قدرت وكان تقديري خاطئا أن ندائي الأخير «أينك يا علي؟» سيحمل في سياق استنهاض همة السيد علي الفاسي الفهري المختفي منذ فترة طويلة، والمتواري عن الأنظار منذ جمع شهر نونبر بطريقة غير مفهومة تركت باب الشائعات والتداول مفتوحا على مصراعيه، وليس التسبب في مضاعفة همومه..
بلغني من مقربين جدا من الفهري على أنه شعر بغبن كبير وهو يطالع نداء العمود السابق وأنه أحس بكثير من الإحباط والشعور بالأسى..
مرت علينا خمس سنوات التي قضاها الفهري رئيسا خفيفا جدا في ميزان الأداء وثقيلة على مستوى الزمن، وذلك لما رافق التجربة التي تستحق كما قلت أجر المجتهد من وعكات ومطبات طريق.
واليوم ترد علينا أخبار تتحدث عن تفويض مستمر لغلام كي ينوب عن الفهري وكي يتقمص دوره على مستوى تسليم السلط مع الرئيس المرتقب، وهو ما لا يتلاءم مع قيمة وقامة الفهري بوصفه رجل دولة يستحق خروجا أكثر من مشرف وبطريقة أفضل ربما.

- ياعلي: ندرك أنك أمسكت جمرة حارقة بكلتي يديك وأنت تمضي سنتين بالكامل في تقليب دفاتر من سبقك محاولا ترميم وإصلاح ما أفسده العطار والدهر، وهو ما أضاع عليك شهورا من التدبير.
- يا علي: حضورك يوم الجمع سيعلي هامتك عاليا وسيجعل التاريخ يحفظ لك جرأة الخروج على قوم الكرة برأس مرفوعة، وغيابك سيسجل على أنه حالة شاذة وفريدة وبدعة تنهي مسارا لم يكن سيئا في مجمله..
- يا علي: نعلم أن المنتخب المغربي في فترة تسييرك لم يحقق أشياء كبيرة تستحق الذكر، لكنه بالمقابل قبل قدومك لم يكن بطلا للعالم وخرج قبل أن تحضر من أدوار متقدمة للكان ولم يتأهل للمونديال مرتين على التوالي قبل أن تطأ قدماك شارع ابن سينا..
- يا علي: في ولايتك توج المغرب الفاسي بطلا للكاف وكأس السوبر وبلغت مع الفتح المجد القاري بشكل غير مسبوق، فنلت الأجرين أجر رئاسة الفريق وأجر رئاسة الجهاز الذي يترأس الفريق..
- يا علي إعترفت والإعتراف بالخطأ من شيم النبلاء بحريرة التعاقد مع غيرتس وإحاطة راتبه بالشمع الأحمر، لكننا ندرك أنك كنت بصدد البحث عن مدرب عالمي كبير لمنتخب عليل عجز الأطباء عن تشخيص الأورام الخبيثة التي دمرت شريانه..
- يا علي: نجحت المنتخبات السنية الأخرى في منح الجمهور المغربي انطباعا بغد أفضل، ربحنا الذهب المتوسطي والإسلامي والفضة الفرنكفونية وميداليات جهوية أخرى، وبلغ ناشئونا دورا ثانيا لكأس العالم فكنت مستحقا للثناء والتقدير على إيلاء هذه الشريحة المنسية ما تستحقه من اهتمام..
- يا علي: فرق البطولة أصبح لها دعم أكبر في ولايتك واللاعبون تحسنت جودة عقودهم بفضل قانون من إبداع حوارييك فغابت الصينية التي رافقت الفرق واختفى مول الشكارة الذي ظل متحكما في رقبة النادي حتى يقضي الله الأمر المفعول..
- يا علي: اللاعبون و المدربون مدينون لك بتخليصهم من قبضة نخاسة قلصت من قيمتهم، بفضل غرفة نزاعات أعادت الحقوق لإصحابها وكافأت الأجير قبل أن يجف عرقه ولم يعد اللاعب والمدرب المغربي بحاجة لا «طاس» الفيفا ومتابعات المحاكم..
- يا علي: أشياء جميلة تحققت على عهدك كما هي أشياء سلبية حضرت ومن لا يشتغل لا يخطئ، لذلك لا يوجد ما يسبب الإحراج ويفرض عليك هذا الإنسحاب والكسوف الكبير بهذه الطريقة فلم نشاهدك لا في مونديال الأندية ولا في الجمع الإستثنائي، واعتزالك التسيير بهذه الطريقة لا يليق برجل نزيه ونظيف بشهادة المختلفين معك قبل الحلفاء..
يا علي: أعلم أنك رجل صارم لا تغير القناعات والمبادئ، لذلك من الصعب إقناعك بخطوة حسمتها سلفا ومبكرا، لكن لا ضير إن غير الموقف وقررت الحضور يوم الأحد القادم لأن التاريخ سيحفظ لك بكثير من التقدير هذه المبادرة، وسيسجل أن رجلا شجاعا تحمل الكثير من الضغوط كي يوصل سفينة الكرة لبر الآمان ولم يتركها بعرض الشاطئ تتلاطمها الأمواج..
وختاما السي علي: أتمنى أن لا تدخل دائرة العزلة وتضيق عليك المساحة بعد اعتزال الجامعة، كرة القدم في حاجة لكفاءة من طينتك ولو بفريق فتح الخير الذي غيرت الكثير من ملامحه..