بين لحظة صعود خشبة مسرح محمد الخامس إيذانا بحمل مجسم صغير لكنه يختزل في تصميمه كل تجليات التقدير والإعتراف ومكافأة جهد السهر، ولحظة صعود درج مقر «المنتخب» مستهلا مشوار الألف ميل الذي يبدأ عادة بخطوة، يكون عقد من الزمن قد طوى صفحاته سريعا.. كما تطوى هذه الأيام التي تتداول بين الناس سجالا..

كان يوما قائظا ذلك الذي رن من خلاله هاتف كنت أحفظه عن ظهر قلب لمطبوعة رياضية إحترفتها عاشقا، وبعدها إحترفتها محررا صوفيا لا يغير مذهبه، كان الهاتف الداعي بصوته الرخيم والجهوري لمحمد الجفال الذي قدم نفسه على أنه سكرتير تحرير جريدة «المنتخب» يؤكد خبر اختياري من طرف رئاسة التحرير كي أكون محاورا رسميا لقامة كروية مرعبة إسمها الزاكي بادو، عبر سنة حميدة دشنتها «المنتخب» وهي «ضيف الشهر».

قادني حماس اللحظة والإختيار يومها للإنفجار مثل البركان الثائر في وجه الزاكي، كانت مناسبة لأصفي معه حسابات المشاهد العادي حول مجموعة من اختياراته التي كانت تبدو يومها غريبة من حديود وشهاب لغاية روماني وحكاية نيبت التي كانت في ذروتها..

كما كانت مناسبة لأمرر رسائل من تحت الماء وأن أستعرض قدر ما أستطيع، لشخص حفظت له الإحترام قارئا وزاد احترامي وتقديري له عرابا وقائدا للخط التحريري وهو الزميل بدر الدين الإدريسي.

أحسست يومها أن الحواجز ملغية بين أفراد المطبوعة، وخلالها أدركت أن أهم مقوم من مقومات نجاحها وحفظها للإستمرارية التي سيذكرها التاريخ ضمن سجلاته الإستثنائية والفريدة من نوعها كظاهرة قلما تتكرر، هي تلك السليقة التي تميز المحررين فيتصرفون بوحي من الفطرة متجردين من قالب الإنتماء للمهنة.

تأكد لي أن جاذبية جرتني لـ النابلسي وأبجاو والتويجر وفؤاد وعبد الرحيم و طيب الذكر آيت الكزار الذي غادر للدوحة لاحقا، كما غادر قبله متخرجون من مدرسة «المنتخب» صوب منابر أخرى بعد أن تلقوا أدبيات المهنة في شارع مدغشقر.

التتويج بجائزة «القلم الذهبي» جعلني أعيد رسم هذا الكشكول الذي وطأ لأول بداياتي في جريدة اشتغلت بداخلها على ملفات منها ما أصاب ومنها ما خاب فنلنا أجر الإجتهاد، ولم يكن هاجس التتويج وربح وشاح الإستحقاق غاية بقدر ما كان السير على هدي رئيسها بدر الدين وعرابها الأبي والقدير مصطفى بدري سدرة المنتهى.

«القلم الذهبي» هو تتويج لكل رفاق القبيلة داخل «المنتخب» من بدري وبدر الدين لغاية الحسين، هو وشاح استحقاق على صدر الراقنين والمخرجين وهيأة التصحيح، فكان تتويجا جماعيا ينسجم مع دلالة إسم «المنتخب» التي تتوج فريقا وليس أفرادا.

«القلم الذهبي» تتويج لقيمة الدعم وشد العضد ومناصرة المحرر ظالما أو مظلوما في وجه غارات كانت تقوينا كل لحظة أكثر وتجعلنا أكثر تماسكا ووحدة.

و«القلم الذهبي» هو إضفاء لمسة تقدير على معنى سهر الليالي خدمة للقارئ وللمعلومة ولتقديم الخبر على طبيعته وعلى مكافأة التحري وطرق مغارات مظلمة يصعب اختراقها، إما لأنها مسيجة محكمة الأقفال أو لأنها عصية على الفتح.

الإشتغال على ملف معقد ومثير فتح لوحده مجالا خصبا لتداول الشائعة وتقديم معطيات متضاربة حول حجم التعويضات التي تمنح للمتضررين وكيف تقدم وبأي شكل تسدد، كان هو الممهد للتتويج وربح تقدير الإعتراف لطبيعة الفكرة أولا وجرأة النبش فيها ثانيا في وقت لم يكن أحد ليراهن على سقوط أضلاع جامعة الفهري وتهاويهم لاحقا بتلك الصورة ومن تم صعوبة طرق ملف قوي من ملفات هذه الجامعة في ذلك التوقيت وبتلك الحدة.

شكرا لكل رفاقي داخل «المنتخب» حتى لا أستثني أحدا على الدعم والسند وأريحية الأجواء التي تنسف التوتر والتشنج فتمسحه من محيط الإشتغال..

شكرا الزميل بدر الدين على التوجيه، على روح المبادرة التي جعلت منها شعارا مقدسا وعلى كل الجهد المبذول لمد اليد لخريجي مدرسة السليقة والفطرة بعيدا عن المعاهد والذين شكلوا ذراع الصحيفة القوي..

شكرا السي بدري على قوة الدعم، على الإخلاص في الإرشاد كلما زاغت عقارب الدماغ أو قادني الحماس الزائد لما تسميه تهورا، وعلى جعل «مقص الرقيب» شعارا ينحني تحت جلال «مقص الضمير» كما تقول دائما حيث انتصرت «زاوية» المنتخب طوال هذه السنون بصفاء الضمير وحسن نية أفرادها.

شكرا للسيد الوالد التهامي والوالدة جمعة وزوجتي حياة على تحمل كتلة الأعصاب المبالغ فيها بالبيت، ونجلي بلال على اقتطاع أوقات تهمك وهي ملك لك، لإنجاز الملف وغيره من الملفات..

شكرا لكل من اتصل فهنأ ولا عتاب على من تعذر عليه ذلك..