في الوقت الذي كان فيه فوزي لقجع يشرح لإخواننا العرب في رياض السعودية، حقيقة انتماء المغرب الإفريقي رغم كونه يحمل جواز سفر عربي، مبديا إعتذاره اللبق للسركال الإماراتي الذي حاول أن ينصر عزيز قوم ذل في قارته، إذ رحب بدخولنا كرة البترو - دولار الخليجية والمخملية، كان حياتو قد جيش خلفه في أقصى الجنوب فيلقا من اتحادات دول تتقاسم اللغة واللون وحتى العداء الدفين للمملكة الشريفة، ليعلنوا مقاطعتهم لمنتوجنا المونديالي في تهميد خطير لمقاطعة أخرى بشرتنا بها «كوسافا».
في نفس اليوم الذي كان لقجع يستعير مدلول العمق الإفريقي التي أرسى دعاماتها عاهل البلاد بمبادراته الكريمة التي تعدت الخيال وحققت ما لم تحققه ديبلوماسية السفارات، بأن أصبح للمغرب مركزا ثقلا في عمق قارته السمراء وكاسبا نقاطا على محور التحالفات، كان حياتو قد أرسل رسالاته المشفرة للأنغلوفونيين لنصرته ظالما أو ناقما..
رسالته هاته كان قد وجهها من فرنسا، حيث كان يصفي دمه ومعها يصفي حساباته مع الوزير، بتأكيده عدم اقتناعه بطرح «إيبولا»، وهو ما يعتبر خرقا سافرا وعدم احترامه أو حتى تقديره لقناعات بلد عرض أطروحته بخصوص طلب التأجيل وليس التملص من التنظيم كما يصر شيخ العرافين الأفارقة على الترويج لها أينما حل وارتحل.
وحين أقول أن حياتو هو من هيج «كوسافا» فلأنه كان أول الرافضين لحضور افتتاح مونديال الأندية قبل أن يعدل عن قراره بعدما ورط «كوسافا» على مستوى القرار، ولأنه  لم يقم كبير وزن لمبررات المغرب ووصفها بالواهية والتافهة، والتي لا تليق بمقام معرضه الذي يغرف منه كل سنتين ملايين الدولارات التي يغنمها من وراء تعاقدات تمثل علبة سوداء داخل الكاف، التي لا يوجد للأسف بلاتيني أو بيكنباور بهذا الجهاز ليعريها كما تمت تعرية بلاطير في كتاب «الورقة الحمراء».
كبير القوم يرفض الحضور إذن لمونديال الأندية، ويصر على مقاطعة المغرب كرويا وتنظيميا لأننا قبلنا باستقبال الإسبان والأرجنتينيين والمكسيك ورفضنا استقبال السرب الإفريقي الموالي له، فيما يعتبره وصمة عار ولم يشأ أن يكشف الغطاء عن وصفها عنصرية كما يصور له خياله الواسع.
ولأن أفارقة الجنوب دأبوا على التصفيق لحياتو والتهليل لفتوحاته، واعتبار ما يقول ويصرح به فتاوي مقدسة، فقد عزفت «كوسافا» وما أدراك ما كوسافا  التي حضرت بعض منتخباتها لأكادير وعاد وفدها لبلاده وقد سرق بعض لاعبيها مناديل الفندق الذي أقاموا به، عزفوا على وتر المقاطعة سيرا على هدي العراب وقائد الأوركسترا.
«كوسافا» إذن رمت بالسي لقجع لـ «أورجو» واضح لا غبار عليه كما كان يردد الحكم الزياني، لأنه في الوقت الذي صمت الرئيس البرتقالي دهرا، نطق في الأخير لغوا بانتصاره لعمق إفريقي يرفضه المتحدثون بالأنجليزية وردوا على عمقه المنشود بمقاطعة تلخص الكثير من الواضحات المفضحات في معركة الكان الأخيرة المثيرة في فصولها.
