لم تعرفنا الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى الآن برغم ما مر من الزمن على وضع قواعد وأساسات الإدارة التقنية الوطنية، بالطريق التي قطعتها في إعمار البيت التقني وبالأشياء التي أنجزتها فعلا لتنزيل القواعد المتعارف عليها دوليا لإعطاء الكرة الوطنية أخيرا إدارة تقنية، إسما يطابق المسمى.
حالة من الإرتباك سادت الميلادات الأولى للإدارة التقنية الوطنية وقد إستقر الرأي على أن يسير التنزيل في ثلاثة إتجاهات تتكامل ولا تتقاطع، فقد أحدثت مديرية تقنية خاصة بالمنتخبات الوطنية وأسندت قيادتها لناصر لاركيت، وأحدثت مديرية تقنية خاصة بمراكز التكوين وأسندت إدارتها للفرنسي جون بيير مورلان، فيما عهد إلى حسن حرمة الله بإدارة مديرية التكوين، وقام الظن والإعتقاد على أن الأطر الثلاثة ستمضي في طريقها محترمة أصول عمل وإن تجزأ فإنه يفضي إلى الإلتقاء على أكثر من صعيد، إلا أنه بمرور الوقت تأكد أنه من المستحيل فعلا في وجود بيئة مشبعة بالهواية أن نشهد بناءا سليما للبيت التقني.
لم يكن الخطأ في جدارة وكفاءة أو حتى مرجعية الأطر الثلاثة التي أنيطت بها مسؤولية وضع المجسم الجديد للإدارة التقنية الوطنية، فلم يكن هناك أدنى إعتراض على أكاديمتها، ولكن كان المثير للفتنة أن من حول الإدارة التقنية الوطنية تحلق منذ وقت طويل أناس جروا إلى جحور لم يقبلوا بها وقد تعودوا على الإشتغال في مرفق دون غيره، النتيجة أنه بمرور الأيام ستنشط الخلايا النائمة تحت وازع التحييد والتهميش الذي مورس عليها، وسترتفع بعض الأصوات التي لا تجيد إلا الشجب في محاولة لزرع الفتنة وإخراج القطار عن سكته.
ولم يتحير رئيس الجامعة في التصدي لما أبلغ عنه بوجود حرائق في البيت الذي لم يكتمل بعد بناؤه، إذ قرر الخروج علينا بقرار يسمي رسميا ناصر لاركيت مديرا تقنيا وطنيا بحجة أن المؤسسات المتخاطبة مع الجامعة وبخاصة منها الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، تريد مخاطبا واحدا بل منها من إستغرب وجود إدارة تقنية بثلاثة رؤوس.
وعندما تسمي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ناصر لاركيت مديرا تقنيا وطنيا وكلنا يعرف درجة الجفاء التي بلغتها العلاقة بينه وبين حسن حرمة الله، فإن الأخير من منطلق صلاحياته واليد المطلوقة سيشير على رئيس الجامعة بفك الإرتباط بحرمة الله الذي كان قد سار خطوات على درب عقلنة التكوين بمختلف أضلاعه، وهو ما كان فعلا ليصبح لاركيت مسؤولا عن إدارة تقنية تنهب الوقت نهبا ولا تكفي ساعات اليوم للوفاء بكل التعهدات، خاصة وأن مؤسسة الإدارة التقنية الوطنية ما زالت في طور النشأة.
بالقطع لا أروم إقامة مرافعة للإطار حسن حرمة الله الذي كان التعاقد معه من قبل الجامعة مؤسسا على قناعات وعلى تقدير للجانب الأكاديمي الغني في تكوين الرجل، ولكنني أقف اليوم مشدوها ومفزوعا أمام حالة التكتم الشديد التي ترافق العديد من القرارات الإستراتيجية التي تتخذها جامعة كرة القدم، فإن عرفنا ظاهر الأسباب وليس بواطنها عندما أخذ رئيس الجامعة قرارا بتسمية ناصر لاركيت مديرا تقنيا وطنيا، فإننا لن نعرف لقرار الإنفصال عن حرمة الله في هذا التوقيت الحاسم والخطير من عمر الإدارة التقنية الوطنية سببا، إلا أن يكون هناك إصرار فعلي على التضحية بالكفاءات الوطنية الواحد بعد الآخر لوجود تجاوزات واختلالات لا يمكن أن يتحمل وزرها هؤلاء الأطر المضحى بهم.
نتفق على أن ناصر لاركيت بالسيرة الذاتية التي يملكها يستطيع أن يتحمل مسؤولية وضع هياكل الإدارة التقنية الوطنية، ولكن من يقول أنه لوحده يستطيع أن يضطلع بكل المهام الثقيلة جدا الموكولة لهذه الإدارة التقنية الوطنية؟ ومن يقول أن هذه الإدارة التقنية الوطنية التي ينفق عليها الشيء الفلاني يجب أن تقفل في وجه الكفاءات التقنية الوطنية والتي يعيش اليوم كثير منها حالة عطالة غير مبررة؟ إنني ما زلت عند قولي بأن الإدارة التقنية الوطنية لا بد وأن تكون بيتا يأوي كل المرجعيات والكفاءات التقنية الوطنية، لا أن تكون مؤسسة لا تقبل إلى بمن يقدم الولاء لهذا الشخص أو ذاك.