لعنة أم قدر، سخرية أم مصادفة، لا فرق بين الوصف والتوصيف ولا فرق بين النعت والمنعوت ما دام المصير واحد والنهاية متشابهة، وتفاصيل النكبة لا تختلف عن نعجة «دولي» في تجليات التجربة والإستنساخ.
ليست قبلية ولا هو تقسيم طوبوغرافي لخريطة الكرة، بل هي حالة فريدة من نوعا وظاهرة صحية لا تتكرر كثيرا وناذرة الحدوث.
الركراكي ابن سيدي قاسم يخسر دزينة مباريات، ويعانده الإنتصار، ليتقدم صوب أوعبا فقيه الكرة الخنيفيرية ومفتي خطط فريقها، فيعلن له أنه لم يعد قادرا على تحمل الضغط ويرغب في ترك الجمل بما حمل.
الطوسي ابن سيدي قاسم أيضا، منذ لعن الصحفيين واللعنة تطارده، ومنذ تحدث عن «المرايقية» غابت المرقة عن صحن مبارياته، فلا هو انتصر ولا فريقه تجنب بطش الجامعة، ليتقدم هو الآخر عند مسؤولي الفريق ويطالب إعفاءه بسبب ارتفاع الضغط النفسي وضغط الدم، ليقرر ترك القلعة بعد أن ينال نصيبه من «الضلعة».
وأخيرا العامري كبير القوم وعراب أبناء « ليصانص ألف» من سيدي قاسم، يتيه في صحراء العالمية، فلا هو تذكر مشية الحمامة ولا الغراب بقي غرابا، لينسى الرجل «تيكا - تاكا» ويغوص في خطة بلا هوية ويغادر المونديال دون أن يمني النفس بلقاء أنشيلوتي، فيقرر الرجل هو الآخر لقاء أبرون ليعتذر له عن عدم القدرة على تحمل الضغط، فيترك تطوان وغلة تطوان ليرحل.
أليس ما حدث مع أبناء سيدي قاسم تباعا خلال خريفهم الغاصب هذا، فيه سخرية بالجملة ودروس بالتقسيط؟
هل تعثر الحظ على درج الثلاثة دفعة واحدة طيلة شهر ونصف، فلم يفوزوا بالبطولة ليودعوا تباعا بنفس الأسبوع وبنفس الطريقة؟
وأخيرا هل لخروج أبناء الغرب من المولد بلا حمص والموسم لم ينتصف بعد، علاقة بواقع آخر غير الحظ والكرة ومزاج الرؤساء المعكر؟
لا هو التقليل من قيمة الركراكي والطوسي والعامري، ولا تنقيصا من كفاءتهم ولا هي حتى الشماتة في مآلهم الحزين ونهايتهم التراجيدية، التي جعلتهم مبنيون جميعهم للماضي الناقص.
هو فقط تشريح لظاهرة ولحالة لربما ترتبط بعلم الفلك والنجوم ولها صلة بخفايا وغيبيات قد لا يكون لها رابط بالتعادل والهزيمة والإنتصار، وإنما ترتبط بسوء تدبير مرحلة زهو، ومرحلة «تبوريدة» عاشها الثلاثي فأخطأوا جميعهم وهم يمارسون سطوتهم ويعيشون زمنهم الذهبي تقدير الأمور، ليخلصوا لاحقا لحقيقة مؤلمة وهي «اللي طلع ينزل واللي سمن يهزل».
قبل 3 سنوات كان الطوسي فارس زمانه، لدرجة أن هناك من شبهه بالطاووس الذي يفرد ريشه ومعجب بذيله، دون أن يعمل حساب للقادم، فكانت خطيئة عمره أنه قبل التعاقد من دون شروط مع جامعة الفهري فكان لا بد لدخوله المائل هذا لخيمة الأسود، من أن يقابله سقوط على الجبهة، طالما أنه لم يستحضر دروس من مر قبله من مدربين مغاربة حرقهم بيت الـمنتخب الوطني تباعا، من المرحومين العماري وبليندة الذي غادرنا وفي حلقه غصة، ومرورا بالناصيري الذي كره الكرة ومشتقاتها فاللوزاني وحتى الزاكي عاش 10 سنوات من العزلة والهواجس قبل أن يعود بصوت الشعب.
خلال نفس الفترة لم يكن أحد ليجرؤ لصد غارات العامري، حين طالب بأن يجعل من فلسفته التدريبية مرجعا يدرس، وعاد ليصف مورينيو وأنشيلوتي بــ «الزركين».
يومها كان العامري هو الآخر مزهوا بسلطان النتائج وصولجان درعين حملا الحمامة لتحلق في العالي، دون أن يدرك أن البقاء بالقمة أصعب من بلوغها.
ثالث الثلاثة ليس سوى الركراكي الذي غبطه حتى لا نقول حسده الكثير من رفاق القبيلة، على كونه لم يركن للعطالة والبطالة طوال هذه الفترة، من وجدة للحسيمة ومن الحسيمة لخنيفرة وما كان يترك فريقا حتى كان يجد الثاني بانتظاره، دون أن يلتقط هذا الشاب أنفاسه ولا دعاه لخلوة شرعية وفترة «رسيكلاج» لتعزز الرصيد وتصحيح المفاهيم.
كان لا بد للركراكي أن يلقي مصير صياد النعام، وهو يقبل على كل الوجبات وبشراهة دون أن يخضع لحمية حين يترك فريقا يقيله أو يستقيل منه.
ما يحدث مع أبناء سيدي قاسم ومع المرتبطين بشأن الكرة بهذه البلدة التي أنجبت صناديد يشهد التاريخ على صولاتهم بالكرة، شيء غريب فعلا.
المهداوي طاردته لعنة (الفيفا) فلا هو دخل الجامعة من البوابة التي راهن عليها يوم نصب نفسه محاميا بعصبة الغرب، ولا هو قاد حفار القبور القاسمي لتحقيق الصعود.
عبد الرزاق السبتي بدوره وهو ابن سيدي قاسم إختفى منذ فترة وعلق التسيير، ويظهر فقط في الجموع العامة الخاصة جدا لفريقه.
وحده الزاكي أفلت بجلده، ولو أنه هو الآخر كاد يقترب من نفس المصير لو لم يحضر الوزير أوزين بفتواه في الوقت المناسب، ليدين ابن سيدي قاسم الذي يقود الـمنتخب الوطني لــ «إيبولا» التي جنبته «الشوماج» وإن كانت قد حكمت عليه بعطالة يملك سر فترتها حياتو وحاشيته.