<< يقينا أن من سيقوده الجمع العام غير العادي ليوم الثالث عشر من أبريل الحالي إلى رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سيكون بحاجة ماسة إلى جهد كبير وإلى تركيز عال وإلى صبر أيوب لربح ما يمكن أن أصطلح عليه بالسباق ضد الساعة، فما أهدرناه من زمن بعد التلكؤ في ضبط الأنظمة الأساسية وما رافق ذلك من حالة هذيان في صنع القرارات الإستراتيجية وما واجهته الأوراش الإستراتيجية وعلى رأسها ورش المنتخبات الوطنية من عطالة مزمنة، أورث وضعية تحتاج في إعتقادي إلى كوماندو من نوع خاص، إلى فريق عمل يعي جيدا حساسية الظرفية ويعرف يقينا أن هامش الخطأ ضاق بشكل كبير.
عندما ينتصف الليل يومه الإثنين سنعرف من هي اللوائح التي ستتبارى على مركز القيادة، والمؤمل أن يكون إستحقاق الثالث عشر من أبريل مختلفا في المبنى وفي المضمون عن جمع العاشر من نونبر الذي سوق للأسف صورة بئيسة عن كرة القدم الوطنية، إلا أن الأكيد أن كل من سيتقدم للمنافسة على رئاسة الجامعة الأقوى بالمغرب يعرف سلفا أن المهمة أقرب للإنتحارية منها إلى أي شيء آخر، ليس القصد أن أرهب أحدا أو أن أصيبه باليأس ولكن القصد هو أن المرحلة في نظري تستوجب قائدا بمواصفات فكرية وكاريزماتية بعينها وتحتاج إلى فريق عمل بسمات التحدي وبنكران ذات وبأريحية كاملة في تحمل المسؤولية دونما النظر إلى المواقع بإعمال زيف المرجعيات.
يعرف من يتوسم في نفسه القدرة الفكرية والعملية على تحمل مسؤولية إدارة الجامعة في هذا الوقت تحديدا أنه سيكون مطاردا بأكثر من مهمة وبأكثر من سباق وبأكثر من تحد، فالأمر لا يتوقف عند إختيار ناخب وطني يقود الأسود بعد طول معاناة إلى الكأس الإفريقية التي نستضيف نهائياتها مطلع العام القادم، ولا يتوقف عند ورش المنتخبات الوطنية الذي لن يستقيم العمل فيه من دون إرساء هياكل مؤسسة الإدارة التقنية الوطنية ولكنه يتعداه إلى تصحيح ما إختل هيكليا وتنظيميا في المشهد الكروي الوطني، فالمشروع الإحترافي برمته يحتاج إلى إعادة تقويم وقد ظهرت الكثير من المعطلات البنيوية الزاحفة، وهياكل الجامعة تحتاج إلى من يجعلها قوية لا تتأثر بأي هشاشة لتؤدي ما يوكل لها من أدوار عملا بمبدإ الإختصاص، والتكوين بكل أبعاده يحتاج إلى منظومة متطابقة، وحتما إن إحتمى الرئيس الجديد للجامعة والذي سيفرزه الجمع العام غير العادي الأحد القادم بالنظام الأساسي الجديد الذي يخلق العديد من الإطارات المساعدة على العمل الهيكلي والإحترافي، فإنه سينجح نسبيا في هذا الذي أسميته سباقا ضد الساعة، وقد أوردت كلمة النسبية للدلالة على أن النجاح الكبير للربان القادم للجامعة لن يكون إلا بانتقائه لفريق العمل الذي سيعمل في إطار إستراتيجيته، الأمر لا يقف عند مجرد الأعضاء التسعة الذين سيشكلون اللائحة بموجب الكوطا التي يفرضها النظام الأساسي ولا حتى عند ممثلي المجموعات السبع التي سيجري تشكيلها تواليا على مدى سنة كاملة، ولكنه يتعداه إلى العناصر التي سيتم إستقطابها لتشكيل اللجان القضائية واللجان الدائمة التي يصفها النظام الأساسي للجامعة بالشريان الهام الذي يغذي العمل الجامعي برمته.
