أظهر الوداد البيضاوي بالفوز والعرض والأداء الذي قدمه الأحد الماضي وهو ينازل الوصيف أولمبيك خريبكة برسم ثاني دورات بطولة إتصالات المغرب من أي معدن نفيس هو، ومن أي طينة الأبطال هو، ولماذا يمثل لكرة القدم الوطنية مرجعا وسندا وقوة مؤثرة.
لم يكن الجميل في هذا الذي حدث بملعب قصبة تادلة الذي يستقبل فيه أولمبيك خريبكة ضيوفه في انتظار إستكمال أشغال الصيانة بمركب الفوسفاط، أن يفوز الوداد البيضاوي على من مثل له المطارد المشاكس في موسم الحصول على النجمة 18 الموسم الماضي بمعقله، فهذا الأمر وارد في كرة القدم ولا يستوجب إضفاء هذه الهالة عليه، إلا أن الجميل والرائع هو أن تتحالف كل مكونات الوداد مدربا ولاعبين وجماهير من أجل القفز على أزمة الخروج من دور ثمن نهائي كأس العرش قبل أربعة أيام على يد النادي القنيطري في مواجهة تعددت فيها الأخطاء الفردية والجماعية، التكتيكية والتقنية لتفرز في النهاية حالة من العجز الذي أفضى إلى الإستسلام المرادف للعجز.
لقد أظهر الوداد البيضاوي بكل مكوناته بأنه تعافى سريعا من سقطة الكأس، فما قاده للفوز الكبير والعريض على أولمبيك خريبكة، أداء جماعي متوازن خلا من كثير من الشوائب التي ظهرت في مباراة النادي القنيطري، وتدبير تكتيكي ترفع عن المخاطرات القريبة للمهاترة منها لأي شيء آخر، وتعبئة جماهيرية تنم عن وعي كبير بثقافة المساندة في أوقات الشدة.
إن ما قاد الوداد لأن يكون أمام أولمبيك خريبكة معافى، صفاء ذهني حرص الكل على استتبابه بمن فيهم الجماهير الودادية التي سارعت غداة الإقصاء أمام النادي القنيطري عبر فصيل الوينرز إلى إبادة كل غيوم الشك وتحطيم كل جدارت المبكى وهو يصدر بيانا يضع فيه الإقصاء في حجمه الطبيعي ويبرئ الحارس زهير لعروبي والمدرب طوشاك من كل تهمة مباشرة ويدعو إلى طي صفحة الكأس والتركيز على البطولة الإحترافية التي يتصدر الوداد اليوم ترتيبها بالعلامة الكاملة من فوزين قويين وبنجاعة هجومية كبيرة، فالوداد سجل سبعة أهداف من مباراتين وهذا رقم له دلالته.
قيمة الفوز الكبير الذي حققه الوداد بتادلة تأتي من أنه تحقق أربعة أيام فقط بعد زلزال الخروج من كأس العرش الذي كان الوداديون يتطلعون لمصالحة لقبه، وهي قيمة عاكسة أيضا لسلامة البيئة الكروية وأيضا لجمالية المناخ السائد في محيط الوداد، وتلك خاصية يجب الدفاع عنها بشكل جماعي.
ليس القصد مما ذكرت أن الوداد البيضاوي بلغ درجة جد متقدمة في إبداع مشروع لعب متوازن وفعال، فما شاهدناه أمام الجيش وأمام أولمبيك خريبكة لم نشاهده في مباراة النادي القنيطري ولا أجزم أن الوداد سيقدمه في كل مباراة يلعبهاه، وهذا دليل على أن العمل التقني والتكتيكي والذهني لا بد وأن يتواصل بلا كلل لتصبح للوداد هوية اللعب التي يحتمي بها وينال بها كل ما هو أهل له.