت القرعة على أسود الأطلس بالإصطدام مجددا بفيلة الكوت ديفوار الذين وجدناهم في طريقنا خلال تصفيات كأس العالم 2014، وبرغم أننا تعادلنا معهم ذهابا وإيابا إلا أن تصفيات الدور الأخير منحتهم تذكرة السفر للبرازيل ليكون الحضور الثالث لهم بنهائيات كأس العالم.
وإلى فيلة كوت ديفوار سينضاف نسور مالي وفهود الغابون، ليكون المنتخب المغربي قد وقع في مجموعة فرونكوفونية خالصة بتوابل حارقة وبمرجعية رقمية حديثة لا تعطى مساحات كبيرة للأمل، فالأسود أبدوا في العقد الأخير نوعا من العجز عن مضاهاة أغلب هذه المنتخبات وهم الذين كانوا يتفوقون عليها بحصص قوية أيام كانت هناك فوارق على مستوى المهارة والإبداع لا يصح معها القياس.
هي إذا مجموعة قوية تنبئ بالكثير من الصدامات المثيرة، قد لا تكون مجموعة موت كالتي سقط فيها المنتخب الجزائري متصدر تصنيف المنتخبات الإفريقية في ترتيب الفيفا، ولكنها مجموعة تحتاج إلى كثير من الحذاقة والجرأة ومهارة التدبير ليتمكن الأسود من معاودة الحضور في نهائيات كأس العالم بعد عشرين سنة من الغياب، والحذاقة هي أن يتوصل الفريق الوطني إلى جني أكبر عدد من النقاط من مواجهاته المباشرة، أن يحسم لصالحه كل المباريات التي يلعبها على أرضه، وهي أيضا أن ينجح في إلتقاط ما يقدر عليه من نقاط من المباريات الثلاث التي سيلعبها بكل من باماكو وليبروفيل وأبيدجان.
بالقطع لن نكون أمام متأهل محظوظ بالمعنى القدحي للمفردة، فمن سيتوصل بين المنتخبات الأربعة بعد الجولات الست الإقصائية على ضراوتها، إلى تصدر المجموعة بأعلى رصيد من النقط وإلى حسم المواجهات المباشرة، فإنه سيحتاج في ذلك إلى روح بطولية وإلى إيمان قوي بالمقدرات الجماعية وإلى مهارة عالية في التعامل مع كافة المباريات، بمعزل عما نمعن في القول أنها مؤثرات مناخية وطبيعية ورياضية سالبة للقدرات، هي التي تتحكم في الآمال عندما يتعلق الأمر بمباريات في الأدغال.
كثيرون ممن يستبقون ويحللون ويستقرؤون سيضعون بلا شك الفريق الوطني المغربي في مستوى ثالث من الترشيحات تماما كما كان الحال عليه عند تحضير عملية سحب القرعة، فهم يرون بقوة النتائج المحصل عليها في الآونة الأخيرة، أن الفريق الوطني سيكون هو القوة الثالثة في هذه المجموعة، وأن السبق هو لصالح المنتخب الإيفواري وبعده المنتخب المالي، إلا أن حقائق المباريات ستأتي مختلفة تماما، وكثير منها ستحسمه الجزئيات الصغيرة التي لا يأمن شرها أي منتخب، بل المنتخب السعيد هو من ينجح في حسمها لفائدته، لذلك فإن الفريق الوطني سينطلق شهر أكتوبر القادم عندما يرحل إلى ليبروفيل لمواجهة فهود الغابون، من ذات النقطة التي تنطلق منها المنتخبات الثلاثة الأخرى، وقاعدة كسب أولى الآمال وتقوية الحظوظ في التأهل، تقول بضرورة تفادي الهزيمة أمام الغابون هناك بليبروفي، وبعدها إسقاط الأفيال في مباراة الثانية هنا بالمغرب، فالمؤكد وقتها أننا سنكون أمام بداية مثالية.
في النهاية وبلا مزايدات المونديال لمن يستحقه.