لأن الأفكار التي تخلد على مر الزمان تولد ندية كالفجر، متبسمة كأشعة الشمس، طهارة كطهارة الروح، فقد ولدت جائزة «الأسد الذهبي» قبل عشر سنوات في مغرب الخلق والإبداع لتنطلق بقيمها الجميلة وبزرعها الطيب الذي لا ينبث إلا المجد والخلود في ربوع إفريقيا تعلي شأن لاعبي ونجوم كرة القدم الإفريقية.
وكأن ما مر من سنوات لم يكن إلا أياما في انصرام العمر، فإنني ما زلت أذكر اليوم الذي جالست فيه الزميل مصطفى بدري كالذي يضربه المخاض فيأخذه إلى من كان له على الدوام رفيق الدرب والظل الظليل، قلت له عن التي كانت يومها فكرة في رحم الأيام، عن جائزة تطلقها «المنتخب» المؤسسة التي باتت للرياضة الوطنية مرجعا عالميا وعربيا وإفريقيا تكافئ أفضل لاعب كرة قدم إفريقي في السنة بجائزة تحمل إسم «الأسد الذهبي» تيمنا بأسود إنطلقوا من إفريقيا ليزأروا في العالم كله، جائزة تملأ فراغا كبيرا تركته الكرة الذهبية الإفريقية لمجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية بعد أن تقرر عولمة الجائزة.
كانت إحدى ليالي النجوم التي كانت مؤسسة «المنتخب» سباقة لإطلاقها في مشهدنا الإعلامي الرياضي الوطني ترسيخا لقيم الوفاء والتكريم والتحفيز، مناسبة لتعلن «المنتخب» على الناس مولد الجائزة في نقاوتها وفي بساطتها، بساطة قارة الأمل وفرح الطبيعة، جائزة ولدت لكي تعيش، ولدت لكي تقاوم كل أشكال التعرية وكل التشققات التي تصيب البناء والجلد عندما تبرد مشاعر الآخرين وتتقزم ردات الفعل المساعدة على الحياة، ما كانت الجائزة تنشد  شيئا آخر سوى مجدها، لذلك ستمر الأعاصير وتمر السنوات ويبطل الجحود وكل ما يثبط العزائم لينتصر الأسد الذهبي لقيمته الجميلة ولبقائه كجائزة يفرح بها النجوم وهم يأخذونها إلى بيوتهم لتكون محفزا على مزيد من العطاء ولتكون فخرا يترك كالإرث الذي لا يفنى للأبناء وللأحفاد.
من الأسد الجسور الكاميروني صامويل إيطو إلى الفيل الإيفواري الرائع ديديي دروغبا مرورا بالفرعون الصغير محمد أبو تريكة والنسر المالي المحلق بأجنحة المتعة سيدو كيتا وإنتهاء بالعملاق والمبدع يايا توري كان «الأسد الذهبي» للمنتخب يكبر بسرعة قياسية ومعه تكبر قيمه وأحلام كنا جميعا نطويها بخجل تحث الأذرع مخافة أن تطيرها الرياح، وكأن الجائزة كانت مع نهاية عقدها الأول على موعد مع هدية تأخذها إلى الحصون المنيعة لتكبر مثل السنابل الجميلة في ضيعات وحدائق الإعلام العالمي.
بباريس التي تأخذها قناة «أفريكا 24» مقرا لها لتسمع صوت إفريقيا البهية والمتبسمة والحاملة لأمل الإنسانية في مستقبل واعد، كان اللقاء مع الرئيس المدير العام للقناة الكاميروني كونستان نيمال لوضع خطاطة أولى لشراكة إعلامية يكون محورها الأساس جائزة «الأسد الذهبي» التي يرى كونستان نيمال أنها إبداع إفريقي خالص ولد من المغرب ليعم صداه كل العالم، لا بد من الإستثمار فيه إعلاميا ليكون جواز عبور إلى العالمية، وكان رائعا أن يجمل التبني في جملة ذات عمق إنساني وفكري عندما قال: «الأسد الذهبي ولد مغربيا ليكون إفريقيا، إنها جائزتكم التي أصبحت ملكا لإفريقيا، ملكا لنا جميعا».
كان مبنى التبني إنسانيا هاجسه الأوحد هو تقديم خدمة لرياضة ولكرة قدم إفريقيا من جريدة مؤسسة وراعية ومن قناة رسخت حضورها في عاصمة الأضواء من أجل أن تكون ناطقة بآمال وأحلام ومعاناة إفريقيا، القارة التي تنشد بناء نفسها إقتصاديا وثقافيا وسياحيا ورياضيا بعد عهود من الإستنزاف للثروات البشرية والطبيعية.
وكان مؤثرا للغاية أن يشهد الزميل مصطفى بدري المدير المسؤول هناك في باريس، في مقرات قناة «أفريكا 24» حركة دؤوبة ونشاطا غير طبيعي لكل أطقم القناة وفي مقدمتهم الرئيس المدير العام السيد كونستان من أجل إعطاء الإشعاع الإعلامي الجديد لجائزة «الأسد الذهبي» التي منحت في بلاطو برنامج «فوتبول كلوب» ليايا توري، كان مؤثرا وباعثا على البكاء، البكاء فرحا بالنجاح الذي هو من أصل صدق المنطلق والنوايا، ما حققته الجائزة من فتح إعلامي كبير في ظرفية دقيقة وتاريخية، كونها تتقاطع على نحو رائع مع الإنفتاح بأسلوب عقلاني وحديث للمغرب على محيطه الإفريقي والذي عبر عنه بصورة مثيرة للإعجاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، عندما أطلق من دول إفريقية مبادرات خلاقة تتوجه أساسا إلى شريان إفريقيا من أجل نهضة ونماء إفريقيا.
إن في تحرك قوافل الثقافة والتجارة والعمران من الشمال إلى الجنوب، من المغرب إلى العمق الإفريقي في حركية هي من حتميات العصر لتحجيم ما كان دائما من تبعية تبتز القدرات وتستنزف الطاقات، هو ما يشعرنا حقيقة بالسعادة الغامرة وجائزة «الأسد الذهبي» أصبح لها اليوم في قناة «أفريكا 24» التي تمثل للأفارقة صوتا ومنبرا وحاضنا بل وجناحا به سنحلق إن شاء الله إلى إفريقيا وإلى العالم لنرسخ قدرات المغرب على الإبداع ولنزيد في توطيد ما يربطنا إعلاميا ورياضيا من وشائج مع قارة نفتخر بالإنتماء إليها فكرا وثقافة وإبداعا.