إنتظر كلاوس ألوفس الدولي الألماني السابق والمدرب الحالي لنادي فولفسبورغ أن تضاء أنوار الكاميرات وأن يأخذ الصحفيون وكانوا بالعشرات أماكنهم ليبدأ في القصف الكلامي العنيف الذي ينم عن وجود غصة كبيرة بحلق الرجل.
قال كلاوس ألوفس أن نادي بايرن ميونيخ أساء للكرة الألمانية وتسبب بلا أدنى وازع في شرخ رياضي كبير، وأن هذا الذي بدر منه لا يمكن السكوت عنه، إنه فعل يستحق الملاحقة القانونية باسم الأخلاق والقيم.
بعضكم سيقول بأن كلاوس ألوفس إما أنه يهذي وإما أنه يعني بايرن آخر غير الذي عرفته كرة القدم العالمية ماركة كروية مسجلة تحمل عبق التاريخ ونفحات الأسطورية، البايرن الذي ضم الأساطير من القيصر بيكنباور إلى المايسترو لوتار ماتيوس والبايرن الذي كان لتاريخ القيم والأخلاق مدرسة لا تموت، إلا أن ما قاله كلاوس ألوفس عنى في كل كلمة فيه النادي البافاري الذي توج قبل أيام بطلا لألمانيا.
طبعا لم ينتفض ألوفس لاندحار البايرن في عصبة أبطال أوروبا بسقوطه للمرة الثانية على التوالي من الدور نصف النهائي أمام فريق إسباني، ولكنه إنزعج من أن يكون البايرن قد خسر نهاية الأسبوع الأخير من نادي ينافس بضراوة من أجل البقاء بين أندية البوندسليغا، هو فرايبورغ في مباراة كان أصدقاء المهدي بنعطية متقدمين فيها بهدف قبل أن يندحروا ويخسروا بهدفين لهدف نتيجة تفكك كبير في أوصال اللعب ونتيجة تهاو غريب للاعبين ضربهم القهر النفسي بعد السقوط من نصف نهائي الأبطال أمام برشلونة، فما عرفوا كيف يستثمرون نسبة إستحواذ للكرة وصلت إلى ثمانين بالمائة.
ألوفس قال أن بايرن كان باستمرار للكرة الألمانية ولكل النوادي قدوة في الصرامة والجدية والحزم، إلا أن ما يأتي به مع نهاية الموسم وهو ينهزم في ثلاث مباريات متتالية أمام أندية مهددة بالهبوط كما لم يحدث منذ سبع عشرة سنة، أمر يصيب بالحيرة وبالحنق أيضا ويستوجب طرح سؤال النزاهة، فهزائم البايرن غير المبررة بحسب ألوفس وبحسب نقاد آخرين أربكت البطولة الألمانية وغيرت تضاريس منطقة المهددين بالنزول.
ولو أن الأمر لا يمكن اعتباره نسخة كربونية لما حدث مع بايرن الذي يستطيع مدربه الخارق بيب غوارديولا أن يجد الغطاء التقني للهزائم الثلاث التي أحدثت زوبعة في ألمانيا، إلا أن هناك من يذكر الرجاء البيضاوي بخسارته في الحسيمة أمام شباب الريف والتي أعطته جرعة أمل في البقاء بين أندية البطولة الإحترافية، قبل أن تعيده الخسارة بالرباعية الجارفة أمام الجيش إلى خط الخوف، وأيضا بمباراته القادمة أمام شباب خنيفرة الذي يقتسم مع شباب الحسيمة هم المركز المفضي لبطولة القسم الثاني.
كان للرجاء البيضاوي ولمدربه جمال فتحي عذر يمكن أن نقتنع به في عدم ترحيل الفريق بكل ثوابته إلى الحسيمة لملاقاة شباب الريف، فقد كان الفريق واقعا تحت صدمة الخروج من عصبة الأبطال الإفريقية ومن صدمة الإنفصال عن المدرب البرتغالي جوزي روماو، كما كان ملاحقا للتو بمباراة الفرصة الأخيرة أمام نجم الساحل التونسي لضمان مكانة بين المتسابقين الثمانية على لقب الكونفدرالية الإفريقية.
إقتضت الحكمة التقنية ومقتضيات العلاج النفسي مما تركه الخروج مبكرا من السباق نحو لقب البطولة الإحترافية والإقصاء من عصبة الأبطال أن يبقي جمال فتحي على كل عياراته البشرية لينجز المهمة في شقها الأول بالصورة الجميلة التي كان عليها اللقاء أمام النجم الساحلي السبت الماضي.
وجاء العرض القوي والفوز الكبير على نجم الساحل التونسي بالحصة التي تبقي هامشا للإطمئنان، ليعطيا كامل الحق لجمال فتحي الذي لا يمكن أن ينعث بأنه بخل على البطولة بالقدرات البشرية التي يمكن أن تكون حاسمة في تقرير مصير الأندية، لذلك سيكون أي قرار تقني وأي إختيارات بشرية يلجأ إليها جمال فتحي في مباراته القادمة أمام شباب خنيفرة هو من ينتظره إياب حارق بسوسة أمام النجم، مبررة ومدعومة ومفسرة تسقط كل علاقة يمكن أن يقيمها البعض بين ما يحدث مع الرجاء وما يحدث مع بايرن ميونيخ.