عندما يحين موعد عقد الجمع العام الإنتخابي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بعد فترة إسودت فيها الدنيا وتعتمت السماء وسالت وديان من الحبر في الرثاء والهجاء، تقديحا للذات ولما جره على الكرة المغربية تنطع من قبل جهاز الوصاية ومن قبل العائلة الكروية نفسها، يكون جديرا بنا أن نطرح أسئلة الإستفادة من محنة الإنتظار وأسئلة إجترار الزمن البديء المشبع بالقلق والخصومات وأسئلة المستقبل القريب لكرة القدم المغربية والذي لا يمكن أن يتأسس إلا على ما زرعناه طوال هذه الأشهر التي قضيناها في بيت الطاعة نعاقب من الفيفا على عصيان مبرمج.

تدق ساعة أخرى للحقيقة ويشهد قصر المؤتمرات بالصخيرات هذا الأحد على الذي تعلمته عائلة كرة القدم الوطنية من درس التوبيخ، هي من صدرت من هذا الفضاء يوم العاشر من نونبر الماضي صورة فاضحة تبعث على الخجل.

قطعا سنرى ما إذا كان الجمع العام الإنتخابي سيقطع مع كل مشاهد المسخ التي يربط كثير منها للأسف بضرورات الديموقراطية.

كان واضحا أن عقد الجمع العام غير العادي للمصادقة على النظام الأساسي للجامعة المحين برقابة صارمة من الفيفا وبتسامح لربما سيسأل عنه يوما وزير الشباب والرياضة السيد محمد أوزين، قد أورثنا حالة مستجدة تبشر أولا ببداية عهد جديد يكون فيه الوعي قد تنامى بأن الجموع العامة هي مرآة عاكسة للتطور الديموقراطي الحادث في إدارة المشهد الكروي وليس فضاء للإنتصار للنفس، وتبشر ثانيا بأن كرة القدم الوطنية ممثلة في الجهاز الوصي الذي هو الجامعة أصبح لها نظام أساسي إن جرى الإحتكام بالكامل لفصوله وإن جرى الإحتماء ببنوده ضاقت هوامش الخطأ وأمكن أخيرا مطابقة كرة القدم هيكليا مع ممكناتها البشرية الكبيرة والعريضة، ففي هذا النظام الأساسي ما ينتصر للإختصاص وما ينتصر للكفاءة والأهلية وما يوسع دوائر القرار وما لا يضع مشهدا كرويا كبيرا بتركيباته المعقدة بيد فئة صغيرة هي المكتب المديري المسمى الجديد للمكتب الفيدرالي.

هذا النظام الأساسي هو مقدمة لثورة كبيرة ستربحها كرة القدم الوطنية إن إمتثلت لأحكامه وتشبعت بفلسفته وستخسرها بالكامل إن حادت عن فكر النظام وانتصرت للتحريفات التي يلجأ إليها كل من تسول لهم مصالح ضيقة الإجهاز على الأحكام.

وبالطبع عندما تذهب عائلة كرة القدم ممثلة في من يعطيهم النظام الأساسي الجديد حق الحضور والتداول في الجمع العام الإنتخابي فإنها لا تذهب بالضرورة إلى انتخاب رئيس تجتمع فيه دون غيره مواصفات القيادة في هذه الظرفية الدقيقة جدا، ولكنها تذهب أيضا إلى تحرير موثق معنوي وأدبي حتى لا أقول وطني لحماية المشروع الذي سيأتي به إلى الجمع السيد فوزي لقجع باعتباره مرشحا وحيدا لرئاسة الجامعة في تكريس قيمي لما كان التوافق عليه في جمع العاشر من نونبر الذي ألغته الفيفا.

مشروع لا بد وأنه خضع للتحيين، أولا لرأب الصدع الزمني الذي كان مع جامعة تصريف الأعمال والذي تعطلت معه العديد من الأوراش الحيوية وثانيا للتطابق مع أحكام ومواد وفلسفة النظام الأساسي الجديد للجامعة الذي يقترح هياكل لتنزيل منظومة البناء.

