لا يرضيني كمغربي أغار على تراب بلدي أن يسبه أي كان، فما بالك إن كان اسمه حمار وينعت مواطنيه وجمهوره باليهود، لكن بالـمقابل لا يرضيني أن يكون في بلدي فريق عالـمي اسمه الرجاء يعول على بركة «الحجابات» التي دسها مدربه البرتغالي روماو في جيب لاعبيه قبل مباراة وفاق سطيف يستنهض هتمتهم رجولتهم وشرفهم وكرامتهم وباقي الأوصاف التي عددتها الرسالة البرطيقيزية الغريبة.
روماو تحول من مدرب لمستشرق يجيد العربية في 5 أيام ومن دون معلم، وهو الذي قال قبل السفر للجزائر حين سئل عن سبب المسار الكارثي لنسوره فأجاب كما يلي: «الرجاء من الخيمة خرج عوج»، فمن يقدر على استعارة هذا المثل الشعبي بإمكانه تحرير خطاب بعربية الفرزدق وجرير..
قلت في عمود سابق وأنا أواكب فتوحات جماهير الرجاء وإبداعات المدرجات على أن الجمهور الرجاوي الحالي أكبر بكثير وبمسافات من لاعبي الجيل الحالي وهي حقيقة لا يجادل فيها إلا منافق أو مداهن.
وقلت أيضا والرجاء يتهيأ لـموقعة سطيف على أن الفريق يوجد على حد السيف، والتهييج الممنهج للأنصار وتحويل المباراة لمعركة وحرب، فيه الكثير من اللعب بالنار وفيه الكثير من المغالطات.
وقلت ختاما حين نطق الحارس العسكري أول ما نطقه بعد مباراة الذهاب «لاعبو ووفد وفاق سطيف هددونا بالقتل بالجزائر» على أن هناك طبخة ما تستوي على نار هادئة وهناك من يحاول استباق البلاء قبل وقوعه داخل الرجاء لامتصاص الغصب الساطع الذي سيعقب الإقصاء الذي تحقق نصفه هنا بالدار البيضاء.
كلما داهم الرجاء عارض إلا ويجد رئيسه بدهاء كبير مخارج ومنافذ لامتصاص الأزمة والغصب، تارة باستحضار لازمة الأرانب وتارة بإجهاض التطبيع وأحيانا بالقفز على الأسوار وأخرى باستقالة مكتوبة بالماء من جامعة يجهل لحد الآن من ينتمي إليها ومن هو خارج أسوارها بعد كثرة حكايات الطلاق البائن دون العودة بمحلل، وختام الحكايات ترك الإقصاء المر من بلوغ دور المجموعات لمسابقة راهن عليها جمهور الخضراء كثيرا حين رفع شعار «ما مفاكينش والشعب يريد الشامبيونز ليغ»، والإنكباب على تحليل القمع والجلد الذي مارسته البوليسية الجزائرية في حق لاعبي الرجاء وجمهوره والزملاء الإعلاميين، بدعم وشهادة من حضر ورافق الفريق، بل منهم من أقسم كما هو حال معلق رياضي تلفزيوني دون أن يطلب منه استحضار بينة الحلف على ما تابع بأم العين.
لذلك لا يسعنا إلا أن نبدي تعاطفنا الشديد مع كل من هو مغربي تعرض للإهانة هناك بملعب 8 ماي، ولا يسعنا إلا أن نشجب بكثير من الإستنكار ما تعرض له الرجاء هناك من تنكيل وبطش.
لكن ألم يبالغ البعض في استحضار سيناريو ما وقع هناك بالـملعب والـمطار وبالفندق ومقر الإقامة، حين ظلوا يروجون لخطاب سوداوي حول وفاق سطيف ورئيس وفاق سطيف  لعدو ألد ولطاغوت كبير لا يقيم لأعراف كرم الضيافة وزنا، بعد أن أصر بودريقة في كل مباريات العصبة على استقبال وفود الفرق الزائرة وخصها بحفل عشاء؟
ألم يرتكب بودريقة خطأ حين دعا رئيس كيزر شيفز من جنوب إفريقيا لوليمة عشاء ببيته رفقة مستشاره وتجاهل حمار سطيف الذي عاد لبلاده موتورا ومسعورا وقال بالحرف «رئيس الرجاء حرض علبة هاتفه الصوتية بوجهي»؟
ألم يرتكب بودريقة خطئا كبيرا وهو يصطحب معه في سابقة تاريخية ممثلا كوميديا في استهلاك ديماغوجي لحال فريق يراهن على لقب قاري ويسخر لبلوغه أساليب بالية وعتيقة؟
وختاما ألم يكن روماو طرفا مباشرا وسببا رئيسا في هذا الخروج الصاغر من مولد الـعصبة بلا حمص بعد أن تجاوزته الأحداث وصار كل مباراة يلعب بشكل وتشكيل حتى أفقد العالـمي هويته وطابعه وأسلوبه الذي ظل علامة مسجلة باسمه ومحفظة برييرتواره؟
منتهى السخافة والغباء أن نغوص طويلا فيما حدث بمدرجات ملعب 8 ماي ونتجاهل المقاربة التي اعتمدها المدرب روماو لإسقاط وفاق سطيف بأرضه، باعتماد خطاب التحفيز واستنفار الهمم والـمراهنة على بارود ولد العياشية بدل بارود هجوم رجاوي أصبح على عهد روماو باردا لا يلبي غرضا ولا ينتج دمارا.
آسفي كبير أن يرهن مدرب الرجاء مصير حلم شعبها بخطة الـميلودي وأسفي أكبر على من تعاطف مع هذه الرواية..