أحببنا مصطفى حجي الذي أطل علينا ذات يوم نحيلا نحيفا، لكنه بزاد وطنية ومغربية غطى على كل ضآلة الجسد وجعل الجمهور المغربي منذ أول لحظة يبادله العشق فالإحترام.

أحببنا حجي لأنه لم يكن في يوم من الأيام نجارا ولأنه من الطينة التي لا تجيد لغة الخشب وكلما حوصر إلا وأشفى الغليل وأظهر معدنه الأصيل وحبه للفريق الوطني وغيرته على ألوانه.

حين كانت جامعة سبعة أرواح في بداية عهدها تتكلم بلغة الأوراش وباقي المصطلحات الخشبية التي سيظهر لاحقا أن جزء كبيرا منها كان محمولا على ديماغوجية استهلاك الوقت، وتخذير شعب الكرة قدمت لنا في وقت من الأوقات مصطفى حجي على أنه واحد من الوجوه التي ستنال نصيبا من إكرامية التعيين وسيكون من بين رجال الفهري التقنيين.

ما حدث كان أشبه بحبة أسبرين ومخذر لجأ إليه الفهري عقب مهزلة عجلاته الأربعة التي استنفرها في بدعة غريبة، ليطالعنا لاحقا بتعيين نور الدين نيبت ضمن جهازه تارة بإسم العضوية وأخرى بصفة المستشار وفي جانب ثالث المرافق للفريق الوطني في سفريات «جيت سات».

حجي اليوم يبدو أنه طفح كيله ولم يعد يطيق لعب دور الشيطان الأخرس الساكت عن الحق، لذلك قرر إطلاق العنان لإيفادات صريحة أشبه بقنابل عنقودية تتحدث عن سبب من أسباب ضياع الكرة المغربية وواحدا من أسباب نكستها حين وجه لوما وعتابا ثقيلين حتى لا نقول انتقادات، لرفيق درب لاكورونيا والأسود نور الدين نيبت.

يرى صاحب الكرة الذهبية الإفريقية فيما يراه في منامه أن نيبت كان أقدر على لعب دور أكثر إيجابية وهو الذي كان أقرب للفهري من حبل الوريد، وللفريق الوطني الرفيق الدائم وعلى أن نيبت لم يقدم الإضافة المرجوة التي كانت منتظرة منه كثير من الخفي الأعظم.

تذكرت حجي ليس لجرأته التي تحلى بها دون أن يخرج لاعبا من جيل مونديال فرنسا أو من سواهم ليطرق يوما «طابو» نيبت ويتساءل عن حقيقة ما قدمه نيبت للمنتخب المغربي وعن نصيبه مما أصاب الأسود من مصائب كروية.

وتذكرت حجي باستحضار مسخ هذه الأيام و«الفشوش» الباسل للمهدي بنعطية الذي تقمص دورا غير الدور المفروض فيه، بأن تحول من عميد لمنظر ومن لاعب عادي كباقي اللاعبين لمفتي يتحدث عن شرعية الجامعات وأحقية «فلان» على حساب «فرتلان» في ترويض الأسود.

حجي ترك قبل 20 سنة تقريبا منتخب فرنسا الذي كان يضم زيدان وديشان ولوران بلان ودوكاري ودجوركاييف وبوكوسيون ودوسايي وغيرهم من القامات العملاقة، ليلحق بمنتخب مغربي طموح وغير ضامن بأي شكل من الأشكال لحق التواجد في رحاب مونديال الكبار.

لم نسمع يوما أن حجي تأفف أو تعفر على القدوم للمنتخب الوطني، ولم نسمعه يوما تدخل في اختيارات مدرب أو جامعة كما لم يحدث وأن نبس ببنت شفة فيما لا يعنيه.

حجي عملة غير عملة بنعطية ونيبت، ولو أنني لا أنزه بنعبيشة الذي جاءت به الجامعة ليكحل عين الأسود فـ «عماها»، وبما قدمه من تصريحات يبدو أنه لامس كبد حقيقة حاول الكثيرون القفز عليها وبدا غريبا جدا طوال هذه السنوات أنه لا أحد فتح دفتر نور الدين نيبت وساءله عن نصيبه من حالة الإفلاس المسيطرة على المنتخب المغربي منذ فترة.

لاعب بهذا الزاد وهو يخاطب جامعة تصريف الأزمات، إنما يطرق وترا حساسا من أوتار إخفاقات المنتخب المغربي، ويقيني كبير في أن نجما بهذه القيمة الفنية وبكل ما جمعه من تراث احترافي قادر على أن يكون وجه المرحلة بالفترة القادمة.

لكل ما سبق وما لحق أحببنا هذا الغزال الأطلسي الذي كان  بالأمس لاعبا فنانا واليوم  هو واقعي يحارب النجارة ولا يأكل الخشب كما يغزله آخرون ممن يبتلعون لسانهم فيغرسون..