لا أعتقد أن الظروف سمحت للزاكي منذ أن عاد لعرين أسود الأطلس ناخبا وطنيا بنهم كبير لكتابة الفاصل الأخير من الملحمة المبثورة التي كان قد أنجزها مع دخوله الأول للعرين ربانا تقنيا، بأن يخوض نزالا وديا من عيار مماثل للنزال الذي سيخوضه يوم غد الجمعة أمام منتخب إيفواري، مهما قلنا عن غياباته فإنه يعتبر اليوم بقوة الإنجاز الذي تحقق قبل أشهر بغينيا الإستوائية بطلا قاريا إلى حين انعقاد الدورة القادمة بالغابون.
بالطبع لم أغفل مباراتنا الودية أمام المنتخب الأوروغوياني والتي خسرناها بهدف بعد أداء مطمئن وباعث على الثقة والأمل، إلا أن ما يبحث عنه الزاكي هو أن يكون النزال حاملا للطقوس الإفريقية والتي فيها ومعها نقيس قدرتنا على التحرك تصاعديا في سلم الإستحقاق القاري.
لم يهرب الزاكي مهما أسأنا به الظن، من النزالات الكروية القوية في أي مرة من المرات التي حمل فيها أسوده لمحك ودي، ففي المرات التي كان فيها متاحا له لعب المباريات الودية كانت كل المنتخبات الإفريقية منشغلة بتصفيات كأس إفريقيا للأمم التي أعفينا منها مرتين، مرة عندما كنا معفيين من التصفيات لأننا كنا منظمين لنهائياتها ومرة عندما جردنا من المشاركة في نهائياتها باسم إصرارنا على تأجيل الدورة عن موعدها الأصلي، لذلك تأتي ودية الكوت ديفوار لتضع أسود الأطلس في اختبار قوي سيحدد بحسب رأيي الكثير من الأشياء..
الشيء الأول هو المستوى الذي بلغه الفريق الوطني بعد أشهر من العمل في بناء المنظومة التكتيكية واستعادة هوية اللعب المفقودة للكثير من الإعتبارات التي لا مجال لسردها.
الشيء الثاني هو قياس مدى ترابط الخطوط والأجناس التقنية والتكتيكية لتفرز في النهاية وحدة عضوية، تنهي ما يستشعره غيرنا من إستغراب عندما يتوصلون إلى أن بالمنتخب المغربي عجز مركب يحول بينه وبين التعبير جماعيا عن ممكناته الفردية الرائعة.
الشيء الثالث هو معرفة ردات الفعل النفسية والتكتيكية التي يمكن أن يأتي بها الفريق الوطني في مباراة ودية يفترض أن يوضع فيها تحت إختبارات كثيرة.
والشيء الرابع هو أن نقف على ما يوجد في فكر الزاكي من خيوط ناظمة تؤكد على أنه مستوعب جيدا للظرفية التي يمر منها الفريق الوطني وعلى أنه قادر على أن يحرر هذا الفريق الوطني من الرتابة الكاتمة على أنفاسه والتي لا تقدمه إلا لماما بالصورة التي تتطابق مع إمكاناته وبالصورة التي يتمناها المغاربة.
بالقطع لن يكون لا للمنتخب المغربي ولا للمنتخب الإيفواري أي مبرر للتقنع تحت الغيابات الوازنة، فالمباراة هي للتاريخ وهي أيضا للمدربين معا طوق نجاة، وهي فوق هذا وذاك محك ودي ليس من مصلحة أي منهما أن تكون فيه النتيجة هي المنتهى، فالمباراة هي مجال لتصحيح ما ظهر من إختلالات وهي مناسبة لرفع منسوب الثقة في القدرات وهي أيضا مباراة للدفاع عن السمعة، والفوز فيها نتيجة وأداء سيكون له تأثيرات مباشرة على الطبيعة النفسية للفريق الوطني وعلى ترتيبه القاري في سلم الفيفا وعلى المستقبل المنظور لأسود الأطلس.
.........................................................    
أظن أن السيد فوزي لقجع إختار التوقيت الجيد والإستراتيجي ليتوجه بخطاب الأمل والرجاء لعموم الأطر التقنية الوطنية سواء أولئك الذين أحضرهم عبد الحق ماندوزا رئيس ودادية المدربين المغاربة أو الذين إستحال عليهم الحضور لهذا السبب أو ذاك.
لماذا هو توقيت جيد واستراتيجي؟
لأن السيد فوزي لقجع كان بحاجة لمساحة زمنية تكفي إما لتسريع الوثيرة في بعض الأوراش وإما لإطلاق أوراش من التي تعهد بها أمام عائلة كرة القدم الوطنية يوم إختارته رئيسا للجامعة، فقد كان من غير المجدي أن يتحدث فوزي لقجع بالقبعة الموضوعة على رأسه للمدربين بكل فصائلهم ودرجاتهم ومرجعياتهم التقنية، وهو لم يضع كل القطارات على السكة، فكيف يطلب من المدربين إغاثة كرة القدم الوطنية ببرنامج تقني إستعجالي يخرجها من النفق ويرفعها درجات في سلمها القاري، وهو لم يغير شيئا من الواقع الكارثي للأندية إن على مستوى النيات التحتية أو على مستوى التدبير المالي أو على مستوى الهيكل الإحترافي الذي يجب أن تقوم عليه.
يجب الإقرار بأن عملا هيكليا أنجز بالفعل، أولا لاستكمال هياكل بيت كرة القدم الوطنية، حيث يكون لكل قطب زاوية يعمل بها بكامل الإستقلالية وفي علاقة تبادلية ونفعية مع ما عداه من أقطاب، وثانيا لتنصيب إدارة تقنية وطنية برغم ما يصيبها إلى اليوم من رشح ومن هزات وثالثا لتمكين الأندية في كل المواقع من إمكانات مادية محترمة ورابعا للإنكباب على الملاعب والبيات التحتية والتي أصبحت نسبيا تمكن من تسويق البطولة الإحترافية بالشكل الذي نرضى عنه.
ليس لأنها الأضعف ضمن كل الحلقات التي تشكل مسلسل كرة القدم تركت حلقة المدربين للآخر، بل لأنها بالمطلق هي الأهم والأقوى، لأنه لا فائدة يمكن أن ترجى من مدرب تطلب منه وصفة تقنية لتطوير كرة القدم وكل البيئة التي يعمل فيها ملوثة.
كان في الحضور الوازن لرئيس الجامعة مع المدربين المغاربة، إشارتان الأولى تقول أنه رمى بالكرة في ملعبهم، عندما طلب منهم إجراءات تقنية عملية في أي إتجاه لتطوير كرة القدم ورفع السحابات السوداء الثقال عنها ووعدهم إزاء كل ذلك بالإمكانيات المالية واللوجيستيكية التي تحفزهم وتحفظ كرامتهم، والثانية تقول أنه بعمق الخطاب التقني الذي خاطب به المدربين بحضور المدير التقني الوطني ناصر لارغيت الذي كان يفترض أن يكون قد جهز وثيقة بالمطالب الإستعجالية المترتبة عن سنة وما ينيف من القراءات والإستطلاعات والتحاليل المخبرية، هناك أكثر من مؤشر على وجود إنعطافة حاسمة في هيكل واختصاصات الإدارة التقنية الوطنية التي كنت دائما مصرا على إعتبارها بيتا لكل المدربين المغاربة ومحجوزة فيها الوظائف لأكثرهم نبوغا وكفاءة.