قليلون هم الذين انتبهوا لتصريح رجل لا يتكلم كثيرا وحين ينطق فإنه يفعل ذلك بعد أن يقيس الكلمات ويعبرها بشكل دقيق ولا يطلقها جزافا، لذلك اختير في مناسبة سابقة ناطقا رسميا لجهاز كان عالم الجامعة يومها هو أكثر من يخرج على قوم الكرة ليستعرض ويستظهر أمامهم ما يطبخ في مطابخها السرية من قرارات.
قال غلام أن الجمع القادم سيكون غير عاد لأن ظرفية الكرة المغربية غير عادية وأحرج أن يقول أن الجمع سيكون إستثنائيا، بعد أن مرّ الأول بنفس الصفة بحضور مفتي «الفيفا» وممثل الطابور الخامس لبلاتير.
المفروض أن جمع 13 أبريل سيكون عاديا وانتخابيا وهكذا جرى العرف والتداول، لكن تصريح غلام كان ينطوي على حكمة أكثر من بالغة وهو كونه سيتحول لجمع غير عادي لإيجاد أكثر من مخرج وأكثر من فتوى لمن سيتربصون بالجمع ويحاولون البحث عن ثغرات لعرقلته وتمديد وقته الإضافي من العصر حتى مطلع الفجر.
يتساءل الفضوليون إن كان سيحضر السي علي الفاسي الفهري الذي أتساءل إن كان هناك من يذكر هذا الإسم الذي حملته ذات يوم رياح شهر أبريل من سنة 2009 ويشاء السميع العليم أن تجرفه رياح نفس الشهر بعيدا عن رحاب الجامعة.
المفروض بقوة القانون وبقوة العرف أن يكون علي حاضرا يوم الجمع العام القادم، كي يسلم الشاهد لمن سيخلفه ويعوضه والمفروض أيضا أن يعاد الجمع من الصفر طالما أن «الفيفا» ألغت ما سبقت وجعلته في حكم المتجاوز، والمفروض ختاما وسلاما أن تعاد قراءة مشهدي التقريرين الأدبي الكارثي والمالي السوريالي بطريقة أكثر من حضارية وموضوعية بعيدا عما رافق فصول تجربة 10 نونبر من مدلهمات ونوادر.
البعض يقول أن غلام الذي لعب دور الإطفائي سيتقمص هذه المرة أيضا دور الكاميكاز وسيحضر نيابة عن علي الذي سال له العرق البارد خلال جمع الخريف، بعدما دبر أكثر من منفذ وصيغة لتمرير تقريره المالي بسلام.
سيكون من باب الإنصاف ومن باب خدمة التاريخ ومن باب ربط المسؤولية بالمحاسبة، لو يتم إخضاع الجمع القادم لمنطق القانون والموضوعية وإخبار الجميع بأي صيغة سيحمل التقرير المالي لسنة 2013 والذي لم تتم تلاوته بالجمع الأخير وبعده في أي خانة سيتم احتساب الزمن الإضافي الذي عاشته جامعة غلام وهي تصرف الأعمال وتصرف الأموال طيلة الفترة التي قضتها مشرفة على شؤون الكرة.
الآن الحسابات اختلفت والملايير التي عددها تقرير الفهري الأخير لم تعد هي نفسها وهو ما يعني وجود تغييرات على مستوى التقرير المالي، أما الأدبي فليس مشكلة طالما أن الكرة المغربية مبحوث عنها في مختفون منذ زمن ليس بالقصير ولم تراوح مكانها كي يتم إضافة منجزات لخانتها السوداء.
سيكون من الأجدى لو يتحلى علي الفاسي الفهري بقليل من الجرأة الأدبية ليدشن حضور الختام ويخرج من الباب الكبير الذي يليق برجل تقنوقراطي يستحق أجر المجتهد.
علي الذي أطبق عليه بحجارة غليظة داخل مغارة مجهولة عاد لأصله وأدار ظهره للكرة وصخبها، ولم يظهر له أثر لا بالموندياليتو ولا بعده ومن المفروض إنتصارا لروح القانون الذي تدعمه «الفيفا» وتناصره أن يكون حاضرا يوم 13 أبريل لتوديع قبيلة اقتسمت معه الحلو والمر طوال فترة ولايته.
وسيكون من المشين لو يمر الجمع العام برئاسة غلام وتدبير مبررات واهية لتغييب الفهري من جديد، حيث يتخوف الرجل من يداهمه أحد بسؤال حول راتب غيرتس وتعويضات فيربيك وباقي التعويضات التي صرفت على منقبين أشباح.
لا يمكن أن يخرج الفهري من الجامعة بطريقة التهريب و"الكونتربوند" وبهذه السرية المريبة، على الرجل أن يحضر كما حضر قبله أسلافه وأن يودع من ارتبط بهم ولاية بأكملها بشكل لائق وفيه الكثير من الوضوح لا أن ينهي فترته ويترك للتاريخ استحضار مشهد رجل «خرج ولم يعد».
أتساءل فقط كم مرة رن هاتف علي هذه الأيام؟ وهل ما زال من كانوا معه على العهد يتذكرون رجلا تحمل مسؤولية ألحقت به أضرارا ووعكات وهو ما كشفه لمقربين جدا جدا منه؟