إن كانت جماهير الوداد سواء تلك التي ستتحول نهاية الأسبوع بالآلاف إلى ملعب أكادير أو تلك التي ستجلس، حيث هي متفرجة على المباراة بما تجود به وسائل الإتصال، تمنى النفس بأن يحصل الفرسان الحمر من مباراة يوم السبت أمام حسنية أكادير على النقطة التي باتت تفصلهم رسميا عن لقبهم الأول منذ أن أصبح للبطولة نظام إحترافي، فإن الملايين ممن يعشقون الإثارة يتمنون لو تكون آخر مباراة يلعبها الوداد هذه الموسم أمام المطارد العنيد بل والمستميت أولمبيك خريبكة، هي النزال الذي سيسمي البطل ووصيفه كما كان الحال قبل ثلاثة مواسم، عندما جاء المغرب التطواني إلى الرباط لينازل الفتح شريكه في حلم التتويج وعاد منه متوجا بأول لقب بطولة في تاريخه بعد إحتفالية كروية لا تنسى.
وحتى تتحقق أمنية من يعشقون اشتعال الإثارة، وجب حتما أن يسقط الوداد في أكادير أمام الحسنية وينال أولمبيك خريبكة النقاط الثلاث من المباراة التي ستجمعه يوم السبت القادم بالمغرب الفاسي، إذ سيعود الفارق بين الفريقين إلى ثلاث نقاط، وعندها سيوضع الوداد البيضاوي أمام خياري الفوز والتعادل للقبض على اللقب، بينا يكون فارس الفوسفاط وقتها أمام خيار واحد ووحيد، هو الفوز على الوداد ونيل النقاط الثلاث للمباراة، وعندها تعلنه النسبة الخاصة بطلا للمغرب للمرة الثانية في تاريخه.
هو سيناريو محتمل لا يمكن أبدا إلغاؤه، إلا أن من يحلل بالمنطق النسبي لكرة القدم يستبعد وقوعه، لأن الوداد مرشح بما يملك من قدر عال من التحفيز ومن ثقة عالية بالمقدرات ومن كل الذي يباعده تقنيا ونفسيا عن حسنية أكادير، إن لم يكن للفوز هناك بأكادير، فلنيل النقطة الواحدة التي تضع بكامل الإستحقاق اللقب بين أيدي الوداد من دون حاجة لانتظار ما ستؤول إليه المباراة أمام أولمبيكماأمام اخريبكة.
وحتى إذا نحن إستبقنا ووضعنا قلادة البطل على صدر الوداد، يقينا منا أنه لن يعجز لا تقنيا ولا تكتيكيا ولا حتى نفسيا على نيل النقطة التي ستروي بالكامل عطش الموسم، عند مواجهته لحسنية أكادير الذي يتألق هذا الموسم بهجوم مرعب يقف به على نفس الدرجة مع هجوم الوداد الساعي للتويج ويفاجئ أيضا بدفاع هو الأضعف بين كل دفاعات أندية البطولة الإحترافية، فإننا جراء ذلك لن نحيد عن ذات القناعات الفنية التي تشكلت لدينا ونحن نتابع النسخة الرابعة للبطولة الإحترافية بتقلباتها وبغرائبها وبكل ظواهرها وملحها أيضا، فالوداد خطط بشكل إستباقي ومدروس ومن دون لا جلبة ولا ضوضاء لموسم الإنعتاق، للخروج من كل أنفاق القلق التي دخلها الفريق من يوم ما تصدعت العلاقة بين جماهير الوداد والرئيس السابق عبد الإله أكرم، فقد كان رائعا أن نشهد الإنتقال الحكيم والعاقل للسلط من أكرم الذي لا يستطيع ولا يجرؤ أحد على أن يزايد لا في حبه للوداد ولا في الرؤية التي وضع لها تصميما وهندسة، إلى الناصيري الذي إختار برزانة وتبصر زاوية المعالجة لرأب صدع وقع واختار أيضا أفضل أسلوب للعمل على إستثمار ما تحقق في فترة سابقة، وجنب نفسه والوداد كارثة المسح التعسفي للطاولة والعودة لنقطة الصفر.
ويجد النجاح الكبير الذي صادف السنة الأولى لسعيد الناصيري رئيسا، مدلوله وتمظهره في كل الذي باشره مع فريق عمله، في القرارات الجريئة التي إتخذها حتى تلك التي كانت مؤلمة أو تصيب بالوجع، وفي التدبير الذكي لكل ما يعصف بموسم الفرق الكبيرة من مطبات وتحرشات ونزوات تتهدد محيط الفريق بخاصة في لحظات الفراغ التقني، وفي الإختيارات التي لها طابع إستعجالي، وأيضا في كاريزما الرجل الذي نأى بفريقه عن كل ما يتعرض له شخصيا في المحيط الكروي قبل المحيط السياسي من جر للتناوش والتجاذب.
بمطلق الأمانة فيما لو أعلن نادي الوداد البيضاوي بطلا للمغرب يوم السبت القادم بأكادير بالتعادل أمام الحسنية أو يوم السبت الذي يليه بالتعادل أو الفوز على أولمبيك خريبكة، فسيكون ذلك بدرجة الإستحقاق العالية لوجود منظومة النجاح التي يتفاعل فيها عمل كافة المكونات، من مكتب مسير أمين على سلامة ونقاء المناخ وطاقم تقني خبير بأساليب كسب الرهانات ولاعبين بلغوا ذروة العطاء الجماعي وجماهير تصنع للاعبين بساطا عليه يركبون لاصطياد النقاط.
وإن قدر لأولمبيك اخريبكة أن يكتفي بلقب وصيف البطل وهو الذي أجهز على كثير من آماله بالخسارة أمام النادي القنيطري، فإنه سيهنأ على ذلك، لأنه أعطانا موسما يمكن وصفه بالخرافي عطفا على الموسم الماضي الذي تكالبت فيه الظروف على فارس الفوسفاط فجلعته ينشد الخلاص في آخر المباريات.
قدم فارس الفوسفاط نفسه بصورة المطارد الشرس وبصورة المنقذ من الرتابة في وقت غرقت أندية مرجعية ذات التقاليد الكروية الكبيرة في مستنقعات إختلفت مياهها العادمة، ولكن مشتركها الكبير في أن هذه الأندية ما دخلت هذه المستنقعات إلا لأنها فرطت في ما تسلحت به الوداد وبعدها أولمبيك خريبكة من مناعة ليعطيانا موسما كرويا أشبع النهم.