لذلك ففوزي لقجع لا يحتاج من الجمع العام فقط إلى ما يزكيه رئيسا جديدا لأقوى الجامعات الرياضية بالمغرب، ولكنه يحتاج إلى تصريح علني من كل مكونات العائلة الكروية الوطنية تقول فيه بأنها تنخرط بالكامل في تقويم المشهد الكروي وإصلاح ما إختل فيه، لأن ذلك هو وحده ما يعطيه القدرة على تنزيل مشروع جماعي نجاحه الكبير هو في توفر الإجماع وتوفر الإرادة للمساهمة فيه من أي موقع.

ومن يقول بأن السيد فوزي لقجع وكل من سينضمون إليه بقوة الكفاءة والنزاهة الفكرية والإختصاص سيبدؤون من نقطة الصفر حالما تسلم إليهم مقاليد جامعة كرة القدم، سيكون واهما أو مسوقا للوهم فلا أحد ينكر على جامعة علي الفاسي الفهري أنها إشتغلت على مدى أربع سنوات في أوراش حيوية تقدم فيها العمل قبل أن يتعطل، ولا أحد يمكن أن يجبرنا على إعمال القطيعة برغم ما يمكن أن نقوله عن الإرث الذي يتركه الفاسي الفهري، فهناك حتما حاجة إلى المراكمة وإلى مزيد من تقوية أسلوب ونظام العمل داخل الجامعة للحيلولة دون كل ما يحرض على القطائع التي تبثر العمل وتهدر زمنا كبيرا أمضاه آخرون في بناء المنظومة.

سيكون أمانة على كاهل فريق عمل فوزي لقجع فتح كل الأوراش القديم والحديث منها وإخضاعها بالكامل لدراسة تقويمية تحدد بدقة ما أنجز وما لم ينجز، وتبتكر بالأساس أسلوبا للمراجعة المستمرة وقد يكون الجديد في تدبر هذه الأوراش أنها لا بد وأن تتوحد بالكامل داخل المشروع لتزداد قوة وتماسكا تماما كما أن ما يتحكم في تعيين من يديرها عنصرا الكفاءة والإختصاص بعيدا عن المحاباة وعن جبر الخواطر.

إن الطبيعة الأكاديمية والعلمية في تكوين شخصية فوزي لقجع كرجل دولة لا بد وأن تظهر في تنزيله للمشروع الذي عرضه على رؤساء الأندية والعصب والمجموعات التي سيجري إحداثها بالتدريج، بما يقول أن ما سنراه بعد يوم الأحد عندما يعلن رسميا عن لقجع رئيسا جديد للجامعة هو مقاربة جديدة لها طابع علمي للوصول بالمشهد الكروي الوطني إلى مرحلة متقدمة من الإحترافية في التدبير.

كنا نتمنى لو أن الجمع العام الإنتخابي ليوم الأحد القادم كان نزالا بين مشروعين أو برنامجين أو أكثر لمشهد كروي وطني أكثر ديموقراطية بالنظر إلى أن التنافس في تقديم المشاريع وإنتاج الرؤى يفيد المشهد الكروي الوطني ويعطية قوة دفع، وإن كان ذلك ينتفي اليوم فلأن الفضاء الكروي ممثلا في جامعته ونواديه وعصبه عاش دهرا بالكامل يعطي المشروعية لأشخاص لا يستجيبون لأدنى شروط التسيير الرياضي فأنتج ذلك عقما كبيرا على مستوى تفريخ النخب الرياضية، وأكثر منه يهمل رجال الميدان من لاعبين ومدربين وحكام وإعلاميين.

لذلك سيكون من حتميات المرحلة الجديدة أن يتوجه السيد فوزي لقجع إلى إصلاح ما كان من أعطاب في المشهد الكروي ليصبح قادرا على مطابقة نفسه وقادرا على إنتاج النخب المسيرة وقادرا فوق هذا وذاك على تحقيق إنتظارات الشعب.

مهمة لن يذهب إليها وحيدا ولكن بمعية عائلة كرة القدم كلها.