حياتو الذي طالما غلبه النوم وهو يتابع افتتاحيات كبريات التظاهرات الكروية العالمية في رصد تكرر أمام كاميرات تلفزيونات العالم ويشهد عليه «اليوتوب» في كثير من المقاطع، فاتته اللازمة الشهيرة التي تسبق كل المواعيد الكبيرة والتي تتحدث عن شعارين، واحد يناهض العنصرية والثاني يناصر «الفير- بلاي» وقيم الروح الرياضية.
للأسف رئيس الكاف لم يتحل بالروح الرياضية اللازمة حين أرغد وأزبد وخرج من رونضته وهو المعروف بهدوئه ونومه، بأن انطلق لسانه لصحافة فرنسا، تارة يتوعد من يسعى لهدم ما بناه داخل الكاف على امتداد كل السنوات التي قضاها رئيسا للجهاز وكأنه لا يوجد في كل هذه القارة من هو أجدر بخلافته، في تجسيد مختصر لقيم الديموقراطية والتناوب داخل هذا الصرح الذي تورد فيه الإبل على الطريقة العيساوية..
وتارة أخرى بوصفه تبريرات المغرب بالواهية ورفضه الحضور لمونديال الأندية، لا لشيء سوى لأن الجماهير المغربية والسوسية أرسلت له شعارات حضارية في مبارتي الفريق الوطني تناصر فيها حكومتها صائبة أم خائبة؟
في مدريد حيث وصفت جماهير الريال بلاتير بالديكتاتور والغبي وهو ينتقد ملهمها البرتغالي رونالدو، حضر شرطي الكرة العالمية لبرنابيو ولم ينتقد جماهير الملكي التي  سلخته «سليخ المعزي»، حين طالب بتجريد رونالدو من شرعية الكرة الذهبية، بل احترم حرية تعبيرها وقبل باللعبة كما هي وعاد ليعتذر لاحقا للدون وللملكي.
بقارتنا التي تهرول كل مرة للخلف، الفير - بلاي مجرد شعار من شعارات الكاف التي تزين بها دخلات المباريات الرسمية وتجعلها من مقبلت فتح الشهية.
أليس هي من شهدت مؤخرا على مهزلة كروية ماسخة وكبيرة بأبيدجان كان بطلها منتخب بلاده الكاميرون والذي تواطأ لسخرية القدر أمام أنظار الحكم المغربي بوشعيب لحرش في لعب سلبي بعيد عن قيم التنافس الشريف مع منتخب كوت ديفوار، ليمرا الإثنان لكان مالابو دون أن يتخذ الشيخ الكاميروني قرارا جريئا ضد المنتخبين.
وفي قارته يعاقب منتخب يزور بطاقة لاعب بالإقصاء ويعود ليعلن الشيخ فتوى جواز حضوره الكان في خرق سافر لمواثيق القانون الذي يوضع تحت النعال لتنتصر المصالح التجارية.
وفي قارته يقذف منتخب بالرصاص الحي فيموت لاعب من لاعبيه ومن منطلق الحداد يعتذر صقور الطوغو عن المشاركة بالكان، فيشهر الرئيس سيف العقاب غير عابئ بالأسباب والمشاعر..؟
وفي قارته تقاطع نيجيريا منتوجه فيقرر معاقبتها بالحرمان من نعيم الكان لنسخة لاحقة، وبعدها يعود ليمنحها شرف احتضان التي تليها دون تفسير وجيه للبدعة ولإختراعه العجيب الذي انحنى أمام جبروت الصفقات السرية؟
وفي قارته أيضا وهذا ملخص كل كلام، تهوى حجرة بئيسة وطائشة على رأس هداف يحمل جنسية الشيخ فيرحل الهداف مغادرا هذه الدنيا ببلاد نائبه وواحد من صقور تنفيذيته، فلا يصادر العراب الكرة بهذا البلد ولا هو جمد نشاطها ولا حتى أفتى بحتمية أداء الكفارة؟
رسالة «كوسافا» إذن هي مظهر من مظاهر قصاص الشيخ الذي يؤمن أن شرف «الكاف» الرفيع لا يسلم من الأذى حتى تراق على جوانبه المقاطعة؟