شغل الرجاء البيضاوي الناس وملأ الدنيا خلال فترة ولاية رئيسها محمد بودريقة، لدرجة أن الفريق تحول معها لعلامة تجارية مربحة، يروج لها البعض وكل واحد على هواه وبوقه.
وهكذا سمعنا رجا - كافي قبل أن تتحول لرجاء كافي نوار بعد مآلها الكارثي وسوقها الخاوية التي لم تتبضع منها هذه السنة، ورجا - شو ورجاء سطور حيث ارتقى الفريق عاليا فصار له هو الآخر ساعاته وعطوره واكسسوارات تحمل علامة النسر الخالد.
وشخصيا عرفت الرجاء بالشياطين الخضر يوم كان لها مبدعون ورجالا في صورة شياطين من الحمراوي لغاية زمن بصير كانوا يتفننون في التلاعب بمنافسيهم ويحولون مدافعي الفرق لأضحوكة، قبل أن يفاجئنا شعبها الأخضر اليوم بلقب العالـمي..
اليوم الرجاء تفرقت على بضع وسبعين شعبة، وبعودتها من العلمة الجزائرية صارت حديث القاصي والداني فرحل روماو مول «الحجابات» والذي لم يكن يتوقع وهو يضع خطابه في جيب اللاعبين أنه بصدد إلقاء خطبة الوداع التي ستعجل برحيله للبرتغال.
ولأننا نسمع كل مرة تصريحات خشبية مستوحاة من قواميس النجارة والفلين بالحديث عن المشروع والهيكلة والأوراش المفتوحة، فلا يوجد ما يمنع بالـمقابل من استحضار أن الرجاء اليوم تعيش أسوأ فترة لها وجراحها تنوء بما هو كامن تحت الجلد وبحروق من الدرجة الرابعة.
بعد كل هذه المشاريع والمخططات الخماسية، يجدر الإعتراف اليوم أن الرجاء «كتبريكولي» وخارج سياقات التخطيط المعقلن وآخر بريكولور حط الرحال ببيتها كان مطرب الحي جمال فتحي والذي تتم الإستعانة به كلما داهم الفرق الوطنية عارض صحي أو طارئ، ليلعب دور العطار المطلوب منه أن يصلح ما أفسده روماو والدهر..
مثير لكثير من الإستفزاز أن يصرف فريق أكثر من مليار سنتم في سوق اللاعبين وحين يفتح الثلاجة ليقدم الوصفة الدسمة الكفيلة بإشباع جوع انصاره، لا يجد ما يقدمه ويكتشف أن كثير مما هو موجود داخل هذه الثلاجة إما «كونجلي» أو منتهي الصلاحية.. من الصيف المنصرم للحالي يكون الرجاء قد جرب وصفات 5 مدربين وهي ما ستعرف في تاريخ الفريق الذي سيدرس مستقبلا لأجياله اللاحقة بفترة «من البنزرتي للبنزرتي».
فقد درب الرجاء البنزرتي بالصيف المنصرم ورحل ليحل مكانه الطير ثم بن شيخة منه لروماو وها هو اليوم جمال يشغل دور البريكولور ويقبل به باسم الإنتماء والعشرة والعشاء مع المستشار، وحين يترك جمال الفريق بعد شهرين سيحضر البنزرتي بعد أن يكون جمال قد تكفل بخياطة الثوب الـمثقوب ورتق شرخه بما استطاع إليه سبيلا.
ولأن المصائب لا تاتي منفردة وما على بودريقة قبل الكراطة سوى أن يبخر بيته، فقد أبت «الكاف» إلا أن تورط الرجاء وتضع في طريقه بالكأس المتبقية له فريق نجم الساحل التونسي والذي يدربه البنزرتي مدرب الرجاء القادم.
ولولا خوف البعض من أن ينعتوا بالحمق والسفه لاتهم بعض مسؤولي الرجاء «الكاف» بأنها وجهت هذه القرعة لتوريط الـمغرب وبودريقة والرجاء في هذا الكمين الذي لن يجد له حلا، ولربما خرج من يقدم الفتاوي ليقول للناس أن «الكاف» تحارب الرجاء ودحنان مرة أخرى وتلك رواية لن تصدق هذه المرة.
فلو فاز البنزرتي سيقصي الرجاء وسيحرم نفسه من مسابقة ستضمن له بريمات معتبرة، ولن يغفر له جمهور الرجاء هذا ولن يكون مرحبا به بعين الذئاب مرة أخرى.
أما لو خرج البنزرتي فسيسلخ جلده أبناء نجم الساحل وسيتهمونه بالتقصير خدمة لفريقه القادم وسيوضع هذا الـمدرب في ورطة سيلعن فيها اليوم الذي التقى فيه مسؤولي الرجاء.
المختصر الـمفيد لكل هذه التقليعات التي لا تسمن ولا تغني من إفلاس، هو أن فريقا ميزانيته 6 مليار ويعيش على إيقاع البريكولاج والترقاع، سيخرج قريبا رئيسه ليردد ما لخصه المثل الشعبي «لا رزقي بقا ولا وجهي تنقا».