إن مرت عودة الحسين خرجة قبل أسابيع للفريق الوطني وهو الذي غاب عنه لمدة طويلة، من دون أن تثير الكثير من الجدل، فلماذا يكبر ويحتد الجدل اليوم وخرجة يعاد من طرف الناخب الوطني الزاكي بادو للفريق الوطني وهو الذي غاب عن المباراة الأخيرة للأسود أمام منتخب ساوطومي؟
من يعترضون على عودة الحسين خرجة من دون التشكيك ولا التقليل من الخدمات الرائعة التي قدمها الرجل مدافعا وقائدا للفريق الوطني لمدة لا تقل عن عشر سنوات، يعتمدون على مباراة ليبيا التي شهدت فوزا قيصريا للفريق الوطني للحكم على القيمة المضافة للحسين خرجة، والتي تناقصت كثيرا بالنظر للتقدم في السن وبالنظر أيضا لتراجع التنافسية، بالنظر إلى أن خرجة المعول عليه لقيادة وسط ميدان الفريق الوطني إحدى الحلقات الأضعف في البنية الجديدة لأسود ألطلس، لم يعد يملك نفس المخزون البدني الذي يتطلبه موقع حساس كالذي يشغله عميد الفريق الوطني.
وعلى النقيض من هؤلاء يذهب آخرون للقول أن الحسين خرجة من حقه أن يكون داخل الفريق الوطني بصرف النظر عن سنه، إن كان هناك ما يبرر وجوده على مستوى المردود ودرجة التأثير في منظومة اللعب.
وبين معارض لعودة خرجة للفريق الوطني ومتحفظ ومناصر لهذه العودة، يأتي قرار الرجل الذي يتحمل مسؤوليات الإختيارات والذي إن جادلناه في تطبيقه لمعايير الإختيار، لن نغصبه أبدا على أن يناقض رأيه في هذا اللاعب أو ذاك، والأمر يتعلق طبعا بالناخب الوطني الزاكي بادو الذي يتحمل مسؤولية إختياراته والذي يساءل على الإختيارات والنتائج.
قطعا لا يمكن أن نضع أنفسنا مكان الزاكي بادو، إلا أننا لمعرفتنا اليقينية باحترافيته وصرامته في إعمال المعايير التي يقول أنها أول من يتحكم في الإختيارات، نجزم بأن الناخب الوطني لم يعد الحسين خرجة إلى الفريق الوطني لسواد عيونه وإنما لثقته الكاملة بأن الحسين خرجة يستطيع مع عودته التدريجية لقمة جاهزيته البدنية وهو الذي إنطلق على نحو قوي مع ناديه الجديد ستيوا بوخاريست الروماني الذي هو واحد من كبار الأندية الأوروبية، أن يرفع سقف التنافس على الرسمية في وسط الميدان وأكثر منه أن يصحح ما يظهر على الدوام من اختلالات على وسط الإرتداد الذي لم يتحسن برغم كل الذي أعمله الزاكي من متغيرات بشرية.
يقولون أن المياه تكذب الغطاس، فإذا كان الزاكي على ثقة كاملة بما يستطيع الحسين خرجة إضافته تكتيكيا لوسط الفريق الوطني بغض النظر عن التحفيزات النفسية التي يأتي بها لتجربته وحكمته وكاريزميته، فإن المحكين الوديين أمام كل من الكوت ديفوار وغينيا سيضعان الزاكي في موقف القادر على تبين حجم الإضافة التي يمكن أن يقدمها الحسين خرجة وكل الذين سيعطون الفرصة للعب كأساسيين بعد أشهر قضوها في دكة البدلاء.
ما آمله هو أن نطرح الأسئلة كإعلاميين وكنقاد وكجماهير بلا تشنج وبلا مزايدة وبلا أحكام جاهزة بهدف الترويع والتهويل والتشويش على مشروع إنبعاث الفريق الوطني الذي يقتضي منا جميعا تعبئة كاملة الأوصاف، ويقتضي فوق هذا وذاك أن نضع كامل ثقتنا في الزاكي فنناقش إختياراته لا أن نبخسها ونشكك في صدقيتها.