سبق وأن حذرت يوم انفصل الرجاء عن محمد فاخر قبل عام ونصف، من المآل الكارثي الذي سينتهي إليه الفريق وعلى أنه بقرار رئيس الفريق مسح تواجد هذا المدرب أسبوعا واحدا قبل مونديال الأندية، يكون كمن قوض مشروع بأركانه وبأسسه الصلبة والمتينة وكمن حكم على نفسه بالهلاك.
صحيح أن فاخر مدرب والمدربون لا يخلدون داخل نفس الفريق لسنوات طويلة، ومن رحم ربك فقط هو من يعمر ويصمد بوجه الرياح العاتية ومقالب الطريق والمكائد التي تنصب والمشانق التي تعلق.
لكن يقيني الكبير فيما كان فاخر قد رسمه خارطة طريق للفريق، ومما تواعد عليه مع بودريقة يوم لعب الأخير بورقته في الجمع العام الذي حمله لرئاسة العالمي، رسخ عندي قناعة ثابتة من كون رحيل فاخر هو بداية لابتعاد الرجاء عن الألقاب أولا، ولفتح باب الفوضى ثانيا ولغياب الهوية عن أسلوب الفريق ثالثا.
لم أكن من المهللين لما سماه البعض ملحمة الرجاء العالمية وهو يزيح من طريقه 3 فرق لينتصب أمام الفريق البافاري في المباراة النهائية طرفا، صحيح سرني ما وقع عليه الرجاء كما سر كثيرين في وقت كانت الكرة المغربية أحوج ما تكون إليه لقبسات وومضات تنير الطريق المعتم والطريق الذي سودته الخيبات والنكسات، وقلت يومها بالحرف أن «فاخر زرع والبنزرتي حصد» في وقت أسبغ فيه كثيرون وصف الساحر والداهية والعبقري على العجوز التونسي، والذي سيتم ترحيله بعدها مباشرة من آسفي وفي حفل وداع نال على إثره بالمحمدية ساعة سرعان ما اكتشف أنها بقيت بالدار البيضاء حين حل بتونس ليتفحص متاعه.
منذ طلقت الرجاء فاخر الذي قادها في سنة واحدة للقبين (كأس العرش ودرع البطولة)، وكلاهما على حساب نفس الفريق (الجيش الملكي)، لم يفرح لا بودريقة ولا الرجاء بلقب واحد، وهي الحقيقة التي يرفض الرجاويون تصديقها من فرط عيشهم على وعود كاذبة، وأكبر هذه الوعود هو التغني بموال العالمية الذي نوم الجميع في العسل.
بعد رحيل فاخر خسرت الرجاء لقب البطولة بسذاجة طاغية لمدرب وبحسابات هاوية للاعبيه، وخسرت رهان الكأس في دور مبكر بعد أن أوصل فاخر الفريق لنهايتين على التوالي، وعاد ليقصى هذه المرة من دور الربع كما كان يقصى سابقا أمام أيت ملول وآسفي من نفس الدور.
وخسرت الرجاء رهان بلوغ المونديال، وودعت عصبة الأبطال من دور تمهيدي وأمام فريق مغمور قاريا ومتوسط القامة ولا يرقى لخانة عمالقتها وهو حوريا كوناكري الغيني، ليراهن على ورقة اعتراض لم يطعم من جوع ولا آمن من إقصاء.
وهو وضع مشابه لذلك الذي عاشه الفريق على عهد عبد السلام حنات حين اختار الطلاق مع فاخر ليجرب وصفة برتران مارشان، وليودع عصبة الأبطال بطريقة مهينة أمام شيلسي الغاني وخرج من كأس الكاف ولم يتوج ببطولة ولا كأس ولا هم يحزنون.
ولأن الألقاب قد تعود للعش بعد أن تطير من اليد، فإن الأكثر إيلاما هو حالة التسيب المسيطرة على الفريق حاليا، وعلى تعاقداته غير المفهومة بالمرة وعلة ما يتواتر من أخبار عن انفلاتات وسهر وعربدة وخصام وعراك بالتداريب أمام روماو.
قارنت بين ما يعيشه الرجاء حاليا من تفسخ وما كان قد أقدم عليه فاخر خلال معسكر تركيا قبل سنتين بالتمام والكمال، حين تابع وفي لمح البصر خروجا عن النص بين الجيلاني القيدوم ومتولي الذي كان يسود ويحكم يومها داخل الرجاء، ليحمل الإثنان في جوف أول طائرة ويقرر إعادتهما للمغرب ضاربا بعرض الحائط كل التوسلات والتدخلات لجمع الفضيحة ولملمة خيوطها.
ما يحدث اليوم داخل الرجاء يبدو غريبا لفريق رفع السقف عاليا على مستوى الميزانية والموارد وخاصة على مستوى الجمهور.
يبدو  الأمر قريبا من لعنة تلازم الفريق، وقد تكون لعنة محمد فاخر الذي رفض عروضا وقاوم إغراءات أندية منافسة إرضاء لخاطر بودريقة والرجاء.
ربح بودريقة في ولايته التي تقترب من عامها الرابع لقبين وكلاهما من صنع فاخر، والبقية ظلت أضغاث أحلام وأماني تغتال نهاية كل موسم بالوقت القاتل.
ما يحدث داخل الرجاء يفرض على بعض مسؤوليه الإعتذار لفاخر وعلى لاعبيه الإعتذار لجمهورهم لأن جمهور الرجاء أصبح اليوم وهذا واقع أكبر بكثير عن حجم كثير من اللاعبين الذين يضعون «الجيل» ويلبسون قميصا إرتداه قبلهم بتشو وظلمي؟