من دون حاجة لأن يمضي الـمزيد من الوقت على رأس وزارة الشباب والرياضة وصيا فعليا ومباشرا على الـمشهد الرياضي الوطني لا حاملا حقيبته بتفوض مؤقت، توصل السيد امحند العنصر إلى أن الجلباب القانوني الذي نلبسه الحركة الرياضية الوطنية، جزء منه ضيق يكشف الكثير من العورات وجزء آخر منه فضفاض يحرض على الخروج السافر عن النص، ومهما فعلنا ومهما إجتهدنا فإننا في النهاية لا نتوصل إلى مطابقة الأنظمة واللوائح والتشريعات مع موجبات الزمن الرياضي الجديد ومع ما نحتاجه فعلا من إنضباط وشفافية وحس ديموقراطي لتوجيه أشرعة الـمركب الرياضي إلى حيت يبحر الناس.
لم يكد السيد امحند العنصر يسخن مقعده كوزير للشباب والرياضة هو من تمرس بالعمل الحكومي متقلبا بين العديد من الـمناصب، حتى قذفت الأيام إلى مكتبه العشرات من القضايا الشائكة التي لها طبيعة قانونية، جامعات متناحرة تقف على خط التنافر بين حجب للثقة وبين الـمطالبة بإحلال الـمؤقت، ومؤسسات إما أنها أصيبت بالعطالة وإما أنها أصبحت على حافة الإفلاس، وما يبدو مستفزا ومحيرا أن وزارة الشباب والرياضة بكل الـملفات الضخمة والكبيرة الـمناطة بها من قبل الحكومة لدمقرطة الـمشهد الرياضي وإنعاش الـمرفق الشبابي، تعيش على وقع خصاص مهول على مستوى الكفاءة الإدارية، وأكثر منه لا تحتكم لأطر وازنة في مجالات الإفتاء القانوني والسهر على انتظام سير الديموقراطية داخل كل المؤسسات الرياضية.
وتذكرت أن محمد أوزين الذي خرج مقهورا من وزارة الشباب والرياضة، قد أسر إلي ذات يوم وقد بلغت الجامعة والوزارة على حد سواء درجة من الإحتقان والتشنج بسبب ما بدا من خلاف بين الأنظمة الأساسية للجامعة الـملكية الـمغربية لكرة القدم الـمستوحاة بالكامل من روح الأنظمة النموذجية للجامعات الموضوعة في قانون التربية البدنية والرياضة 30 - 09 وبين الأنظمة المعيارية لـ «الفيفا»، بأنه وقف على حقيقة الشح الكبير الذي تعاني منه الوزارة على مستوى الأطر الـمـكونة التكوين القانوني العميق، والتي يكون بمقدورها الفصل في كل الخلافات القانونية التي تحكم فيها الوزارة، ومعها تتحول الوزارة إلى شاهد ووصي مباشر على إحترام القانون ورفع مستويات الحكامة الجيدة، بدل أن تصبح شرطي مرور لا يكل ولا يمل من تسجيل مخالفات السير على كل من يأتون للعمل داخل الـمشهد الرياضي الوطني وهم لا يدرون شيئا عن القانون الذي ينظم هذا المشهد.
ولو قدرنا أن السيد الوزير وكل الأطر الوازنة والثقيلة داخل وزارته وهي معدودة على رؤوس الأصابع، مجبرون على تفكيك ومعالجة كل هذه الملفات الـموضوعة على طاولة مكتبه والتي هي في تزايد مستمر نتيجة ما يوجد فعلا من جهل بالقانون ومن ضعف في الـمقتضيات التطبيقية الـمنظمة لهذا القانون، فإنه سيكون من الـمستحيل على السيد العنصر كما كان الحال مع وزراء سبقوه لإدارة وزارة الشباب والرياضة، أن ينتبه إلى الأوراش العميقة والإستراتيجية والتي لها علاقة مباشرة بمكانة رياضتنا في الـمنتظم العالـمي وبعده القاري.
منذ مناظرتنا الثانية حول الرياضة والتي كانت قراءة نقدية عنيفة وصريحة مع الذات وكانت كشفا بالحقائق الـمؤلـمة، وكل الذين يأتون لإدارة الـمــشهد الرياضي والشبابي يقولون أن الحركة الرياضية لن تستقيم إلا بجامعات وأندية ومؤسسات منتخبة بكل ديموقراطية ومدارة بقدر عال من الحكامة ومحاسبة على قدر ما يعطاها من مسؤوليات وإمكانيات، وبرغم ما يعم الـمكان من وعيد وضجيج وتهديد بالـمؤقت، إلا أن الحال لا يتغير، بل إنه يسير للأسوأ.
هناك حاجة لـمقاربة جديدة لكل هذه الـمعضلات الرياضية، مقاربة لا تجعل من القانون هاجسا أزليا ولا تجعل من دمقرطة الجامعات والأندية الـمهمة الوحيدة، ولكنها تذهب إلى جانب معالجة الخلل القانوني وإلى الإهتمام بالأوراش الأخرى التي من فرط تهميشها جنينا على أجيال ووأدنا الـمواهب بالعشرات.