إستوقفتني الذكرى وشريط السنوات المثقلة بالمعاناة والتحديات والأحلام يعبر سريعا المخيلة، فأدركت أن «المنتخب» الصرح الإعلامي الذي شيدناه قبل 32 سنة بوهج الأمل وضوء الحلم، نجح في الصمود أمام عاديات الزمن، قهر كل عوامل التعرية، بل استطاع أن يتجاوز بمساحات واحات الحلم المرصودة له، فانتشر في الأرض بروح مهنية عالية، حتى غدا مرجعا لصحافة الوطن بل وسفيرا لصحافة الوطن في كثير من الأصقاع.
كنت دائما أعتبر أن الكتابة عن «المنتخب» هي كتابة عن ذاتي، وأنا ما تحمست يوما للكتابة عن ذاتي، لذلك أوشك بما رحبت لدي فسح اللغة والتوصيف، أن أضيق ويضيق نفسي، أوشك أن أختنق وتختنق معي الكلمات، لذلك سأكتفي بأن أطفئ معكم جميعا الشمعة الثانية والثلاثين، شاكرا الله على أن مد في العمر، لكي أواصل قيادة السفينة بمعية فرسان تنعموا بالمشاركة في عشرات الفتوحات الإعلامية، وشاكرا كل الذين ما فتئوا يدعموننا بالكلمة الطيبة وسائلا العون لمواصلة المسير بنفس القيم وبنفس مواثيق الوفاء وبنفس الإصرار على مطاردة الحلم الذي لم يكتمل.
ولا أجد ما أذكر به نفسي، أروع من زاوية كتبتها في العدد الثاني لـ «المنتخب» بتاريخ 5 نونبر 1986، إنها لا تمثل لي ماضيا، ولكنها تمثل لي  أيضا الحاضر والمستقبل، وكل عام و«المنتخب» وأنتم ونحن بألف خير.. وعلى العهد باقون.   
--------
<< أسأل.. ثم أسأل وللمرة الألف أسأل..
لماذا «المنتخب» وما هو «المنتخب» وإلى متى «المنتخب»؟
مع كل ثانية يتجدد نبض السؤال، تهرب الأشياء من نفسها، تتعذر لغة الضرب والقسمة، تنأى عني بعيدا ضروب الإعراب.. وأقف للحظة مبهورا أمام كم الجواب..
جمل الفرح قرأتها وأنا أستقبل مع زملائي أكاليل التهاني.. فواصل الشعر أكملتها وأنا أنتقل بين رسالة ومكالمة هاتفية.. ولم يكن لي إلا أن أغالب ذاتي كي تنتج على الأقل الكلمة/البديل..
ولم أر غير هذا الركن مجالا لأعبر جسد كل الكلمات، لكي أنأى بنفسي عن الإغتراب، لأقاوم في داخلي ملح الأحاسيس.. ولأقول لقارئ "المنتخب".. للذي أستوقف نفسه في نصف الطريق وهاتفنا، للذي انتشل نفسه وسط أكوام الحروف وكاتبنا بلغة الشهد، للذي قرأ «المنتخب» ربما من باب الصدفة وأسكنها بعد ذلك قلبه.. لكل من ردد في داخله نشيد (فرح).. لكل هؤلاء أرفق مع كل الأخوة جزيل الشكر وأبلغ التحايا..
بعضهم عاتبنا.. لماذا لم يعلن عن «المنتخب»، قبلا.. ولماذا لم تخص بحملة إشهارية؟
ونحن نجيب بكل تلقائية:
العسل لا يقول عن نفسه أنا عسل..
والفرح أبدا لا يحتاج دائما إلى دندنة ليستحيل أغنية..
«المنتخب» خرج على قارئه بدون مقدمات، بدون مساحيق وبدون (غبار) الإشهار.. هكذا تعلم أن يفكر منذ أن كان جنينا..