بعيدا عن خطابه المستمد من قاموس الوعود التي لم يلتزم بأكثر من نصفها، وسيكون لي عودة لكشكول طويل عريض من وعود وتصريحات الرئيس السيد لقجع والتي سيقت لحيث تساق الأوراق المهملة في السلة الموجودة تحت درج المكاتب، في متابعة ونافذة لاحقة وكل ذلك عملا بقاعدة ومبدأ «الحساب صابون».
وبعيدا عما قاله وبنبرة الواثق أو الذي يحاول تجميل الواقع الذي يرتفع في تصريحات وخرجات على مقاس أكثر من خاص، كان آخرها ما نبست به شفتاه وهو يحل ضيفا على برنامج «الماتش» من كونه آثر على نفسه مبدأ الحياد المطلق والكبير تجاه كثير من المشاريع والأوراش وحتى القرارات المحمولة على وصف الحاسمة والمصيرية، ومنها قرار إنشاء مشروع العصبة الإحترافية التي تجاوز مخاضها فترة الحمل المسموح بها، لأن قرار النشأة أطلق قبل 12 شهرا بالتمام والكمال، أي شهر واحد بعد الرياح التي حملته لرئاسة الجامعة، ولن يكتب لها الخروج لحيز الوجود سوى مع مطلع الشهر القادم، هذا إن لم يطرأ طارئ ويستجد مستجد آخر يغير من مجرى النبع والنهر.
قال رئيس الجامعة «لو لمست أن شخصا واحدا يعارض المشروع ويتبنى موقفا مخالفا لما هو مطروح، فلن أتردد للحظة واحدة في منع خروجه لغاية الإنصات لصاحب المقاربة والمطلب».
جميل جدا أن يتحلى رئيس الجامعة بهذا النهج الديموقراطي النبيل، وأن يكون من مناصري التعددية الفكرية وأن ينصت لهذا وذاك..
لكن الأجمل لو تحلى رئيس الجامعة بخصلة الإعتراف الذي هو من شيم الأكارم والأفاضل، ليقول ويصرح أن العصبة التي ستنبثق وترى النور برئيسها الذي كان العبد لله سباقا لتناول وتداول إسمه غير ما مرة، رغم سياقات النفي التي سخر لها أكثر من طابور، وهو سعيد الناصيري رئيس الوداد وما زلت عند قولي أنه هو من سيرأس هذه العصبة، لم يكن هو الخيار المفضل لرئيس الجامعة، ولا هو المرشح للمنصب لو لم تحدث أمور وأمور تشهد عليها تربيطات الظل وجلسات الصالونات والكولسة.
قبل شهر ونصف من الآن وفي اللحظة التي اختمرت فيها فكرة العصبة الإحترافية وطوع عجينها السيد لقجع على مقاس اليد وبالشكل الهندسي الذي اختاره وفضله إنبعث مسيران عارضا وباستماتة بالغة المشروع وأجهضا الولادة وتبنيا طرح «اللاءات الخمس» التي حكيناها في حينها ودافعا عن تنقيح يرفع الوصاية عن فرق البطولة ويعترف لها برشدها وأهلية التسيير.
الأول كان الورزازي رئيس الكوكب والثاني رئيس الوداد، وما حدث يومها هو كون غلام كان المرشح المفضل ورجل التوافقات الذي اختاره لقجع لشغل المنصب، قبل أن ينتفض الناصيري المسنود من النمل الأحمر الودادي ويطالب بمكانة تحفظ الكرامة لوداد الأمة التي لا يليق بها أن تكون مبعدة عن الجامعة وكوبارس بالعصبة.
قبل 46 يوما بتمامها وكمالها وبواحد من مطاعم المحمدية «واللي ما عندو شهود كذاب»، دعا لقجع الناصيري لجلسة عشاء الغاية منها تليين موقفه وإلحاقه بالعصبة نائبا لغلام وبحضور صقوره بالجامعة.
ما حدث كان هو رفض الناصيري لمطالب وإلتماس لقجع الذي يصرح أنه لا يتدخل في أمور توجيه المشهد ولا بلقنة الأجهزة، وهنا ثار لقجع وأرغى وأزبد وضرب الطاولة بقوة وأحس أن مولودا آخر سيموت ويهلك بين يديه ليقرر ليلتها إصدار بلاغه الشهير والمقتضب الذي أجل اجتماع الإعلان عن ميلاد العصبة حتى حين.
خلال هذه المدة إنسحب غلام وعاد الناصيري أقوى مما كان، والناصيري هو المرشح الأبرز إن لم يكن هو الرئيس المفترض للعصبة، ولم يكن من خيارات لقجع المفضلة، فما الذي غير ترتيب الأمور وما الذي عدل منها؟ وما الذي حدث طوال كل هذه الفترة؟
لا تهمنا الإجابات لأنها جميعها تقود لحقيقة واحدة، وهي كشف التناقضات الصريخة والصارخة في مواقف رئيس الجامعة، لأن من سيرأس العصبة لم يكن الفتى المدلل مع الإنطلاقة، وإنما الرجل القوي الذي فرض حضوره بالطريقة التي يعرفها لقجع أكثر من غيره، وبه وجب التذكير والتأريخ كي لا يمس الحقائق زيف أو تحريف.