في الرياضة كما في السياسة لا توجد عداوة دائمة كما لا يوجد صديق دائم.. ولو أنهم في السياسة يتحدثون عن كلمة ثقيلة في الميزان عنوانها النفاق السياسي، وفي الرياضة يلبسونها لباسا خفيفا باسم الديبلوماسية الرياضية.
هناك طرف ثالث يلبس قناعا أكثر مكرا يبرر به ومن خلاله انقلابه المفاجئ على مبادئه، وهو قناع البراغماتية والميكيافيلية والغاية التي تبرر أكثر من وسيلة.
لقجع من النوع الثالث حتى لا أقول أنه منافق سياسي أو ديبلوماسي رياضي، فهو براغماتي وميكيافيلي ونفعي من خصلات الشعر حتى أخمص القدمين، ركب الوسيلة التي هي غايبي ليبلغ الغاية التي هي شط مونديال الأندية ويابسة الكان وبعدها يحلها ألف حلال.
يتوهم البعض ممن يركبهم جنون الحملات أن المتتبع لخطواتهم ذاكرته قصيرة أو مشروخة، لذلك يوزعون الوعود بسخاء أثناء حملات الترشيح، فيركبون على أنقاض وجثت من سبق ويعدون بقطع دابرهم من عروقه حتى أطرافه، ولقجع واحد من هؤلاء إن لم تخن الذاكرة وهو يروج لشعار ظل عالقا بثناياها «التغيير الراديكالي» وخص بالذكر أسماء في جلساته المكولسة واعدا بأن تصبح مجرد قطع من الماضي.
اليوم وبعد أن مضت كل هذه الفترة على ولاية ضابط أصفار الميزانية، يمكن أن نفتت صخر براغماتية لقجع والمدى الذي قطعه الجرار الذي ركبه كي يغير راديكاليا المشهد.
البرمجة والتحكيم التي خصها كومندو لقجع بجانب هام من اهتمامه أثناء الحملة الشهيرة، هما اليوم أسوأ من البارحة، اليوم نشاهد الحكم رضوان جيد يقود مباراة للوداد الأحد ويعود ليحكم للرجاء الأربعاء ثم يحكم للوداد الأحد فيتحول للرباط ليحكم للرجاء الأربعاء، ولعلها واحدة من النواذر المرافقة لفتوحات جامعة عينت نفس الحكم لمباراتي كلاسيكو في نفس المسابقة وهي كأس العرش، يحدث هذا على عهد حدقة وليس غايبي..
براءة أحمد غايبي الذي يدين له لقجع وبعض حوارييه من هاجموه بالتيفو واستغلوا مدرجات المكانة ليرسموا له بورتريات ساخرة رفقة أكرم، وليدغدغوا وترا حساسا للناقمين على تجربة الفهري، بعد أن روجوا لحكايات حولت غايبي هذا لأسطورة وسوقته في صورة حاكم جامعة الفهري ورجلها القوي والكل في الكل، بل وحملت المسكين ما لا يطيق بعد أن اجتهد كثيرا فلا هو نال أجر المجتهد ولا الحاقدين عليه اعترفوا له بالكفاءة..
هذه البراءة تبرز حين نستحضر برمجة جودار الكارثية وتقسيم المباريات وقت الظهيرة دون إغفال فارق الساعة المضاف للتوقيت المغربي، والذي يجعل من مباريات الواحدة ظهرا بملعب خنيفرة أقرب من وصلة جحيم وانتحار كبير.
وبجانب برمجة البطولة تحضر برمجة الكأس الفضية وفتاوي رؤساء حاكمون ومقربون من لقجع بفرض نظام الذهاب والإياب، دون أن يشركوا لا الفرق ولا المدربين في التصويت على القرار بما تفرضه قيم الديموقراطية، وكل ذلك كي تضمن الفرق الغليظة والقوية مرورا للنهائي وتحضر البروتوكول الموعود اعتقادا منها وهي تحسب حسبتها أنها إن أضاعت المباريات خارج ملعبها ستفترس الخصم داخل الديار، وفي الأخير خلص هؤلاء لحقيقة مرة وهي إقصاؤهم المبكر و«اللي كيحسب وحده كيشيط ليه».
الماص تتأهل للربع وسبعة فرق لم تلعب الثمن، وبعدها سبعة فرق تتأهل للربع وفريقان يلعبان الثمن بالخميسات، وهلم شرا من بدع لا تحضر فيها بصمة غايبي جسر عبور البعض للشهرة وباقي المآرب الأخرى.
نفس غايبي تابعناه والكاميرا ترصده حيويا ديناميا كعادته بسويسرا مرفوقا بالكمبيوتر، حيث يحتفظ الرجل بالكثير من الأسرار  والتقارير، وهو نفسه غايبي الذي ناب عن لقجع في تلاوة تقرير كرم الضيافة واستعداد المغرب لتنظيم «كان» نموذجي ودائما بدقة الأرقام والبيانات العلمية، وهو نفسه الذي يرافق وفدي الكاف والفيفا عند كل زيارة للمغرب.
المفروض اليوم على لقجع وجامعته أن تخرج أحمد غايبي من العتمة، وأن يشتغل في مساحات الضوء لأن ذاكرة الذين وعدهم الرئيس الحالي بتغييب غايبي كما غيب كريم العالم لن تصاب بالصدأ ولن تطالها الرطوبة، ولا يوجد ما يضر إن اعترف للرجل بالمقدرة والكفاءة وعلى أنه صالح للزمان والمكان.
تعرفنا على مقروف بقبعاته الثلاث ناطقا ومديرا ومستشارا، وسيكون فضيلة أن يقود الإعتراف بالحق رئيس الجامعة، بأن يؤكد أن غايبي هو أيضا مستشاره الذي يثق فيه ويشتغل أكثر مما يشتغل بعض نوابه.
غايبي الذي عبر في السابق عن زهده في منصب الكاتب العام، يشبه وضعه اليوم وضع شقائق النعمان التي تنبث وتتفتح أكثر في الظل والعتمة..