مقدر ما كان عليه السيد محمد أوزين وزير الشباب والرياضة من بهجة ظاهرة ومن صرامة معبر عنها، وهو يرفع الستارة عن مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط يوم الثلاثاء الأخير، وقد تم تحيينه وتجميله بشكل يتطابق كليا مع ما تنص عليها دفاتر التحملات التي يضعها الإتحاد الدولي لكرة القدم والإتحاد الإفريقي لكرة القدم شرطا لاحتضان الملاعب المنافسات التي تنظمهما الهيئتان معا.
أما الإبتهاج الذي نتقاسمه جميعا فمصدره الصورة الرائعة التي خرج بها المركب بعد أعمال الصيانة والتزيين وكل الإحداثيات المنجزة بشكل رائع إعتمادا على الخبرات المغربية وفي ظرف زمني قصير مثير للدهشة قبل الإعجاب، ما أكد بالجزم ما كنا ننقله عن البعثات التي كانت الفيفا والكاف توفدها للمغرب بهدف الوقوف عينيا على ما تم إنجازه من عمليات المطابقة، من رضى كامل على جوهر الأعمال وسرعة التنفيذ.
وأما الصرامة والتي يجب تفعيلها وأجرأتها بمستويات عديدة منها ما له علاقة بالتحسيس والتوعية ومنها ما له علاقة بالملاحقة والمتابعة والعقاب لكل فعل تخريبي، فتتعلق أساسا بضرورة الحفاظ فرديا وجماعيا على هذه التحف الرياضية الجميلة التي أبدعها المغرب على عهد جلالة الملك محمد السادس وأصبح بها مع جنوب إفريقيا، البلد الإفريقي الأكثر إستجابة للمعايير الدولية التي تسمح باستضافة التظاهرات الرياضية الكونية، والحفاظ على هذا الموروت البنيوي والمعماري والرياضي يمر من وعينا جميعا كمغاربة بأن هذه الملاعب التي أنفق عليها الملايير من الدراهم لتكون بالصورة الجميلة التي عليها اليوم هي ملك لنا جميعا تحقق ما كنا نحلم به دائما، ما كنا نراه عند الآخرين في دول من قارات أخرى ونظنه بعيدا عنا، وتفرض فرض عين أن نستميت بكل التعبيرات الممكنة في حمياتها من كل أشكال التخريب.
لنتفق أنه إزاء هذا المجهود الخرافي الذي بذله المغرب منذ أن ضاعت منه فرصة تنظيم كأس العالم لسنة 2010 بعد قرار تنفيذية الفيفا بإسناده لجنوب إفريقيا، للإلتزام بكل تعهداته التي قدمها وقتذاك برغم عدم حصوله على شرف تنظيم الحدث الرياضي الأكثر كونية، لا يمكن قطعا أن نصدر للعالم صورتين متناقضتين، صورة بلد يسعى ملكه وحكومته إلى تأكيد صدقيته ومصداقيته لدى ضمير العالم، بالمضي رغم كل الإكراهات الإقتصادية التي يعيشها العالم وتضغط علينا كاقتصاد ناشئ، في بناء ملاعب من الجيل الجديد، وصورة شعب يتحدث عنه كشعب مشاغب ومخرب لمنشآته ولملاعبه ولتحفه الرياضية، لذلك هناك حاجة ماسة إلى إيجاد مقاربة عملية ترفع هذا التناقض بين الصورتين وتصادر كل توجه فردي أو جماعي إلى تخريب هذه الملاعب وتحول دون تصدير هذه الصورة السمجة، بخاصة وأن المغرب بكل الذي يفعله ويبادر إليه اليوم، من تطوير كل البنيات الرياضية ومن كل الأوراش المفتوحة على أكثر من صعيد لتحسين جودة المرافق الإيوائية والطرقية والمواصلاتية واللوجيستيكية يحضر نفسه فعلا لأن يكون في صورة متقدمة تشفع له بالتقدم مجددا لتنظيم كأس العالم لكرة القدم.
بالقطع لن أقف عند الذي أطلقه جوزيف بلاتر رئيس الفيفا من تصريحات وهو يلتقي السيد رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم فوزي لقجع، مشيدا أولا بالكفاءة العالية التي أظهرها المغرب عند تنظيمه للنسخة العاشرة لكأس العالم للأندية شهر دجنبر الأخير بمراكش وأكادير، وسعيدا ثانيا بالسرعة التى جرى بها تحيين مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط ليكون مستضيفا مع الملعب الكبير لمراكش للنسخة 11 لمونديال الأندية شهر دجنبر القادم، ومقتنعا ثالثا بأن المغرب مؤهل ليستضيف منافسات أكثر كونية من مونديال الأندية، ولكن سأتعداه إلى ما أبداه التقنيون الموفدون من الفيفا والكاف للمعاينة والتتبع من إقتناع بدرجة الإلتزام والدقة العاليتين التي بلغها المغاربة في إنجاز كل ما هو مطلوب، بشكل جعل بعضهم يقول بأن المغرب يبدي تجاوبا كبيرا مع كل الملاحظات التي تقدم له بل وأصبح يتمتع بخبرة كبيرة في إنجاز الملاعب التي يقال أنها من الجيل الجديد والمؤهلة لاحتضان تظاهرة من حجم كأس العالم.
