لم يسبق وأن كان الفريق الوطني رخيصا ومصدر تأفف، بمثل الشكل الذي أصبح عليه اليوم، بعد أن كان بالماضي مصدر عز وعزة وحجز مكان بداخله كان يتطلب من اللاعبين والمدربين «الفياق بكري».

اليوم شاهدنا كيف أن مدربا مثل فيربيك رفض تدريب الفريق الوطني، وكيف أن الترقاع هو سيد الموقف، وكيف أصبح اللاعبون ينظرون لعرين الأسود، وتهديدهم بعدم القدوم مستقبلا وتلبية دعوة الناخب الوطني إذا لم يستقم الحال ويتغير.

رسالة المدافع المهدي بنعطية تميط اللثام عن الواقع المريض للمنتخب المغربي، تكشف إلى أي حد لم يعد اللعب للأسود مصدر متعة وفخر، وكيف بات اللاعب المحترف على وجه الخصوص ينظر لقدومه كلما وجهت له الدعوة على أنه عبء ثقيل على كتفيه.

ما كشف عنه بنعطية هو لسان حال أكثر من لاعب، وهو ملخص لحجم الإحباط ولدرجة القهر التي أصبح يشعر بها اللاعبون بفعل استنساخ الفشل وإدمان الإخفاقات وخيبات الأمل، وهو حصاد لريح زرعتها الجامعة فكان من الطبيعي أن تجني العاصفة، والعاصفة هي موقف بنعطية الذي يشبه الفيروس وغدا قد يمتد لباقي اللاعبين فيرفعون الفيطو في وجه كل دعوة تصلهم في المباريات الرسمية والودية.

في الماضي كان اللاعبون يوجهون عبر مانشيطات الصحف رسالاتهم بالواضح ودون تشفير ويعلنونها عريضة «اللعب للمنتخب المغربي هو سدرة المنتهى والحلم الكبير»، واليوم أصبح هذا الشرف مصدر شعور بالغبن، الشيء الذي دفع بنعطية ليوجه رسالته لمن يهمهم الأمر، على أنه قد لا يجد حرجا في البقاء بكهوف ذئاب روما إذا لم ينصلح حال الأسود المريضة هنا.

وحين ينطق لاعب يشغل دور القائد داخل المجموعة والعميد المفروض أن يحمل معه لباقي اللاعبين رسائل لشحذ الهمم ورفع الهامة، بهذا المنطق البئيس والذي يعكس درجة اليأس التي وصلها اللاعبون بسبب التدبير الأرعن والمقاربات المصلحية لورش المنتخب المغربي فهنا لا يسع المتتبع إلا أن يضع يده على قلبه خوفا من مصير مجهول آخر ينتظر الأسود.

التحية الإيطالية التي حاول بنعطية أن يوصلها لرجال الجامعة هو أن يكفوا عن حالة الهدر التي مارسوها وما يزالوا بحق الفريق الوطني، هو أن يطلقوا سراحه ويتجردوا من أناتهم الطاغية التي دمرت كل شيء داخل هذا الفريق، وأن يتحلوا بقيم المواطنة وعكس إرادة ونبض الجمهور والشارع والشعب المغربي بأن يشاهد منتخب بلاده في القمة وحاضرا ببوديوم الكان القادم بعد أقل من سنة من الآن.

بنعطية لم يلعب دور المحرض وهو يدق جرس الإنذار، بل اكتفى بالتلميح الذي قد يفيد من يفهمون بالغمزة، وهو ميساج من لاعب أصبحت عالمته حديث القاصي والداني ولا يريد أن يقامر بها لأجل هوى ونزوة مسيرين لا رابط بينهم وبين المنتخب المغربي غير المصلحة الخاصة وباقي المآرب الأخرى.

لذلك تلخص تحية بنعطية لرجال القرار داخل الجامعة في سطرين لا غير وهما كالتالي:

رجاء كفوا عن مهازل التدبير المريض لبيت المنتخب المغربي، لا تجعلوا الجمهور يقنط من رحمة الله ولا تهيجوا الإعلام عليكم في الفترة القادمة وامنحوا اللاعبين هامشا كي يثقوا في أدائكم وكي لا يرفعوا في وجهكم الفيطو الذي قد يجعل عرين الأسود خال على عروشه فتنعقوا فيه وحدكم مع الغربان.. وقد أعذر بنعطية فأنذر..