قبل نحو سنة من الآن صوب عبد المالك أبرون أعيرة نارية باتجاه حسن بنعبيشة، والمقصود بها بطبيعة الحال خراطيش الإنتقاد للمقاربات التي ظل يعتمدها مدرب الشبان يومها وإطفائي المحليين وبريكولور الكبار في مباراة الغابون، قبل أن يتم ترسيمه بتوصية من فيربيك مدربا للأولمبيين ضمانا للإستمرارية، التي نسفها نفس المدرب بتصريح إنفعالي عقب خسارته الودية من فراعنة مصر، حين أشار إلى قطع دابر الجيل والوجوه التي ظلت ترافقه لسنوات، إذ جعل من مباراتين مقياسا لإعدام النفاثي والبقية بعبارات نالت منهم وتحفظها التسجيلات.
أبرون وغيره من مدربين ورؤساء أندية وبعدهم حسن حرمة الله المكون وقتها بالرجاء، ومن ظل يجهر بالتظلم وآخرون يبتلعونه بريق المرارة، مؤكدين على دور كبير لبنعبيشة في كواليس التعاقدات وسحب عدد من اللاعبين بمعدلات أعمار أولمبية للوداد لغاية في النفس وقضاء لمآرب آخرى.
من الكارتي الذي تم سحبه من خريبكة للسعيدي الذي  غير مساره من تطوان وعطا الله القادم من الـمغرب الفسي لأصباحي الذي  تنكر لعشق الرجاء بقدرة قادر وبودن العسكري وعثمان من المحمدية.. وبقية اللائحة طويلة حضرت أسماء على طاولة الرافعين لصوت التظلم بالتأكيد على أنه لبنعبيشة يدا طويلة تمارس إغراءات قوية على كل هؤلاء وتفرض عليهم إرتداء الأحمر على ما سواه.
يومها وجد بنعبيشة من يدافع عنه ويدعم براءته، قبل أن يأتينا اليوم بالخبر اليقين ومن حيث لم نزود وداديون (لاعبون تم انتدابهم صيفا وبمبالغ طائلة فتم تهميشهم) وجماهير ودادية أدرى بشعاب بفريقها، والذين لخصوا سبب البداية الكارثية لفريق الأمة في بنعبيشة و«التيليكومند» التي يستعملها لتسيير الفريق عن بعد، باستغلال أمرين أولهما جهل توشاك بالبطولة المغربية وأسرارها، وثانيا تواجد رفيق الدرب حسن ناضر بجوار المدرب الويلزي بفرض سلعة حسن ووضع بقية بضاعة الصيف في الثلاجة حتى «حماضت».
في الوقت الذي هلل فيه الكثيرون لميركاطو الوداد ووصفوه بالهلامي، كنت قد أثرت قراءة بنظارة مختلفة وسميتها «إنتدابات الوداد بين الأحلام وحقول الألغام»، إحتكاما لخبرة متواضعة تقود رأسا لحقيقة أن حشر فيلق نجوم في سلة واحدة، لا يضمن بالضرورة بلوغ «الشبعة» المأمولة وقد تنقلب الأمور لـ «تخمة» وعسر هضم مزمنين.
من يهاجم اليوم بنعبيشة ليس مسيرو خريبكة، ولا زملاءه الحاقدين عليه في مهنة التدريب ولا أبرون رئيس المغرب التطواني المندفع و ا حرمة الله باسم الرجاء، من يهاجمه ويتهمه بتغيير مجرى النهر داخل الوداد هم وداديون، وهذه المرة أيضا صمد بنعبيشة في وجه العاصفة وعلقوا «الحجام ناضر».
مقابل بصمة بنعبيشة تبدو دفوعات الويلزي توشاك غير مقنعة وهو يؤكد للناصيري على أنه تم تغليطه والتغرير به، من خلال  الدفع بــ 7 لاعبين شبان في مغامرة غير محسوبة العواقب داخل فريق كبير بثقل وضغط الوداد، وهذه نتيجة طبيعية للترويج لعالمية توشاك الذي قدم للمغرب من أذربيجان غير المصنفة في خارطة الكرة ولم يأت من إسبانيا أو إنجلترا حين كانت للمدرب هيبته وسطوته.
أن يقحم توشاك بنعاشور المترنح على حساب حارس سحب الرسمية من  قفاز نادر لمياغري وهو محمد عقيد العائد من إعارة سلا، الذي وقع على إياب خرافي الموسم المنصرم، فهذا ليس خطأ بنعبيشة أيا كان نوع السحر الذي سيمارسه عليه ولو عن بعد، بقدر ما هو خطأ المدرب الذي كان يجدر به في خطوة كلاسيكية شهيرة العودة لأشرطة فيديو البطولة ليميز الغث من السمين والصالح من الطالح، إلا إذا كان هناك من أوحى لتوشاك بالقدوم للمغرب للسياحة وليس كي نستفيد من زاد عالميته.
أن يسافر الناصيري على امتداد الصيف لأوروبا وما جاورها بحثا عن جواهر لتزيين قلادة الوداد، ليقترب في فترة من الفترات من كاردوزو البوليفي قبل أن يستقدم غوسطافو الأرجنتيني، ويقنع دوليين بقامة السعيدي والشافني بحمل ألوان الفريق ويستقطب الصوفي والكوردي أفضل لاعبي البطولة، وفي نهاية المطاف يكتفي كل هؤلاء بجانب إذ عبد الحي ونعيم أعراب بمراقبة الهجهوج والأصباحي والكارتي والسعيدي وبنعاشور والعطوشي يجرون بالكرة لتأكلهم رطوبة كرسي الإحتياط، فهذا مؤشر قوي على أنه هناك خلل ما في وداد هذا الموسم.
شخصيا لست ضد إقحام كل هذا الفيلق من لاعبي الأمل ضمن فريق الوداد، لكن فقط أتساءل سؤالا بريئا وهو: لماذا صرف الناصيري والفريق كل تلك الملايين في سوق الصيف إن كانت ثلاجة الوداد عامرة بما لذ وطاب من فواكه هي من بحيرة الفريق أو بالأحرى زرعها بنعبيشة بهذه «البحيرة»؟
بقرار توشاك التضحية بناضر، يكون قد عبر بالتلميح الفصيح ما قاله قبله من أدركوا الحقيقة والواقع بعد فوات الأوان «آه، لقد فهمتكم»..
لأنه ببساطة لو عاد توشاك لمباريات منتخبات الشبان والمحليين وحتى الأولمبي حاليا، وكيف خسرت كل هذه المنتخبات أو فرطت في المكسب على عهد بنعبيشة في الشوط الثاني لكل المباريات الذي هو شوط المدربين بداية من سيناريو نيجيريا بــ (الشان) و انتهاء بما شاهدناه من نشاز وانهيار أمام أولمبي مصر بفاس دون إغفال تجاربه بالمسيرة والكوكب، لأيقن وأدرك لماذا أضاع فريقه حارسه بنعاشور التأهل للكأس بفاس، لأن أصل الحكاية كله هو «كون كان الخوخ يداوي كون داوى راسو»..