بالقطع لا يريد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الضغط على الأندية إلى الحد الذي يزهق أنفاسها ويصيبها بالشلل، من أجل أن تمتثل لأحكام المقتضيات القانونية، برغم مما يبديه من عزم على تثبيت ركائز المشروع الإحترافي حتى لا ينعت بخروجه أعرجا من الخيمة، إلا أن ما أصبح عليه المشهد الكروي من تجاوزات واختلالات يفرض أن تتدبر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عبر لجانها القضائية هذه المرحلة الحرجة بكثير من الليونة والحزم أيضا، فلا تعصر الأندية أمام تصلب اللوائح ولا تترك مطلوقة اليدين فلا يستقيم لها حال، وكلما وقع تساهل مع تطابقها التدريجي مع المقتضيات الجديدة التي ينادي بها الإحتراف، كلما كان طريقنا إلى تنزيل المشروع الإحترافي وعرا ومتعرجا ومنذرا بكل الأخطار.
من الضروري إعمالا لقاعدة التوازنات الإقتصادية التي هي أساس كل منظور إحترافي متطور، أن تكون للجامعة عين متفحصة على حركة الإنتقالات، فتتدخل عند الحاجة لمواجهة أي شطط وتنزل بأشد العقوبات على أي خروج عن النص، ومراعاة لمصالح الأندية التي تعيش على وقع تصدع مالي رهيب وجب حظر أي دخول لهذه الأندية لسوق الإنتقالات، وإن دخلت خضعت بالكامل لأحكام اللعب المالي النظيف، الذي بات مطبقا في عالم الإحتراف لمواجهة أي شطط أو تبذير للثروات.
ومن يظن أن الأندية تتحمس لدخول عهد الشركات الرياضية المدخل القانوني للإحتراف، فهو خاطئ، ومن يظن أنها قادرة اليوم على الإستجابة لمتطلبات الشركات الرياضية طبقا لما فصله المشرع في قانون التربية البدنية والرياضة 30-09 فهو واهم، إذا هناك حاجة ماسة للتأهيل وهناك حاجة ماسة أكثر إلى فسحة زمنية تكمل فيها الجامعة برنامج مأسسة الأندية، لنكون مع نهاية الموسم الكروي الحالي أمام خيار لا محيد عنه هو أن تنطلق بطولة موسم 2017-2018 وقد تحولت الأندية المشاركة في البطولة الإحترافية الأولى في أول الأمر إلى شركات رياضية تحقق الشرط الأول لتحويلها لأندية محترفة، تخضع للنظام الضريبي والجبائي ولكن تتمتع بقدر كبير من الحصانة الإقتصادية التي تعمل من أجل الحفاظ على التوازنات المالية.
هذا هو المشروع الكبير والضخم الذي يراهن عليه رئيس الجامعة فوزي لقجع ومكتبه المديري، وإذا ما نجح في تنزيله بالصورة التي لا تدخل كرة القدم المغربية أزمات هيكلية تتهاوى معها صروح الأندية، فإنه سيكون قد عبر بكرة القدم صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا ظل شجرة، صحراء كنا نظن أنها بشساعة النظر لا نهاية ولا حد لها.
...............................................
لئن إتفقنا على تسميته بالميركاطو الصيفي البارد الذي لا يقتبس شيئا من حرارة الفصل ولا من قيظ الصيف، فسنتفق على أن أشياء كثيرة فرملت الأندية وكبلت أيديها وما تركتها تعيث فسادا من دون أن تقيم حدودا لإمكانياتها المالية.
هناك فعلا بعض من رائحة الأزمة، فمعظم الأندية تجتر عجزا ماليا وأكثر الأندية تسدد غاليا فاتورة المزايدة التي أتقنتها في مواسم خلت، عندما تصورت أن الميركاطو مساحة لاستعراض العضلات والنكاية بالخصوم، فكسرت نفسها وميزانياتها وربطت حول عنقها حبلا من نار عندما فاق ما أنفقته على الإنتدابات ما تجنيه من عائدات.
تحتاج الأندية إذا إلى ما يفرملها وإلى ما يعيد لها الرشد وإلى ما يربطها بسوق الإنتقالات ربطا موضوعيا تحسب فيه الإنتدابات بدقة متناهية، وقد تكون الأزمة المالية الخانقة التي سقطت فيها كثير من الأندية بسبب تهور غير محسوب، عارضا أول من عوارض هذا الميركاطو، إلا أن ما يجب أن يكون حاجزا وواقيا ضد كل هذه الإنحرافات التي لا نشك ولا نجادل في فاتورتها المالية الثقيلة، هو الجواز الإحترافي الذي يجب أن ينوفر لأي فريق يدخل سوق الإنتدابات، جواز يحدد بدقة المدى والحد الذي لا يجب أن يتعداه الفريق في صرفه على الإنتدابات، حد تقرضه الحالة المادية بالدرجة الأولى.  
...................................................
لا بد أنكم أطلعتم على الخبر الذي حملته القصاصات مؤخرا والذي يقول بأن الغابوني مالك إيفونا بيع لأحد الأندية الصينية بما لا يقل عن ثمانية ملايين أورو، وما يهم في الخبر ليس هو قيمة من بات يشكل مع الفهد بيير أوباميانغ ثنائية مرعبة في المنتخب الغابوني الذي سيكون أول من يواجهه أسود الأطلس شهر أكتوبر القادم في أولى جولات الدور الإقصائي الأخير والحاسم المؤهل لكأس العالم 2018 بروسيا، وليس هو أن ينتقل إيفونا الذي عرفه العالم عند مروره بنادي الوداد من الأهلي المصري إلى النادي الصيني، ولكن ما يهم هو المبلغ الذي به إنتقل مالك إيفونا من الأهلي، ما يعادل أربعة أضعاف المبلغ الذي إنتقل به قبل سنة من الوداد إلى النادي المصري..
سنة ونيف قضاها مالك بالوداد قادما إليه من الغابون، كانت كافية ليصبح اللاعب ملاحقا من أندية كبيرة، وإذا ما كان الشرط الجزائي هو ما حتم على الوداد الإذعان للضغط الكبير الذي مارسه الأهلي لجلب لاعب كانت الجماهير الودادية تعترض على رحيله، فإن المثير هو أن يتضاعف سعر إيفونا أربع مرات لمجرد موسم قضاه مع الأهلي المصري.
الحكمة في الأمر هو أن مجرد اللعب للأهلي المصري يرفع كوطة اللاعب لمستويات قياسية، كما هو الحال تماما بأوربا، حيث أن اللعب لريال مدريد أو لبرشلونة أو لبايرن ميونيخ يرفع أسهم اللاعبين لمستويات قياسية.
غير التاريخ وغير الألقاب وغير المرجعيات هناك بالتأكيد سومة الأندية في بورصة القيم، لذلك تحتاج أنديتنا لوقت طويل لتتمكن من رفع قيمتها الرياضية والمالية، ليكون بمقدورها جلب لاعبين بأثمنة بخسة وبيعهم في العام الموالي بعشرات أضعاف ما تم صرفه من أجل جلبهم.