يفترض أن نكون في حالة فرح ونحن نتقاسم مشاعر الفخر والبهجة والإعتزاز بانقضاء ثلاثين سنة على ميلاد «المنتخب» جريدة رياضية مستقلة بذاتها، متفردة بأسلوبها، وليس لها من يعيلها بعد الله سبحانه وتعالى سوى قارئها الذي جعلت منه منذ يوم الميلاد رأسمالها الذي لا يقايض بأي شيء آخر مهما علا شأنه.
يفترض أن نكون فرحين ومعتزين بشراكة الثقة والحب التي أسسنا لها جميعا منذ يوم 29 أكتوبر 1986، اليوم الذي وضعنا فيه جميعا حجر الأساس لما أصبح ينعت اليوم بالصرح الإعلامي المغربي والعربي، إلا أنني مفوضا من تاريخ ومرجعيات وعائلة «المنتخب» المتفرعة، وجدت نفسي آتي لكتابة فصل الإحتفال مضطربا ومتشنجا من كل الذي أبصرته وعايشته بمعية زميلي مصطفى بدري من هواجس، وقد كان الخوف يكبر فينا من أن لا نلهم بالإرادة القوية لإبقاء «المنتخب» واقفة على الرجلين في فضاء إعلامي تضربه الكثير من الأعاصير التي لها مسميات كثيرة والتي أجثت من الأصل العديد من العناوين الصحفية التي كان لها محل كبير من الإعراب في مشهدنا الإعلامي الوطني.
نحتفل بإنهاء «المنتخب» لثلاثين سنة من الحضور المؤثر والقوي والفاعل في مشهد الرياضة الوطنية، طبعا، وما يمنع ذلك..
نحتفي بانصرام ثلاثة عقود من عمر رحلة صحفية لم تترك بلدا ولا قارة من بلاد الله الواسعة إلا وتواجدت فيها من أجل المواكبة والإخبار بزاد الصدقية والحرفية والمواطنة الصادقة، بالتأكيد حري بنا جميعا أن نفعل ذلك.
ولكن ما يجب أن نحتفل به في مقام أول هو هذه الروح الإنتصارية التي لازمتنا منذ أول يوم خرجت فيه «المنتخب» للوجود، لقد إنتصرنا على وجع البدايات عندما كان ضروريا أن نوفر للمولود حليب الرضاعة وإكسير الحياة وكل مضادات الفشل والإستنساخ وحمى الحسد، وانتصرنا على رياح عاتية هبت على المشهد الإعلامي الوطني فرمت في القعر بعناوين صحفية كثيرة، بأن تسلحنا بالإرادة والصبر والعناد وثقة القارئ، وانتصرنا على كل ما كانت ترمى به الصحافة المكتوبة من عيارات قاتلة مما أسميه بالحملة الإلكترونية التي بشرت، ويا أسفي على ما بشرت به، من أن الصحافة الورقية هي إلى الزوال.
من الطبيعي أن نكون قد تعاملنا بل وتفاعلنا بإيجابية مع كل هذه الأعاصير التي كانت تضرب المشهد الصحفي الوطني والعالمي، التفاعل الذي يزيد من حجم الصبر ومن سعة الإرادة ومن جرعات التحدي، ومن خوفنا جميعا على أن تزل القدم أو أن تذهب بنا الريح أو أن يغمض لنا جفن عن كل التحديات المستقبلية التي تنتظر «المنتخب» في عقدها الرابع، فإن الإحتفال ولو للحظة بنجاحنا جميعا في تقاسم لحظات الإنتصار وفي عبور سيل من المطبات، يفرض أن نتوجه باستمرار للمستقبل لنواصل ترسيخ القيم الإعلامية ولنكمل ما شاء الله لنا ذلك رسالتنا الصحفية، ملهمين بنفس المحفزات الفكرية التي جعلت من «المنتخب» حصنا منيعا من حصون الصحافة المغربية والعربية والإفريقية، وأهلتها لتكون مرجعا لا محيد عنه.
ومع ثقتنا بأننا يجب أن نلهم بما يطور منتوجنا الإعلامي وما يحفظ تلك الآصرة مع القارئ، بوضع أنماط جديدة للتأثير في المشهد الرياضي الوطني بما هو متاح لنا من عمق ومرجعية، فإننا لا نستطيع أن نقوى على رد الأعاصير وأن نواجه كل ما يتحرش بالصرح، من دونكم أنتم قراءنا الأوفياء شركاء النجاح وحلفاء الكفاح سالفه وقادمه أيضا.
وتلزمنى مناسبة الذكرى، بأن أنحني إجلالا وتقديرا لكل من ساهم في بناء هذا الصرح الإعلامي، لكل من وضع لبنة من لبانته، لكل من شاركنا متعة الرحلة من أجل ربح رهان الإستمرارية، لكل من عمل سرا وعلنا من أجل أن تبقى «المنتخب» إكليلا إعلاميا فوق الرؤوس، أما الذين تنبأوا سامحهم الله ذات يوم بعيد من زمن ولى، بأن «المنتخب» ستموت في المهد، أقول لهم ها نحن أحياء نرزق، وما توفيقنا إلا بالله.