لو حدث غير هذا ستكون مفاجأة من العيار الثقيل، والبشارة حملتها للطالياني الفرنسي، غول كبير متحكم في هواء الجلد المدور، وهي شركة «أديداس» التي تختار للمونديال من يحكم مبارياته النهائية ومن يفوز بجائزة الأفضل حتى ولو لم يكن هو الأفضل، ولعل حكاية تتويج ميسي بمونديال البرازيل على حساب نجوم المانشافت كان شاهدا على عمق تدخل وسطوة وحتى سيطرة ونفوذ هذا الهولدينغ الكبير.
الآن أمور كثيرة بدأت تنكشف ومعطيات سرية وويكيليكسات كروية بدأت تجد طريقها للعموم، تؤكد علاقة «أديداس» بالدور الذي لعبه المرشد الأمريكي بلازر ليدل القضاء الأمريكي على الخفي الأعظم داخل هذا الجهاز الفاسد والمسوس.
«أديداس» ستكون هي الورقة التي سيلعبها الأمريكيون لضرب بلاطر في مقتل ولإصابته بالرمح القاتل، إن لم يرفع الراية البيضاء ويقبل بترك الكرة لأصحاب الآيادي النظيفة، لكون هذه الشركة تعرف الشاذة والفاذة عن بلاطر وعن أسراره وإن لم يرحل مسالما سالما سيرحل مكسور العظم ذليلا.
مصداقية هذه الشركة الرائدة تجعل من نبوءاتها صادقة وواقعا لا يرتفع وهو ما تجسد مؤخرا من خلال خرجة مثيرة لـ «هريرت هاينر» رئيسها التنفيذي في حواره مع مجلة «فوكاس» الألمانية حين أشار بالصريح الفصيح على أن ميشيل بلاتيني يمثل في الوقت الحالي الخيار المثالي والمناسب لرئاسة الفيفا.
هذا المسؤول البارز بـ «أديداس» عدد مزايا بلاتيني وخصاله الكروية والرياضية التي تجعله محط توافق وإجماع من أهل الكرة ورعاة الفيفا وداعميها الكبار.
هاينر لم يتوقف عند هذه الحدود بل واصل رسم فسيفساء الفيفا المقبل ومكتبها التنفيذي وقال أن الألماني فولف يانغ نيرسباخ هو رئيس اليوفا المتوقع ليحل مكان بلاتيني وليلحق به في المكتب التنفيذي للفيفا.
وحين ينطق واحد من الرعاة التقليديون الكبار الذين يضخون مبالغا طائلة في جوف الفيفا، وبهم تسير قافلة وركبان هذا الجهاز فإنه لا صوت يعلو على هذا الصوت.
مسكين بلاطير الذي ظل يتوهم ومن فرط جنون العظمة أنه لا أحد سيقدر عليه، فانتهى كالمنشفة الحقيرة مرميا بالخارج منبوذا، وكأنه جرثومة خبيثة لا أحد يفضل الإقتراب منه، لذلك يطلب هذا الرجل البرمائي الذي ظل يصول ويجول في بقاع الأرض ويستقبل استقبال الفاتحين، الحماية والآمان من بلدان غير مرتبطة باتفاقيات مشتركة لتسليم المطلوبين للعدالة قبل أن يركب أول طائرة.
نهاية بلاطير تشبه نهاية الجبابرة والطغاة المستبدون والساديون الذين طالما تلذذوا بتعذيب الغير والإمعان في السخرية من الشعوب وجماهير الكرة، بفضل إمساكه بزمام قيادة هذا الجهاز الكروي الخطير.
ولأنه إنتهى نهاية كل ديكتاتور ومازال يرمي فقاعات هوائية وبالونات لجس نبض أعدائه بالعودة، فقد كان لزاما على سكالا الناطق الرسمي للفيفا أن يسخر منه ويوجه له صفعة على القفا ويطالبه باحترام إرادة قبيلة الكرة وإرادة التغيير والتي ما عادت تطيق بقاءه ولا حتى رائحته.
واهم كان بلاطير وهو يفصل المكتب التنفيذي المقبل للفيفا وأجهزة كثيرة على مقاس الوفاء والمحسوبية والتقدير لشخصه وجنابه، واهم بعدما فضحته معطيات الرشاوي والعمولات وقوة اختراق القضاء الأمريكي وجرأة الإعلام الإنجليزي وكشفت مستوره وخباياه رفقة فالكي الورقة التي راهن عليها لخلافته.
سيكون رائعا لو انتصر بلاتيني بعض النظر إن كان مثقفا أو أميا أو حتى عبيطا، ولا عقلاء لن يصدقوا حكاية أن مبدعا كرويا أذهل العالم بروائعه رفقة اليوفي عبيط وناقص نباهة، أو أن من درب فرنسا وترأس جامعتها وعاد ليرأس اليوفا الأكثر جذبا للأضواء وللإعلام رجل أمي لا يفقه في الإتيكيت شيئا.
لذلك أضم صوتي لهريرت هاينر ولو أنه لا صدى لصوتي مقارنة مع مسؤول «أديداس» وأتطلع لمشاهدة بلاتيني يتقمص دور دركي الكرة بدلا لبلاطر.
شوقي كبير أن يشفي بلاتيني غليلي في واحد من الذين باعوا المغرب أوهاما كثيرة وكان من مهندسي الظل لسحب مونديال الكرة منه وهو الأكثر استحقاقا لتنظيمه قبل أن يعود ليضحك علينا بدورات ومسابقات أرهقت ظهرنا ماليا.
لن أصدق أن بلاطير كان صديقا للمغرب، لذلك ننتظر بدورنا أن تدور الأيام على هذا المتسلط ليجرب بدوره كيف تنطق عبارة «دو وينر إيز بلاتيني».. كما صمنا السمع لها ذات يوم من صوته الذي لم يختلف عن فحيح الأفاعي ونعيق الغربان إلا بالنوتة، ومن يومها كرهه مغاربة كثيرون.