تثيرني فعلا الطريقة التي أصبحت تصاغ بها بلاغات جامعة الكرة، حتى لا أقول تستفزني لكونها أصبحت تغرف من محبرة الغموض والتعويم الذي يقود لتعتيم شديد، يزيد خميرة السيد لقجع حموضة..
تعالوا نفتت بعضا من رموز آخر بلاغ، ونضع بعض الكلمات والتعابير تحت مجهر التحليل لنصل لحيث الحقيقة العارية والهاربة أو المغيبة عن عمد، وهي حقيقة التسويف والنسبية التي تفترض دائما مخاطبا وهميا وافتراضيا تنصبه الجامعة خصما وعلى ظهره تمرر رسائلها المشفرة والـمرموزة لبقية العشيرة.
(الإجراءات - الفعاليات - التعبئة الشاملة - الفترة القادمة الحاسمة - ظروف دقيقة - يضر بمصلحة كرة القدم المغربية - البلاغ الأخير..)، كانت هاته مفاتيح البلاغ الأعجوبة الأخيرة الذي تفرع عن آخر إجتماع للمكتب الجامعي الإثنين المنصرم.
الجدل الذي يناشد رئيس الجامعة الإعلام بالكف عن إثارته، هو صنيعة بلاغات جهازه ومواقفه وتصرفات الرقم 1 بداخله، لأنه جدل يتولد بسبب الوقوف عند ويل للمصلين في البلاغات المثارة والبلاغ الأخير واحد منها.
لم يخبرنا السيد لقجع عن طبيعة الإجراءات التي قال أنها قطعت مراحل حاسمة،و التغني الدائم بحكاية أن الملف «طابو» أو من المقدسات لم يعد ينطل على أحد، فكان على رئيس الجامعة إحترام موعد الندوة التي أجهضها لاحقا ليطلعنا ولو بإيجاز على شطر من هذه المراحل من باب «ليطمئن قلبي»، طالما ألبسوها غطاء قضية رأي عام منذ البداية.
نصل الآن لكلمة الفعاليات التي ناشد رئيس الجامعة انخراطها في التعاون بالمرحلة القادمة، فلم يحدد لنا المقصود بهذه الفئة ولا نوع التعاون المطلوب.
أما الكلمة الأهم فهي التعبئة الشاملة، التي يمني السي لقجع النفس بأن تشكل عنوان المرحلة، فقد كان من باب أولى لو تفضل برسم بورتري لها، حتى نتعبأ لأنه من غير المعقول أن تطلب مني ومن الآخر أن يتعبأ، ولو أنه ليس من صلب الإختصاص، وأكون «فدار غفلون» ومثل  الأطرش فالزفة والجاهل بما يدور ف «الطاس».
كما بدا بلاغا محمولا على توجس كبير مثقل بالهواجس، بوصف الأيام القادمة بالحاسمة وكأنه إستباق للشر قبل حدوثه وتوقع للأسوأ.
ولأن لغة التعويم هي من مسببات الضلال، وذلك بوضع البيض كله في سلة واحدة، فقد كان حري بلقجع تحديد طبيعة الضرر الذي لحق بالكرة المغربية ومن تسبب في إلحاقه وبأي طريقة؟
باستحضار كل هذه المفاصل المحورية والكلمات المفاتيح التي حملها بلاغ الإثنين المنصرم، وعلى بعد أقل من شهر من اجتماع حياتو بجمعيته العمومية، نصل لحقيقة أن الجامعة مغلوب على أمرها ولربما اختلط عليها الأمر وتشابه عليها البقر ولم تعد تضبط العزف على نحو جيد.
ولأن الطاس المخول لها أمر الإنصاف بدل حل المصالحة مع «الكاف» والذي كان بإمكانه أن يقود لنتائج أفضل، حرقت بيضة تونس وردت لها صك طعنها بأن حكمت بعدم الإختصاص، مؤكدة وجوب الإعتذار لـ «الكاف» على ما بدر من سلوك بالكان الأخير، فإني بالفعل مرعوب من نتيجة حكمها في نازلة القوة القاهرة المغربية، وما زاد من قناعات التخوف عندي هو بلاغ الجامعة الغامض والذي يحبل بالألغاز والإيماءات وحتى التلميحات التي تتوقع الأسوأ.
وبودي أن لا يكون حياتو قد قرأ مؤخرا كتاب في غاية الأهمية والتأثير لكاتبه الفرنسي «غاي كويت» خريج مدرسة الحرب الإقتصادية بباريس، والذي تناول الموقف الحكومي المغربي برفض احتضان «الكان» بطريقة ماكرة قال أن فيها خيانة كبيرة، فحدد ملامح هذه الخيانة في أكثر من شق.
خيانة من وضعت بين أيديهم أمانة احتضان العرس الإفريقي لـمن وثق بهم، بأن سوقوا له أسبابا غير حقيقية برفض التنظيم وخيانة لقارة ظل المغرب دائما متعاونا معها وبقوة.
واختار صاحب الكتاب أن يرفق عبارة مع عنوانه على غلاف الكتاب، وهي «15 سنة من الدبلوماسية الإقتصادية سقطت في كأس إفريقيا».
فإيبولا كما يقول ليست في نهاية الأمر سوى العذر الكاذب لوزير غير كفء، والتلويح بالتهديد بوجود خطر داهم ليس إلا تقنية متقادمة لإيهام الناس والتلاعب بهم، فليس هناك شعب يمكن أن يصمد أمام مسؤوليه، خاصة حينما يعملون على حمايته من خطر صحي، ولهذا السبب، جل المغاربة، يسترسل «كويت»، يثقون في أن داء إيبولا هو السبب في طلب تأجيل المغرب لتنظيم كاس إفريقيا، لكن مع مرور الوقت بدأ بعضهم يتساءلون ما إذا كان إيبولا السبب الحقيقي لطلب تأجيل المونديال الإفريقي.
ولاحظ «كويت» أنه في عهد محمد السادس تم عقد أكثر من 500 إتفاق تجاري مع دول إفريقية جنوب الصحراء، وفي ظرف الخمس عشرة سنة من حكم محمد السادس، قام الملك بحوالي ثلاثين زيارة رسمية إلى إفريقيا، بمعدل زيارة رسمية لدولة إفريقية في كل ستة أشهر.
واستدل صاحب الكتاب بنظرية «اباباكار مبينكي» البروفسور المعتمد في مؤسسة الإستشارة «كنوودز»، والذي قال في تقديم الكتاب: «هناك مجهود مستمر طيلة 15 سنة، لبناء إستراتيجية ديبلوماسية إقتصادية ناجعة، تخرب في يوم واحد، بسبب تنصل تافه من تنظيم عادي لكأس إفريقيا للأمم لكرة القدم.
إن كأس إفريقيا للأمم كما قال الكاتب الفرنسي، ليست مسابقة رياضية فقط، بل ساحة للأعمال الدبلوماسية والسياسية وقبلهما فضاء للمال والأعمال.
بودي وأنا وكل المغاربة الذين لا يحق لأي كان المزايدة على شعورهم بالوطنية وتحليهم بقيمها النبيلة، أن يدلنا رئيس الجامعة على نوع التعبئة المطلوبة، وكل ذلك توجه البنان صوب أي كان ليتهم بالخيانة.. وهو أمر غير مقبول..