نقف على خط واحد لإبداء رفضنا المطلق من الطريقة التي تجري بها معاملة مباريات المنتخبات الوطنية الإفريقية بخاصة منها التي تقع تحت وصاية الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، فإن لم تخضع الكاف هذه المباريات للتشفير الكامل نتيجة تفويت حقوق البث التلفزي لهذه الشبكة أو تلك وفي كل الحالات فإنه لا يجري التفويت بالقيم المالية المهولة سوى لشبكات تؤمن فقط بالمشاهدة المسبقة الدفع، فإنها تلزم التلفزات الوطنية بإذاعة المباريات أرضيا لتضيق بالتالي الحلقة ويكره المواطنون المغتربون في دول العالم على متابعة مباريات منتخباتهم بما تيسر لهم من تحايل على أجهزة التشفير.
من حيث المبدأ أرفض جازما ككل المغاربة وككل الأفارقة أن يحال بين المواطن وبين منتخبه القومي أيا كانت الإعتبارات وأيا كانت الإكراهات، ولكنني أرفض هذا الردح الإعلامي الذي يجري التحريض عليه كلما أزف موعد مباراة للفريق الوطني والذي شاهدنا وسمعنا عينة منه ومباراة المغرب وليبيا عن تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2017 وكذا مباراتي المنتخب المغربي المحلي أمام كل من نسور قرطاج وثوار ليبيا يجري بثهم فقط على القنوات الأرضية، عندما يخرج القيمون على مشهدنا التلفزي الوطني متباكين، ليبلغوا المغاربة بما قدر لهم من حزن ورثاء أن المؤسسة المخول لها قانونا إدارة حقوق البث التلفزي قاريا لا تقبل بنقل المباراة على القنوات الفضائية لأن هذا الحق مباع قانونا لهذه الشبكة التلفزية أو تلك، والرفض مصدره أننا إما نعامل القضية وهي عميقة بكثير من الفولكلورية، وإما نقفز على المواثيق الدولية وإما لا نستطيع المرور من القنوات القانونية للحسم نهائيا في هذا الجدل.
لا يمكن للإتحادت والجامعات الوطنية لكرة القدم بإفريقيا ومن بينها الجامعة الملكية المغربية إلا أن تلوم نفسها على واقع الحال المرير والمستعصي، فهي التي صوتت ذات مرة بالقبول الكامل على قرار بيع حقوق البث التلفزي لما يجلبه من عوائد يقول الإتحاد الإفريقي لكرة القدم أنها توزع على هذه الجامعات، ويكون باعثا على الحزن حقيقة أننا نقف اليوم على كثير من القرارات التي لا يبطل لها مفعول ولا تتناسب والزمن الكروي الجديد، مررت بشكل أو بآخر في الجموع العامة للكونفدرالية الإفريقية وذيلت بتوقيع الرضا من قبل ممثلي الجامعات الوطنية.
وإذا كنا لا نقبل كأفارقة أن يزايد في حبنا لمنتخباتنا الوطنية بكل القداسة والرمزية التي تملكها، فإن هذا الرفض لا بد وأن يتحول إلى قوة تفاوضية داخل الكاف، لا تتوقف عند إسقاط التشفير للمباريات الدولية ولكن تتعداه إلى إيجاد البديل لطالما أن الكونفدرالية الإفريقية بحاجة إلى عائدات مالية وبحاجة إلى تسويق ناجح لكل التظاهرات الكروية التي تشرف عليها.
وكما يمكن للمغرب أن يدفع في اتجاه فتح نقاش عميق وحضاري لرفع الحظر الممارس بطريقة أو بأخرى على مباريات دولية تعتبر أخلاقيا ملكا للشعوب، بتقديم مقاربات تسويقية بديلة، فإن حماية هذا الحق الممنوح لكل المغاربة بالنظر لما يمثله لهم منتخبهم الوطني، يجب أن يكون واحدا من القضايا المطروحة على طاولة الحكومة، فإن كان ضروريا أن نؤمن لكل المغاربة أينما وجودوا، هنا في بلادهم أو في بلاد الله الواسعة المشاهدة الأرضية والفضائية لمباريات الفريق الوطني، فلا بد من فعل ذلك بلا تردد على اعتبار أنها خدمة عمومية ينص عليها دستور المملكة.
ليس بتجييش الإعلاميين وليس بالمزايدات والتباكي على ناصيات الشارع الإعلامي يمكن للقطب التلفزي العمومي المسخر لخدمة المغرب والمغاربة أن نحل إشكالية معقدة، بل بالحوار وبالحكمة وبالمبادرة إلى إبداع الحلول للمشاكل مهما كانت مستعصية.