لا أرى سببا للتشنج الذي يغلب على كثير منا كلما وددنا توضيح أمور أو الدفاع عن رأي أو دفع تهمة رميت بالباطل، فكثير مما أسمعه أو أقرؤه ينم عن وجود شرخ كبير في منظومة العلاقات التي يفترض أن تقوم بين المتدخلين على أساس الشغف المتقاسم والأريحية الكاملة في تقاسم المواقف والأراء والمسؤوليات والترفع عن كل ما له علاقة بالإنتصار للنظرة الأحادية.
الأمر أقرب إلى النفاق الرياضي الذي نجد له علامات وأمثلة ونماذج في البيئة السياسية، فلا يمكن إطلاقا أن نسمح للبعض بالخروج إلى قارعات الصحف والإذاعات للتهييج والتجييش واللعن صباحا والتعانق بمنتهى الخبث ليلا، فهذه الأمور هي الحطب الذى يرمي في فرن الشغب ليشتعل ويحرق بناره المشروع الإحترافي برمته.
مناسبة هذا الكلام ما يتفاعل في المحيط الكروي الوطني سرا وعلنا من تهافت على ميكرفون الإذاعات بهدف تصفية الحساب والزيادة في الإحتقان، وأحيانا يتم ذلك بلغة بديئة لا تليق أبدا بمن ينصب كل هؤلاء الغزاة للمجال الإعلامي السمعي والبصري أنفسهم للحديث باسمهم.
كان يكفي أن يخرج رشيد والي علمي من الجحر الذي إلتزمه لفترة طويلة من الزمن حتى وفريقه يجلد بقسوة، ليشكو إلى الرأي العام ما أصاب فريقه المغرب الفاسي من ظلم تحكيمي كلفه الخروج من ربع نهائي كأس العرش أمام الرجاء، من دون أن يسقط على ذلك صفة العمد وإن كان قد شكك في توقيت مثل هذه الأخطاء التي نظلمها كثيرا ونهرب من مسؤولية مواجهتها بالتصحيح والنقد عندما نقول عنها، أنها إنسانية.
كان يكفي أن يضع رئيس المغرب الفاسي الجامعة الملكية لكرة القدم ورئيسها فوزي لقجع ومن يديرون مديرية التحكيم في صورة ما يطال فريقه من ظلم ومن أخطاء تحكيمية، وهو أمر يكفله له القانون وشرائع الوصاية الممنوحة من الأندية لرئيس الجامعة ليكون صوتها والعامل على مساواتها أمام القانون، كان يكفي أن ينفس رشيد والي علمي عما بنفسه من كرب، ليهب مباشرة وبلا تردد الحكم الدولي السابق يحيى حدقة ليتولى الدفاع عن مديرية التحكيم بطريقة غلب عليها التشنج حتى أخرجته عن النص وعن الإحترام الذي يجب أن يبديه مأجور داخل الجامعة لرئيس ناد أبدا لم يكل التهم للسيد حدقة، وأبدا لم يشكك في النوايا وأبدا لم يسئ أدبه في الدفاع عن حقوق فريقه، لطالما أن هذه واحدة من أكبر مسؤولياته.
بالغ حدقة في التشنج، حتى أن دفاعه عن الحكام الذين نبدي جميعا كامل الإستعداد لمساعدتهم على الإضطلاع بمهامهم وأبدا لا نشكك في مصداقيتهم، رمى به في مستنقع ما كنت أتمنى لو يدخله، فقد تحدث عن سماسرة يوجدون داخل مكاتب الأندية وتحدث عن رؤساء أندية يسعون للي أذرع الحكام وتحدث عن أندية لا تجد غير الحكام لتجعل منهم شماعة لأخطائهم وتجاوزاتهم ونصب نفسه مدافعا عن أخلاق فوزي لقجع رئيس الجامعة الذي لا أظنه بحاجة إلى من يرافع عنه ولا أظنه يسمح لأي من موظفيه بأن يأكلوا الثوم بفمه.
وبقدر ما أنا مندهش للهجة التي إستعملها يحيى حدقة للرد بعصبية وتشنج على المغرب الفاسي، ولا أرى لها مبررا ولا أظنها من طبع حدقة نفسه، بقدر ما أنا مندهش أن يكون المغرب الفاسي قد إنساق وراء حملة التهييج ورأى فيما قاله حدقة تجريحا ونصبا للتهم يقتضي اللجوء للقضاء، برغم أن الكل يجب أن يحتكم لدي رئيس الجامعة ولدى الضمير الإنساني والرياضي الغائب لغاية الأسف عن منظومتنا الكروية.
ما يتداعى اليوم من ردات فعل كنا في غنى عنها وما كانت لتكون لو أن حدقة إلتزم الحيادية الكاملة في التعامل مع تصريح عادي لرئيس ناد لحقه الضرر، هي فقط صورة من التشنج الكبير الذي يغلب على العلاقات داخل الجامعة وبين الأندية والذي يؤدي في الغالب إلى تهييج الجماهير بخاصة تلك التي تشعر بأن فرقها مستهدفة، فتهب لنجدتها والدفاع عن كرامتها بأساليب فيها عنف وشغب وخروج عن النص الأخلاقي، لذلك يحتاج رئيس الجامعة إلى ما يعيد الوفاق بين عناصر اللعبة وإلى ما يقضي على كل عناصر التشنج، بإلزام كل طرف بتحمل مسؤولياته وبمتابعة كل من يشجع على الردح على أثير الإذاعات بلا أدنى وازع أخلاقي ومهني.
في هذه لن تنفع فوزي لقجع مقولة كم من حاجة قضيناها بتركها، فأن يترك الفاعلون المباشرون في هذا التصادم القبيح، أحرارا في تصميم المعارك، إشعال لنار الفتنة وزيادة في لهيب الشغب.