تفنن الويلزي جون توشاك وعلى امتداد 4 أشهر كاملة، وهي المدة التي قضاها بين شعب الوداد و مسؤوليه وإدارته في تقديم الكثير من الدروس المجانية التي ظل رئيس الفريق سعيد الناصيري يتعامل معها باستخفاف تسبب له في حرج بالغ.
دروس توشاك تشبه وصلات محو الأمية لكثرة ما كررها المدرب ولم يستوعب إيحاءاتها عراب الحمراء الجديد، وجعلت دخلة الناصيري  لرحاب التسيير لا تختلف عن «دخلة العرايش» الشهيرة.
يمثل توشاك في اعتقادي المتواضع إضافة كبيرة للمشهد الكروي بالمغرب، ولا أحد من عباقرة هذا الزمان بإمكانه أن يقنعنا اليوم والوداد يسترد هويته التي ضاعت زمنا بفعل أكثر من فاعل، أن هذا المدرب الويلزي غبي أو فاشل أو حتى سيء في أخف الأوصاف وقاحة، ويسفه ما قام به من إصلاحات..
قامة المدرب الباسقة جدا في عالم التدريب ومروره الموثق من أعظم أندية الكون نادي ريال مدريد، وإشرافه على لاعبين من طراز ثقيل جدا في ميزان النجومية وبورصة القيم بالسوق، يرد على كل الهرج المثار حاليا بخصوص كفاءة الرجل و يصفع بعض المتفيقهين الذين أصبحوا يفهمون في الخطة والتكتيك مثل ما يفهمون في العير والنفير..
منطق الشكارة الذي غلط الكثير من رؤساء الفرق المغربية ومن بينهم الوداد، على أنه من الممكن أن يشق أمام البحر لنصفين ويجعل رقاب المدربين طوعا ليمينهم، لم ينفع مع عناد توشاك.
الناصيري اليوم في ورطة حقيقية لكثرة الصفعات التي تلقاها برقة وليونة على قفاه من هذا المدرب الويلزي، ويكفي أن نستحضر الكثير من الزلات التي تكشف أن الطريقة التي يورد من خلالها رئيس الوداد الإبل لا تتناغم وفكر احترافي ومنهج تربى عليه هذا المدرب في أكبر المدارس الكروية التي تدرج وعبر منها.
بداية الموسم الحالي جمع الناصيري سلعة الصيف في سلة كبيرة وحملها لمركب الوداد، في محاولة لتقديم مهر خلافة أكرم وإغواء أنصاره الذين هالهم ما فعله الغريم الأخضر وهو يكتسح سوق التعاقدات، دون أن يتوقع الرئيس الأحمر أن بضاعته هاته ستصاب بالكساد وستبور بسبب قناعات مدرب يؤمن أنه هو من يختار اللاعب وهو من يضع مقاييس جودته وهو من يحدد معايير الكومندو الذي سيرافقه.
جلب الناصيري أصوفي والشافني وإد عبد الحي وأعراب والأرجنتيني النكرة غوستافو، بعد أن أحاط به فيلق من شناقة وسماسرة  أظهروا له الربيع وأخفوا عنه الحافة، فتجاهل توشاك هذا الجيش العرمرم الذي أضاف لمديونية الوداد ملايين ستصيبها في مقتل وستجعل نهاية الناصيري لا تختلف عن نهاية أكرم بتوثيق الدين وإرهاق ظهر فريق الأمة بتركة مديونية مجانية لا قبل له بها.
وحين أصر الناصيري على ضم أونداما خرج توشاك في ندوة صحفية ضمت رئيس الوداد ليقول أنه لا يعرف من يكون أونداما ومن وقع له عليه أن يشركه في فريق غير فريقه الذي يعتمده بالمباريات.
وما إن انتهت حكاية أونداما بتقديم الإعتذار الواجب لمدرب يرسم خطوط حمراء لا يقبل بتجاوزها انضباطا وسلوكا، حتى عاد الناصيري ليمارس شبق هواياته في خطب ود لاعبين غير مرغوب فيهم من طرف المدرب.
جلب رئيس الوداد لمكتبه السنوسي حامل مشعل سطاد المغربي ووقع الإثنان على عقد انضمام لاعبين من الفريق الرباطي للوداد، وقبل أن يجف مداد العقد، عاد توشاك ودون أن يداهن أو ينافق ولو بدبلوماسية العشرة التي لا تفسد لود الإرتباط قضية، ليؤكد أن لاعبي سطاد المغربي لا يعنياه لا من قريب ولا من بعيد.
وفي الوقت الذي كان رئيس الوداد يفاوض الورزازي بمراكش لضم حارسه المحمدي في صفقة قياسية وخيالية مؤكدا في تصريحاته لأنصار الفريق أن الحارس المراكشي يمثل أولوية من أولويات المدرب، جاء الرد التقليدي والكلاسيكي من توشاك لينفي في الجملة والتفصيل كل ما ورد على لسان الرئيس، ويعلنها بعبارة صريحة أجملت كل شيء وعرت على المستور «لا تسألوني بعد اليوم عن لاعبين جدد، لا أرغب في أي حارس وثقتي كبيرة في بنعاشور وعقيد ولا نحتاج لصرف أموال في سوق الإنتقالات، بل أنا محتاج لتصريف فائض من اللاعبين ليصيروا 20 لاعبا، فلم يسبق لي وأن اشتغلت في مشواري مع 26 لاعبا»، إنتهى كلام الحكيم توشاك.
لذلك يبدو إصرار الناصيري على معاندة مشروع المدرب الويلزي باقتحام سوق الإنتقالات دون تشاور مع المعني الأول بالأمور التقنية، حالة غريبة وتثير الكثير من علامات الإستفهام.
إصرار الناصيري على تعاقدات فاشلة للاعبين لا يدخلون ضمن خطط المدرب وتسفيه الأخير لكل هذه المبادرات، يلخص حقيقة أن وراء الأكمة ما وراءها وهو الخفي الأعظم في تدبير الوداد المالي لميزانيته وتعاقداته..
كل رؤساء الفرق في العالم يتمنوا لو أن مدربا مثل توشاك تحت إمرتهم، مدرب يشهر العفاف والكفاف والغنى عن التعاقدات التي ترهق الظهر في السوق، إلا الناصيري الذي لم يخرج بعد من دروس مجانية تلقاها بالإنجليزية ونقلها إليه الترجمان الذي يتلقى راتبه من شركة داعمة للفريق.
ما لم يفهمه الناصيري لحد الآن هو كون من يحكم الوداد هو توشاك وليس الطاسيلي..