تلميذ كسول تأخر عن التحصيل ولم يحفظ دروسه كما يجب، وفجأة يخبرونه أن المفتش قرر تأجيل الإمتحان لشهور إضافية، فيواصل النوم كي يفوز مع باقي النوام ويمد رجليه طويلا حتى يحين موعد الإمتحان الجديد الذي يعز فيه أو يهان.
أو تلميذ مجتهد سهر الليالي وكثف من دروس التقوية والتمارين الليلية، ليجد الحلول لكل المعادلات الجبرية واللوغاريتمات، وفجأة يطالعونه بخبر تأجيل الإختبار وسيكون عليه أن يعيد السنة بالعبارة الشهيرة «يكرر» وهو الذي كان على موعد مع النجاح والعمارية ويرفع على الأكتاف..
وإن نحن تركنا التلميذين جانبا وعرجنا على صاحب العرس الذي يهيء قاعة الحفل ويتعاقد مع الأركسترا التي ستواكب الزفة وكعكة الختام، ويأتيه في نهاية المطاف من يخبره أن حدادا سيعلن لينكس أعلام الزفة والفرح، فإننا بكل تأكيد سنخلص للشيزوفرينيا التي ستركب كل هذه الأطراف وللإنفصام الكبير الذي سيطال أفكارها.
تتغير الأحلام لتصبح كوابيس، وتتعكر الطموحات بلون الهواجس، ويرتفع مؤشر الإرتباك ليصل مداه، تلك حالة لا يحسد عليها بكل تأكيد صاحبها.
بلاغات وزارة الشباب والرياضة خلال آخر سنتين لوحدها حكاية، فعلها سابقا هذا البلاغ مع علي الفاسي الفهري فقلب عليه طاولة جمع عام أعد العدة لنجاحه، بعدما تعاقد مع ممون حفلات لتأمين سحور ضيوفه شهر رمضان، فإذا به ينكد عليه صومه وقيامه ويفرض عليه إذاعة بلاغ عجز من خلاله علي الكرة وريحها الملوث.
هذه المرة السيد أوزين ودون أن يرش بلاغه بقليل من الملح، فلا هو انتظر مرور قرعة مونديال الأندية ليصعق به الجميع، ولا هو مهد له بتسخينات أولية، ليفجره بوجه الجميع من دون أن يعملوا له حسابا.
تعجبني كثيرا قراءات الخبثاء الذين يتقمصون دور الشيطان ليبحثوا في التفاصيل، فمنهم من قال أن المسكينة «إيبولا» بريئة، والخفي الأعظم من وراء «هاد القنيبيلة» ستكشف عنه قادم الأيام، في سياق استمرار سياسة القبضة الحديدية وكسر العظام بين الوزارة والجامعة.
ضربة الوزير بحسب نفس القراءة فيها أكثر من غاية، وأكثرها جلاء هو أن يظهر لقجع في صورة مقزمة كآخر العارفين أو «المعاودين ليهم» فقط، بما أن لقجع أوفد غايبي قبل أسبوع لإثيوبيا وقدم عرضا نظريا أمام حياتو وفريقه، رحب بهم وأبدى له استعداد المغرب وجامعة كرة القدم لإنجاح (الكان)، دون أن يتحدث لا عن «إيبولا» ولا عن «حكة» وباقي الأسقام.
«مفيدوش» هي الرسالة التي مررها أوزين لغريمه، ليقول له أنه مهما متعت (الفيفا) و(الكاف) جامعات كرة القدم بمختلف البلدان بحصانتها، إلا أن يدها طويلة وقرارتها أقدر على الإمتداد لشريانها، وإلا لأخبره وهو يصوغ بلاغ التأجيل مباشرة بعد عودته من البرلمان كي لا يظهر في فندق المانونية بمراكش مثل الأطرش فالزفة.
نفس القراءة الخبيثة قالت أن وزير الشباب والرياضة هو من اختار التوقيت والتايمينغ المناسبين لقراره، ليتحول لنجم و«سطار» ليلة قرعة مونديال الأندية ويسرق الأضواء من البقية التي رحلت لإثيوبيا، خاصة غايبي الذي لا يحفظ له السيد الوزير كثيرا من الذكريات الطيبة حين كان الإثنان يتبارزان ساعات طويلة لتنقيح القانون الأساسي للجامعة والذي جرى عرضه على (الفيفا) للتصديق عليه.
لا أرغب في تبني طرح أن «إيبولا» حق أريد به باطل، ولن أشكك على الإطلاق في صدق نوايا أوزين وحرصه على سلامة البلد، لكن الكثير من الروائح الزكية تنبعث من طريقة القرار وتوقيته وحتى صيغة تبنيه.
ما يهمني داخل كل هذه الدوامة، بجانب مبدأ الوقاية التي هي خير من ألف علاج كما قال الوزير، هو الـمنتخب الوطني ولاعبوه وحالة الإهتزاز النفسي التي خلفها البلاغ داخل صفوفهم وهم بمراكش، يتأهبون لمباراة كينيا.
الحسم السريع في نازلة طلب التأجيل مهمة جدا، لأنه غدا لا قدر الله وفشل الزاكي في الإمتحان، سيجد هو والجامعة ألف مبرر ليحدثونا بتأثر تركيزهم  بسبب بلاغ الوزير.
بصدق أن لا يكون «إيبولا» القنبلة التي أراد السيد أوزين تفجيرها لغايات مقصودة فتعود لتنفجر بين يديه، لأنه لو رفضت (الكاف) طلبه وفرضت التنظيم سيكون حرج ما بعده حرج..
فأغلب الفيروسات كما يحدثنا الطب لا تداويها إلا فيروسات مضادة ؟؟