يقولون عنه الرقم 12 وهو تصنيف خاطئ لأنه الرقم «1» التقييم الحقيقي الذي كان البرتغالي جوزي مورنيو واضحا في تحديد معياره، حين إستفز جماهير المان يونايتد بتصريح مثير قال فيه في مباراة الديربي أمام السيتي «الآن عرفت لماذا سمي بمسرح الأحلام، هناك من يعريه الحضور كما المسرح لينعم بمقعد وثير ويكتفي بالمشاهدة ويصفق للحظات المميزة وهو ليس دور جمهور الكرة كما عهدته».
مورينيو عدد ملاعب شبهها بالجحيم والحفر المستعرة وإستدل على ذلك بستامفورد بريدج والأنفيلد بأنجلترا حيث يتحول الأنصار لثوار، والكالديرون بإسبانيا وجمهور دورتموند الألماني على وجه الخصوص.
قد يتساءل سائل، هل يتأثر لاعب من المستوى الإحترافي العالي، وعلى درجة كبيرة من النضج والحصانة النفسية بهدير المدرجات؟
الجواب جاء مؤخرا من بوفون وهو يقر بهذا إذ قال «الخوف من المشاعر الإنسانية التي ترافق اللاعبين مهما كانت قيمتهم وبإختلاف المباريات والملاعب التي يلعبون فيها».
إذن للجمهور دور حاسم، بل هو الرقم الأبرز وهو العلامة الفارقة في الكرة، وإلا لما كان للإحصاء المتوارث في سجلات المستديرة أساس ومنطق، حيث تتفوق أرقام إنتصارات أصحاب الديار والقواعد بأكثر من الضعف على حساب إنتصارات الزوار.
تأسيسا على هذا، وربطا هذا بذاك كان مفاجئا جدا بل مثيرا حد الدهشة، أن تبادر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ليس لنقل ودية الأسود وهولندا لأكادير، بل للتسرع على مستوى الجهر وليس عبر لسان أي كان، بل على لسان رئيسها فوزي لقجع الذي بشر البيضاويين بعودة زمن الوصال والعناق مع المنتخب الوطني عبر بوابة البرتقالي الهولندي وفي مباراة ودية ليست تقليدية كغيرها.
ليس سهلا على الإطلاق أن يتم تمرير خبر نقل المباراة صوب الجنوب وإن كانت الجامعة مالكة هذا الحق من أساسه بسبب الإنارة أو لأسباب لوجيستيكية أخرى، لأن تسريب الخبر قبل التأكد من جاهزية الملعب وتفاعل رونار معه وإظهار سعادته الكبيرة بالقرار وسير مصطفى حجي على هديه وهو يؤكد أثيريا أن الثعلب رونار هو من أصر على العودة للعب بالدار البيضاء ليكسب تحديا كبيرا وعد بالكشف عن أسراره لاحقا، لأن النقل أبلغ ضررا من الناحية النفسية والمعنوية وأيا كان المبرر والذريعة من إقرار تنظيم المباراة على ملعب أكادير لأنه حذرنا مرارا من القرارات المتسرعة.
وقع صعب، لأن جماهير الكرة ومهما إرتقى مستواها الثقافي، مهما علا نضجها وتعاطيها مع الأمور تظل بمشاعر طفولية بريئة، تسعد لأبسط وعد ويسطع غضبها لأتفه قرار، وكلنا جرب أن يعد طفلا بلعبة وبعد فترة يهدي نفس اللعبة لقرينه إذ تشتعل نار الغيرة ويحمر لهيبها فيصعب إحتواء شظاياه.
في المغرب وهو الحق المكفول للبيضاويين، والواقع الذي لا يرتفع جمهور مركب محمد الخامس حالة فريدة من نوعها، جمهور «كازا» كما يحلو للبيضاويين أن يطلقوا على أنفسهم الوصف يهيمون في كفة العشق والمناصرة بطريقة تختلف عن البقية.
هم ليسو جمهور مسرح، بل جمهور لا يجلس مهما رقموا له المقاعد ومهما ثبتوها، فلا حاجة له بهذه المقاعد لأن فئة واسعة منه تبدأ المباراة واقفة و تنهيها كذلك.
ومن يتفرج واقفا، منتصبا هائجا، أكيد سيكون لتشجيعه إمتداد وسحر على اللاعبين وتأثير على المنافس كما أقر به مدربون ولاعبون كبارا.
أذكر ألعاب البحر الأبيض المتوسط، كما أذكر مباراة مصر التي مهدت لنا العبور للمكسيك ومباراة زامبيا ومباراة غانا وكلاهما وصلا بنا للمونديال، وغيرها كثير كيف كان يعزف جمهور «كازا» كورال الحماس الذي ربما كان هو اللاعب الذي حسم كل هذه الفتوحات الكروية، فكان غريبا ومثيرا أن تنقل ودية هولندا لاكادير لنكون أمام مركب ساحر يشبه هاتفا ذكيا لكن بـ «الكاركاس» فقط، وفاقد  لـ «الكارط ميموار» التي دلت الأسود على المجد الكروي.