لم نسأل لاعبي المغرب التطواني مستحيلا، ولم نطلب منهم أن يأتوا بما لا طاقة لهم بهم ونحن ننتظر عودتهم من لومومباشي حاملين لتأشيرة العبور للدور نصف النهائي لعصبة الأبطال، علهم ينجحوا بعد ذلك في أن يكونوا رابع ناد مغربي يحصل على لقب بطل أبطال إفريقيا بعد الجيش الملكي والرجاء والوداد البيضاويين.
كل ما تمنيناه على لاعبي المغرب التطواني، أن يهدوننا ما هم أهل له، وما تأكد عبر المباريات التي خاضوها في مسيرهم الإفريقي أنه ملك أيديهم، وأبدا لم نكن لنغضب أو لنتحسر لو أنهم فعلوا كل ما يستطيعونه من دون أن يتحقق لهم حلم الصعود إلى المربع الذهبي الإفريقي، فمن يعرف جيدا كرة القدم يعرف منطقها الغريب الذي يقسم الظهر ويعرف أن صروح الآمال تتحطم للحظة على صخرة الحظ التعيس، إلا أن ما قدمه الفريق التطواني في مباراته المفصلية أمام تي بي مازيمبي الكونغولي في الحلقة الأخيرة من مسلسل المعاناة بلغ درجة متقدمة من السوء ومن الكارثية ومن الغرابة ما لا يجعلنا نصدق حتى الآن، أن الذي سقط بخماسية بلومومباشي وأن الذي تجرع كؤوسا من الذل والهوان هو المغرب التطواني الذي عرفناه عصيا على مثل هذه التصدعات وقويا على مثل هذه الإنكسارات المجانية.
للأمانة ما كان أحد يتوقع أن يخرج المغرب التطواني من جحيم الفريق الكونغولي الذي كان يرى في الفوز خياره الوحيد ليس للتأهل ولكن للقبض على صدارة المجموعة من دون أن يترك اللحم والدم على مسرح المواجهة، ولكن ما ظن أحد أن المغرب التطواني هو من سيكون جحيما على نفسه، فيجني على حلمه ويحطم كبرياءه ويرمي في مهملات التاريخ كل الجهد الخرافي الذي بذله حتى وصل إلى حيت عجز عن الوصول أكثر من فريق مغربي منذ أن خاض الوداد النهائي التاريخي الذي خسره أمام الترجي الرياضي التونسي سنة 2011.
هو كابوس مزعج ذاك الذي عرضه علينا المغرب التطواني في يوم كنا نظنه إحتفاليا، لم يكن الكابوس من صنع مازيمبي الذي لا أحد ينزع عنه جدارة تحقيق فوز هو الأعرض والأقوى في كل مباريات دور المجموعات، ولكنه كان من صنع المغرب التطواني الذي طمس هويته وأضاع شخصيته ورضي بتقديم تلك الصورة السمجة والمعيبة عن نفسه، في النهاية كانت مباراة مازيمبي بالنسبة للمغرب التطواني عبارة عن آثام تكتيكية وعن ضلالات فنية وعن إنحرافات نفسية خطيرة قوي معها الشطط وأشتد معها الهذيان، فكانت المحصلة النهائية أن المغرب التطواني نسي نفسه وذاته في توقيت هو الأسوأ.
بالقطع لن أختص لاعبا بعينه بهذه السماجة التي شاهدناها ومازيمبي يعاقب المغرب التطواني على سذاجته القريبة للجنون منها لأي شيء آخر، ولكن مسؤولية الإخفاق والسقوط بهذه الكيفية الرديئة يتحمل مسؤوليته اللاعبون وطاقمهم التقني الذين سمحوا للأداء الجماعي بأن ينزل إلى ذاك الحضيض وسمحوا للصورة التقنية بأن تبتذل وسمحوا بفعل توالي الأخطاء للحلم الإفريقي لأن يغتال في طفولته.
طبعا سيبرز حيال هذا الخروج الصاغر حتى لا أقول المذل للمغرب التطواني من مساره الإفريقي، سؤال الأسباب الموضوعية والذاتية التي أدت إلى هذا الإنحراف المفاجئ لفريق أعطانا الإنطباع في آخر مباراتين بالفوز على الهلال السوداني بمعقله وعلى سموحة المصري، على أنه ماض إلى تحقيق الإنجاز التاريخي، فقد يكون لانفصال المغرب التطواني عن ثلاثة عناصر مؤثرة في ظرفية دقيقة (ياجور – مرتضى فال – جاحوح) تأثير على شخصية الفريق التي ظهرت مهتزة بل ومنحرفة في مباراة مازيمبي، إلا أن الهزالة التكتيكية التي كشف عنها اللقاء تقول بأن هناك سببا أقوى بكثير من مجرد غياب ثلاثة لاعبين، لا بد وأن يكون موضوعا لبحث دقيق وجريء حتى لا يكون لهذا إقصاء من عصبة أبطال إفريقيا تداعيات سلبية على فريق أعطانا الدليل تلو الآخر على أنه بات من القوى الوازنة للكرة الوطنية. 
