من حقنا أن نتوجس من هذا الذي سيقدم عليه الفريق الوطني يوم السبت القادم وهو ينازل منتخب الغابون عن الجولة الأولى لدور المجموعات الذي سيقرر في مصير البطاقة المونديالية الوحيدة الممنوحة للمجموعة الثالثة التي يتواجد فيها أسود الأطلس مع فهود الغابون وفيلة الكوت ديفوار ونسور مالي الجارحة.
من حقنا أن نتوجس، التوجس الذي لا يجهز على الأمل في أن ينبعث الفريق الوطني من رماد الشك، والتوجس الذي يفرمل التفاؤل المفرط فلا يجعله بساطا من وهم نحمل عليه قبل أن تسقطنا الحقيقة على صخرة الإقصاء، وإن توجسنا فعلنا ذلك لثلاثة أسباب..
أول هذه الأسباب ما يبلغنا به كشف الأرقام عند رصد تاريخ المواجهات مع منتخب الغابون من حقائق مؤلمة، تقول بأن الفهود إنقلبوا على الفريق الوطني، وما عادوا يقبلون بترويضه لهم، فلا أحد بيننا يمكن أن ينسى شهر مارس من عام 2009، عندما دعي الفريق الوطني لافتتاح دور المجموعات الحاسم المؤهل لمونديال 2010 بجنوب إفريقيا بملاقاة المنتخب الغابوني هنا بالمغرب، وكانت الصدمة قوية والأسود يسقطون أمام الفهود بهدفين لهدف واحد، لتضرب حظوظ التنافس على البطاقة المونديالية بشكل كبير، كانت تلك المباراة بداية لانقلاب كامل في موازين القوى، لأن الفريق الوطني سيعيد سقطته امام فهود الغابون مرتين بليبروفيل، مرة عندما واجههم في إياب تصفيات كأس العالم وكانت الهزيمة بثلاثة أهداف لهدف، وأخرى عندما كان اللقاء خلال الدور الأول لنهائيات كاس إفريقيا للأمم 2012 التي إستضافتها الغابون مناصفة مع غينيا الإستوائية، وكانت الهزيمة بثلاثة أهداف لهدفين، ليعلن الأسود وقتها مقصيين من الدور الأول ولا تفك عقدة الإصطدام بالبلد المضيف.
وليس لهذا الإنقلاب ما يفسره، سوى شيء واحد لا ثاني له، هو أن الفريق الوطني ما عرف منذ سنة 2004، سنة الوصول لوصافة البطولة الإفريقية إستقرارا تقنيا ولا بشريا برغم كل ما يصرف عليه، في المقابل جنى منتخب الغابون ثمار إستراتيجية إرتقت به نسبيا في المشهد الكروي الإفريقي ولو أن ذلك لم يسعفه للمنافسة على اللقب القاري أو حتى تحقيق التأهل التاريخي والأول من نوعه لكأس العالم.
أما ثاني الأسباب المقيضة لهذا التوجس فهي الغيابات المؤثرة التي يعرفها الفريق الوطني بفعل ما تكالب على بعض الثوابت البشرية من أعطاب، فليس من السهل إطلاقا أن يفتقد الفريق الوطني أمام الغابون أربعة من عناصر الخبرة في أروقة إستراتيجية، فغياب بنعطية سيؤثر لا محالة على العمق الدفاعي في مباراة نتوقع أن يكون التحرش الغابوني خلالها بالمنظومة الدفاعية كبيرا، كما أن غياب نبيل درار سيفقد الرواق الأيمن الدفاعي والهجومي كثيرا من صرامته، ولا يمكن أن نقلل من درجة تأثير غياب عنصر مثل منير عوبادي على كماشة الوسط الدفاعي، إلى جانب ما كان سيمنحه حضور سفيان بوفال من ثقل على مستوى الإختراقات، بخاصة لما تكشف المباراة عن بعض المساحات.
وثالث موجبات التوجس والقلق، أن الفريق الوطني ما تمكن حتى الآن مع كثافة الوديات وحتى المباريات الرسمية من وضع تعريف بهويته التكتيكية تتناسب ومؤهلاته الفردية، فكلما أعطانا لقاء ما بارقة أمل بانبلاج صبح جديد وبمولد هوية لعب، حتى تطمس علينا المباراة التي تليها بظلام دامس فلا نسمع حولنا إلا ضجيجا ونواحا.
وجدت أحدهم يقترب مني ليسألني سؤال من تاه وضل الطريق ويبحث عمن يضيء له العثمة، هل يمكن أن نتق بقدرة هذا الفريق على مصالحتنا مع نهائيات كاس العالم؟
وللأمانة إرتبكت، وأطلت التفكير، فالرجل لا يستحق أن أزيد في عذابه، لذلك قلت له، أن الطريق شاق وصعب ومنعرجاته خطيرة، وفي النهاية نحن في حضرة كرة القدم التي لها منطق غير المنطق الذي نعرف، ومتى تمكن الفريق الوطني من التفوق على نفسه وتحصل على أعداد كافية من النقاط في المباريات الست التي سيخوضها، كان ممكنا أن نثق بقدرته على إعادتنا إلى مونديال غبنا عنه منذ عشرين سنة.
وأيا كانت الملابسات وطبيعة التوجسات، فالفريق الوطني محتاج منا جميعا لأن نثق في قدرته على بلوغ الهدف، وهذه الثقة لا بد وان تجسد بشيء واحد، هو خصلة من خصال جماهيرنا، أن لا نترك فريقنا الوطني يسير وحيدا في دروب التصفيات مهما حصل، فإن تحقق حلم الوصول للمونديال تحقق بنا جميعا وحصلت الكرة المغربية على الإنفراجة التي لطالما بحثت عنها.
بالتوفيق إذا لفريقنا الوطني وباسم الله مجراها ومرساها.