وإذا كنت أعرف مثلكم أن ما يبرز اليوم على الساحة الكروية من عناصر لا يمكن أن يفي بالغرض لتمتيع اللجان القضائية والمعاونة بالكفاءة البشرية لتنجح في أداء الأدوار الموكولة إليها، فإنني على يقين من أن الذي يحضر نفسه لقيادة الجامعة إستبق في رسم ملامح العناصر التي تحتاجها المرحلة بل وفي الوصول إليها من خارج الفضاء الكروي لتتمثل الأدوار الصعبة في زمن أظن أننا سنعي فيه أخيرا ما معنى أن تكون اللجان أجنحة بها تحلق المؤسسة وليس مجرد حبر على ورق وجبرا للخواطر المهزومة.
< الصحافة الفرنسية رقت لحالنا وفريقنا الوطني يعيش لأشهر من دون ربان، فما تركت مناسبة إلا وتحدثت عن ناخبين وطنيين محتملين، فإن لم يكن هيرفي رونار المدرب الحالي لنادي سوشو الرجل الذي قاد منتخب زامبيا إلى مباغثة الكل بالفوز بكأس إفريقيا للأمم سنة 2012 بالغابون فهو البوسني وحيد هاليلودزيش الذي أهل منتخب الجزائر لمونديال البرازيل ولا يبدي أي إستعداد للحسم في مستقبله مع محاربي الصحراء لما بعد كأس العالم 2014 برغم الإلحاح الكبير من السيد محمد راوراوة رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم الذي لا يريد المغامرة بمستقبل منتخبه، فيعرضه للعطالة الفنية بعد المونديال هو من سيكون مدعوا للتو للدخول في تصفيات «الكان» الذي تستضيفه بلادنا، وإن لم يكن هذا أو ذاك فهناك تلميحات لأسماء لا تبدو أنها مستجيبة لشروط المرحلة.
الغريب أن الصحافة الفرنسية لم تكن الوحيدة التي راحت تسوق لأسماء وفق ما يصطلح عليه بالتقارير السرية، فقد إنضمت إليها الصحافة الإيطالية التي قالت أن العجوز الإيطالي تراباتوني والذي عرفناه إسما لامعا في مجال التدريب توصل فعلا بعرض لتدريب الفريق الوطني وأنه رحب بالعرض وأبدى الإستعداد الكامل لتقمص هذا الدور، وأضافت لذلك كله، أن الرجل الذي قاد في السنوات الأخيرة المنتخب الإيرلندي طلب كشفا بأسماء اللاعبين المغاربة الممارسين بكبريات الأندية الأوروبية بهدف متابعتهم في انتظار التوقيع الرسمي على العقد مع انتخاب جامعة جديدة.
ما نقرأه ومن نسمعه كثير، بعضه القليل يدخل في المعقول، كثيره يدخل في اللامعقول، فإن صدقنا أن الفريق الوطني لا ربان ولا ناخب له وهو أمر يقول ببساطة شديدة أن هناك منصبا شاغرا لا بد وأن يتسابق لشغله مدربون بسير ذاتية مختلفة، كلهم يتخفون وراء وكلاء وسماسرة وشركات تنشط في هذا المرفق بالذات لجدواه المالية، فهل نصدق أن هناك من ذهب فعلا لمفاوضة هؤلاء الذين قيل أنهم أخبروا بالعرض المغربي؟ وإن كان هناك من فاوضهم باسم الجامعة فمن أعطاهم التفويض؟ وإن حصلوا على هذا التفويض عملا بالإستباقية التي تفرض نفسها في هذا التوقيت بالذات، فهل كانت هناك دراسة تقنية دقيقة لاختيار من جرت مفاوضتهم بشكل إستباقي لتحضيرهم لساعة الحسم والإختيار التي يجب أن لا تتأخر؟
حالة من التخبط الذي ليس سوى منتهى طبيعي لوضعية قاهرة ورثناها، ولكن ما أنا موقن منه أن الرئيس الذي سيختاره الجمع العام غير العادي ليقود الجامعة، يعرف جيدا أن المرحلة على دقتها وخطورتها أيضا تستوجب التحرك العاقل وتستوجب بالضرورة لبداية عهد الإحترافية واحترام التخصصات أن يوكل الإختيار لمن تجتمع فيهم الأهلية والمرجعية على الأقل لتضييق هامش الخطأ.