....................................................................
 قضى أنصار الوداد البيضاوي ليلة حزينة الأربعاء الماضي وفريقهم يكره على مغادرة منافسات كأس العرش من بوابة الدور ثمن النهائي بتعادل مخيب للآمال أمام النادي القنيطري، كان مرادفا للغقصاء الذي ما تمنى أحد من الوداديين أن يكون بتلك الصورة ومن ذاك الدور تحديدا. 
الخروج الصاغر من دور الثمن قضى على حلمين، حلم مواصلة التنافس على لقب كأس العرش الذي إن كان الوداد قد حصل على تسعة من ألقابه، فإنه لم يفز به منذ سنة 2001 عندما نال اللقب التاسع بفوزه في اللقاء النهائي على المغرب الفاسي بهدف للاشيء، وحلم تحقيق الإزدواجية لطالما أن الوداد البيضاوي هو حامل لقب النسخة الرابعة البطولة الإحترافية للموسم الماضي.
ولأن الحسرة كانت كبيرة على ضياع لقب كأس العرش، فإن جماهير الوداد سارعت لوضع السؤال حول الأسباب التي أدت إلى سقوط الوداد من دور الثمن.
والحقيقة أن الأسباب وراء هذه السقطة كثيرة، وأكبرها يمكن أن يكون الخطأ الفادح الذي إرتكبه الحارس زهير لعروبي والذي تسبب في الهدف الأول للنادي القنيطري ومعه عجز الوداد عن توقيع الأهداف الثلاثة التي تسمح بالعبور إلى دور الربع، وأيضا المجازفة الغريبة التي أقدم عليها المدرب الويلزي توشاك عندما أراد الزيادة في العددية الهجومية لشل التكثل الدفاعي للنادي القنيطري، فانتشل من الفريق ظهيريه الدفاعيين نوصير والكوردي وأحل بدلهما كلا من إسماعيل الحداد وأوناجم، وهو ما جعل الوداد ينتقل للعب بشاكلة 3-4-3 إلا أنه لم يفلح مع ذلك إلا في تسجيل هدف واحد بواسطة البديل المختار سيسي.
ويضاف لهذين السببين المباراة القوية التي خاضها لاعبو الوداد أمام الجيش في كلاسيكو البطولة، إذ إستنزف لاعبو الوداد الكثير من مخزونهم البدني لتحقيق ذاك الفوز البين على العساكر، ما جعلهم لا يقوون على رفع الإيقاع وعلى إيجاد الحلول الناجعة لكل الإشكالات التكتيكية التي فرضها التنظيم الدفاعي للنادي القنيطري والذي كان مدربه سمير يعيش يدرك أن كل محاولة لفتح اللعب أمام الوداد من دون أن تكون هناك حاجة لذلك هو بمثابة إنتحار.
عموما أضاع الوداد واحدا من رهانات الموسم الكبرى، ويبقى له رهان البطولة الإحترافية التي سيدافع خلالها عن لقب يوجد بحوزته، ورهان عصبة الأبطال الإفريقية، وهما رهانان يحتاجان إلى مزيد من المثابرة والتماسك وتجاوز الفراغ الكبير الذي تركه رحيل كل من مالك إيفونا وبكاري كوني في خط الهجوم.
وهذه الأشياء كلها لا تتحقق إلا بتجاوز هادئ وآمن لأزمة الخروج من منافسات الكأس، وقد عكس فصيل الوينرز صورة للحكمة التي يجب أن يتم بها تدبير خسارة أي فريق لمعركة لا تشكل إلا نقطة صغيرة من حرب شريفة بها عشرات المعارك وعشرات الرهانات والفتوحات الرياضية، عندما سارع إلى احتواء هذه الخروج ومنع أي استفحال للأزمة بإصداره بيان للجماهير يدعو إلى مؤازرة الحارس لعروبي والمدرب توشاك وكل اللاعبين حتى لا ينال الفشل في بلوغ هدف من عشرات الأهداف من المعنويات، فأبدا لا يمكن أن يكون الخروج من كأس العرش نهاية العالم.