مسكين بالفعل محمد أوزين بعد أن انتهى مساره ولو في صيغته المجمدة و المؤقتة بسبب «كراطة وجفاف»، وبئس الخاتمة والنهاية حين تكون بهذا الشكل البشع، لأن الفرسان يعشقون عادة لأن يلقوا حتفهم على صهوة جواد يبارزون من هو أشد منه قوة «فاص آفاص» وليس بهكذا شكل.
مسكين أيضا هذا الوزير لأنه في نفس الفترة من السنة المنصرمة وفي نفس التظاهرة التي أدخلته هذه المرة «الثلاجة»، كان حاضرا بصولاته بين أكادير ومراكش مرافقا لبلاتير الذي قال أنه يشبهه كثيرا و«تبورد» كما شاء.
وختاما مسكين أوزين الحركي والدينامي، والذي تحكم تصريحاته وخرجاته وحتى كثير من تصرفاته، سليقة لم تجد لها مريدين كثر بالفيسبوك ومشتقاته، فانهالوا عليه القصف وأبدعوا تصويره افتراضيا كما شاؤوا، بل أن هناك من بالغ في «التجفيف» به نكاية في تجفيف عشب ملعب الرباط بتلك الطريقة المبتذلة.
يقولون كما «تدين تدان» وبمقصورات ملعب مراكش حين كان قطار ريال مدريد يدهس سان لورنزو، طغت النميمة والوشوشات وكان محمد أوزين الغائب عن الحفل الختامي  نجم الأمسية والنقاشات.
بين الشامتين والذين أكدوا أن أوزين شرب من نفس الكأس التي أذاقها للفهري يوم فرض عليه أن يتوارى عن الأنظار ليكون هو بطل الحضور طوال المسابقة، فانتقم له لقجع الذي صبر ونال جزاء الصابرين بأن حضر في التوقيت والمكان المناسبين.
وبين الذين حملوا الوزير ما لا يطيق وأكثر ما يستحقه، يجدر اليوم أن تحضر الحكمة والكياسة والحلم في التعاطي مع وضع من كان عزيزا فذل..
لا للمشي على الجثث من شيم الفرسان ولا الضرب في الميت من خصال النبلاء، لذلك يبدو اليوم مشهد السلخانة التي تنال من الوزير الذي لم يصدر في حقه حكم بعد، وهو بريئ إلا أن يثبت العكس، والعكس يثبته المحققون وأصحاب الإختصاص وليس من يمارسون مشانقهم في الساحات العمومية ويحكمون بحكمهم الإفتراضي بالفيسبوك..
حكمة القرار الملكي بتجميد صلاحيات أوزين المونديالية أسيء تقديرها من طرف البعض، لكونها حكمة انطوت على بعد نظر كبير بتجنيب الرجل سماع موشحات الإساءة والقدح والتشهير التي صمت آذانه بحضور بلاتير وبلاتيني في مباراة النصف، كي لا تصاب مباراة احتفالية باحتقان يفوق الإحتقان الذي سدر مجاري ملعب الرباط فتحول لمستنقع.
في السياسة كما في بعض العلاقات الإنسانية المجبولة على النفاق ما لم يغير الله ما بالقوم، لا توجد صداقات دائمة كما لا توجد عداوات أزلية.. لذلك يفهم الضالعون في هذه السياسة أبعاد هذه الديبلوماسية الناعمة أكثر من فيلاهم فلا يبالغون في تهويل الأمور ولا التشهير بالأعراض كما هو حال الوزير للأسف اليوم المعروض غسيله على كثير من الأسلاك.
صحيح أن المحاسبة المقترنة بالمسؤولية لم ترحم أوزين، وجعلته على رأس قائمة من تحملوا فضيحة ملعب هو من بالغ في عرض بياناته وقدراته والشكل السوريالي الذي سيظهر عليه، لكن ذات المحاسبة يجب أن تكون عادلة غير خاضعة لمكيال الضرب من تحت الحزام وتصفية الحسابات السياساوية التي تلبسه الحق المراد به باطلا.
حضر بلاتير لمراكش ودعا من دعا لحفل عشاء أقامه على شرف الحضور، ولم يغرد بدوره خارج سرب الشامتين، حين أمعن في «قليان السم» للوزير المغلوب على أمره وأضاف قطرات من الشمع لجلده، وهو يشيد بفوزي لقجع وبدوره في إنقاذ ما يمكن إنقاذه حين حول مباريات الدورة من الرباط صوب مراكش بسلاسة ودون مشاكل تذكر.
بلاتير الكاره للحكوميين وللساسة قال لحوارييه ومن تحلقوا حوله أنه يشعر بارتياح أكبر حين يكون بحضرة تجمعات لا يحضره السياسيون، في إشارة مسمومة وإيحاءة خبيثة لغياب أوزين الذي تلقى قبل الحفل بـ 24 ساعة إشارات تلزمه بالبقاء ببيته.
ليست البرك المائية ولا مستنقع الوحل الذي غمر الملعب هو من جمد أوزين في هذا الجو البارد أصلا، طريقة تجفيف الملعب والتي لو عرضت على مجانين ملازمين لجناح حمقى بمستشفى من المستشفيات ما قبلوا الإقدام على هذه الخطوة، هي التي كانت سببا في جعله مصدرا للسخرية وواجهة لإبداع قفشات نهاية السنة.
لذلك يبدو من شيم الحلم والعفو عند المقدرة أو حتى رحمة عزيز القوم الذي يذل على حين غرة، أن يراجع البعض ممن نصبوا المشانق في طريق الوزير أوزين أن يعدلوا عن بعض من اندفاعهم هذا.
صحيح أن أوزين جيش ضده فلولا معارضة بسبب خرجات وتصريحات وثقة في النفس زادت في بعض الفترات عن حدود المعقول، لكن هذا لا يتيح تبرير بعضا من الخروج الفاضح عن نص السلخ الذي فاق كل الحدود الممكنة.
تقديري كبير للزميل مصطفى بدري الذي كان أول من همس في أذن الوزير وحذره من  أن «تنطفئ بولته» يوما ما فيغرق في ظلام دامس، فلا يجد دليلا ولا بوصلة تخرجه من سردابه القاتم هذا.
تقديري أكبر للأستاذ بدري الذي حذر الوزير من الحاشية والبطانة المحيطة به والمفتقدة لأدبيات التوجيه، فخالف الرأي ليسقط في فخ استشارات غلطته وجنت عليه ببلاغات رديئة وكسولة مفتقدة للحبكة والربط الرصينين.
وختاما تقديري أكبر من الأول والثاني لمدير التحرير مصطفى بدري، والذي حاول البعض أن يصوروه على رأس خانة الطابور الخامس حين نادى بعقلانية التعامل مع الكاف وقرارات الكاف التي لا ترحم، وأرشد الوزير لخارطة وعكاز طريق يتكئ عليه ليخرج من ورطة «إيبولا» خروجا مشرفا فنال جزاء سنمار.
بدري لم يخرج ليعفس على الوزير و لم يستحضر زلاته وما أكثرها ولم يمارس مقاصله بحقه بل تعامل بـ «كم حاجة قضيناها بتركها» مرددا شعار «اللي غلب يعف».