وإذا ما كان التحيين الذي طال مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط قد ألحقه فعليا بملاعب مراكش، أكادير وطنجة المستوفية كلها للشروط المثبتة في دفتر تحملات الفيفا، فإنه مع إخضاع مركب محمد الخامس بالدار البيضاء للتحديث والعصرنة بميزانية تصل إلى ثلاثة ملايير سنتيم وفق ما نص عليه مخطط تنمية جهة الدار البيضاء الكبرى الذي أطلقه جلالة الملك قبل أيام، ومع وجود نية لتحديث وعصرنة ملعبي فاس ووجدة، فإن المغرب سيتوفر بعد سنتين من الآن على ترسانة بنيوية تضم سبعة ملاعب منتمية فعليا للجيل الجديد من الملاعب التي بمقدورها إستضافة كبريات التظاهرات الكروية العالمية، فإن الطريق ستصبح من دون شك معبدة أمام المغرب ليأمل تنظيم نظاهرات أكبر بكثير من مونديال الأندية ومن كأس إفريقيا للأمم، فما هو متوفر اليوم من ملاعب وما هو مخطط له في الأمد القريب، وما يقدمه المغرب عن نفسه لكل العالم من صور الإعتدال والحكمة في معالجة القضايا المجتمعية كبلد آمن ومصدر لمشروع مجتمعي وديموقراطي رائد وسط كل الدول ذات الإقتصاديات الناشئة، يجعل منه البلد المستحق بكل علامات ودرجات الإستحقاق لتنظيم كأس العالم لسنة 2026 بخاصة إن إقتنع العالم بقيمة وعدالة المداورة والتي تجعل المونديال يعود إلى إفريقيا بعد 16 سنة من تنظيمه لأول مرة بها، طبعا بعد أن يكون قد نظم بقارة أمريكا (البرازيل 2014) وبعد أن ينظم بقارة أوروبا (روسيا 2018) وبقارة أسيا (قطر 2022). 
هو رهان في صورة حلم، يحتاج إلى ترتيب وإلى جس للنبض وإلى عمل ديبلوماسي مضن، بخاصة وأن التصويت على البلد المنظم لكأس العالم بدء من نسخة 2026 سيكون بإشراك كل أعضاء الجمعية العمومية للفيفا وعددهم يفوق المائتين، وليس بالإقتصار فقط على أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا، وفي ذلك إشارة على أن قواعد اللعبة تغيرت بالكامل.
...................................................................................................................
غريب أن يكون مركز ومصدر أغلب الأسئلة التي ينقلها الزملاء الإعلاميون إلى اللاعبين والمدربين والمسيرين، أخبار تروج بشكل مثير في مواقع التواصل الإجتماعي نقلا عن بعض المواقع الإلكترونية التي لا تعرف لها هوية إعلامية ولا خط تحريري، ويكذبها من هم معنيون بها مباشرة بالإستغراب حينا وبالإستنكار والتنديد حينا آخر، ما يجعلنا في النهاية أمام كم هائل من الأخبار والتصريحات التي تشغل مساحات كبيرة في المشهد الإعلامي الوطني بمختلف أجناسه، كلها تكذيب لإشاعات يروج لها من دون وازع لا أخلاقي ولا مهني.
الأمر يفرض وجود نوع من الحصانة، ويفرض أيضا أن تلعب وسائل الإعلام التقليدية دورها في حماية المهنة من كل الذين تكالبوا عليها وروجوا لسلعهم البائدة وجعلوا المشهد الإعلامي الوطني مستعمرا من قبل كائنات إعلامية غريبة ومن مادة إعلامية لا تعمل إلا على خلق الفتنة والتشهير بالأعراض والتضحية بأخلاقيات مهنة الصحافة، ويفرض أيضا محاربة ما سقط فيه زملاء منتسبون للصحافة الرياضية من إزدواجية مؤسسة على تناقض سافر، فهم بوجه مهني مع صحفهم التي منها يقتاتون ويعيشون وبوجه مناقض لا مكان فيه للنزاهة الفكرية والمصداقية المهنية مع مواقع إلكترونية أحدثوها لغرض في أنفسهم طمعا في الربح السريع والشهرة الزائفة.