«ما حدها كتقاقي وهي كتزيد في البيض»، لا يوجد من استهلال أفضل من هذا ليعكس حقيقة واقع الكرة المغربية التي تمر من واحدة من أسوإ فتراتها، وزاد خل عجينتها حموضة ما أقدم عليه رئيس الجامعة فوزي لقجع مؤخرا وهو يحشر لفيف إعلاميين منهم من تجشم وعتاء وعناء السفر من مسافات بعيدة ظنا منهم أن لسان السيد الرئيس قرر أن ينطلق أخيرا ويكشف لنا السر العظيم الذي جعله يكذب على المغاربة وهو يبشرهم باستمرار كرتهم في الدوران قاريا.
مندبة ما قبل الندوة كانت كبيرة والميت كان فأرا، بعد خرجة مرتبكة خال واعتقد من حضر يومها أن لقجع كان في حضرة البرلمان وليس أمام قبيلة الكرة وعشيرة الجلد الذي لا يفقه ولا يفهم شيئا فيما نبست به شفتاه.
هو اللعب بالنار وهو التحريض على الفتنة، ذلك الذي وقع عليه لقجع من حيث لا يدري بأن أسس لتهديد غير مسبوق بالمرة في تاريخ الكرة المغربية بأن يجمد الدم في شريانها ويوقفها بإشارة منه.
تماوجت الكرة المغربية مع أزمات حادة وعنيفة كان أقساها خسارة الأسود من المنتخب الجزائري نهاية السبعينيات بخماسية في عقر الدار، ويومها كان رابط الكرة بالسياسة أكبر مما نعتقده اليوم، وعلى الرغم من ذلك لا أحد تجرأ لطرح قرار مثل الذي قال السيد رئيس الجامعة أنه كان مرتب له بتوقيف نشاط الممارسة، بسبب ما سماه وكرره «التجاذبات والتطاحنات السياسية والتصريحات والتصريحات المضادة».
جميل جدا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، وشخصيا حدست هذا الوضع وفتحنا داخل «المنتخب» كوة في غار قلنا أنه سحيق يتداخل فيه السياسي بالكروي فتصير المعادلة متشعبة والمصالح متضاربة، وبعدها قلت وبالحرف أن بنكيران أخطأ وهو يضع يديه في عش الدبابير حين أصدر تصريحه المثير ضد الوداد، وعلى كونه كمن حرض مالكي أسلحة الدمار الشامل ضده ووصفت بالحرف وضعه بالقول «إنه بوحمرون يا بنكيران».
وكلنا كان يعرف أن هذا المرض الذي انقرض بفضل اللقاحات الحديثة «جلاخة» لا يترك صاحبه إلا بعد أن «يبرقعه» ويترك على جسمه علامات تؤرخ لمروره، وهو ما حدث مع رئيس الحكومة.
لم تكن الحكاية تستحق كل هذه الجذبة، وسحب السيد بنكيران لما وصفه الوداديون إساءة كان كافيا، بل حتى أنه في لقاء لقجع ببنكيران يوم واحد قبل الندوة كانت الأخلاق والحكمة تفرضان غلقا نهائيا للملف وانكبابا على ما هو أكبر منه والمقصود الصراع الدائر مع الكاف والذي يقتضي تنسيقا بين الحكومة والجامعة بعد أن توحدا على مستوى الموقف وبعد أن ركبا معا نفس صهوة التصعيد.
ترك لقجع كل قضايا الكرة المغربية العالقة والأوراش المفتوحة جانبا وفضل الغوص في موضوع الساعة وهو موضوع الإساءة للوداد، وكأنه كمن يرش الملح على جرح بالكاد يندمل ويهيج النحل بعد فترة سكون، وهو ما جر عليه الكثير من الإنتقادات حتى ممن أظهروا للوهلة الأولى تعاطفهم مع الوداد.
ما أقدم عليه لقجع جعله حالة فريدة وغير مسبوقة لم يوقع عليها من سبقه لنفس الكرسي، وليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها ومن خلالها رئيس الجامعة تميزه وتغريده خارج السرب ولو أن سقطاته وزلاته منذ تنصيبه كثيرة ويكاد حصرها في هذه الزاوية الضيقة غير متاح.
تصريح وخرجة جرت عليه إتهامات مجانية كان في غنى عنها من معارضة اشتعلت وستشتعل أكثر في الأيام القادمة، بعد أن اتهمه قياديون بارزون في حزب «المصباح» بكونه يخدم أجندة «البام» وهو هنا كمن «جا يكحلها عماها» لأنه وهو المدرك لمحاذير الفيفا التي ترسم مسافات وتسطر خطوطا بين السياسة وتداخلها مع الكرة، يكون قد ورط نفسه في متاهة كان من الممكن تفاديها.
ما أقدم عليه لقجع جعل الكثيرين يجزمون بأن الجهاز الجامعي الحالي هو الأضعف على الإطلاق في تاريخ الكرة المغربية، ولعل البورتريهات التي كنا سباقين لرسمها لكل واحد من العشرة المكونين للمكتب الجامعي، تلخص اليوم كل هذا البؤس والإفلاس الذي عكسته وتعكسه الكثير من القرارات التي تطبخ في فرنه.
على لقجع اليوم تبرير ما كان في غنى عنه، عليه أن يجيب على اتهامات وليست أسئلة موجهة إليه من كونه يخدم أجندة حزب معين وعلى كونه حمل بمظلة ما لخلافة الفهري، وعليه بين هذا وذاك أن يخرج سالما بعد أن وضعته خرجته المعلومة فوق فوهة المدفع؟