لا نكاد نفيق من صدمة حتى يأتينا عادل تاعرابت من حيث لا ندري بصدمة ثانية، لا نكاد نصدق أن الفتى أخلص أخيرا لموهبته التي تستطيع أن تصعد به عاليا في سلم النجوم الكبار، ولا نكاد نوقن اليقين التام على أن عادل نضج بما يمكن أن يجعل منه النجم الذي يستحق أن نسكنه القلوب ونضعه في خانة الجواهر التي جاد بها الزمان على كرة القدم المغربية، حتى يأتي ما يعكر صفو هذا الأمل الجميل، ما يصيب حقيقة بالتقرح والتقزز ويفضي إلى اليأس.

كان كلنا، في طريقه يمشي معتدلا واثقا مما سيكشف عنه الناخب الوطني القديم/الجديد الزاكي بادو وهو يحدد بالأسماء اللائحة الأولى له كناخب وطني والتي ستدخل معسكر البرتغال الحلقة الأولى في مسلسل التحضير لرهان «الكان»، عندما ضربت المكان زوبعة جديدة والزاكي يعلن أنه أسقط إسم عادل تاعرابت من اللائحة بعد أن أحجم الأخير عن الرد على كل إتصالات الجامعة والناخب الوطني، في إشارة يفهم منها أنه رافض لحمل قميص الـمنتخب الوطني في هذه المرحلة بالذات.

بالطبع تتركنا السوابق التي وقع عليها عادل تاعرابت منذ أن غادر وتذكرون ذلك معسكر الـمنتخب الوطني على عهد غيرتس وهو في آخر ساعات التحضير لمباراة الجزائر بمراكش، ومنذ أن تميعت الأمور بينه وبين الطوسي الذي خلف غيرتس في تدريب الـمنتخب الوطني، تتركنا هذه السوابق متأكدين من أن عادل تاعرابت، إما أنه يتعمد أن يكون محور خلافات تقتات منها وسائل الإعلام بحثا عن الجاني والمجني عليه، وإما أنه بالفعل فاقد لكل قدرة على ضبط نفسه ليتمثل أخلاق وقيم اللاعب المحترف الذي يلتزم لقاء ما يحصل عليه في مشواره الرياضي وفي مسيرته الدولية بالإمثتال الكامل لأحكام مدربيه.

ويكون غريبا بل ومستفزا أن يطلع عادل تاعرابت بتصريحات توصف بالحصرية ليقول أنه تعرض لظلم كبير لما يدعيه كل من تناولوا إقصاءه من اللائحة، من أنه يتمرد في أداء الواجب الوطني، وليقول أنه أصبح له رقم هاتفي جديد وأن الجامعة كان عليها أن تكاتبه عن طريق إدارة الميلان لتقدم له الدعوة لحضور معسكر البرتغال، وهو ما لا أظن أن الجامعة قد أغفلته لأن الأعراف الدولية التي تقضي بها «الفيفا» تلزم الجامعات الوطنية بمراسلة كل الأندية التي يلعب لها دوليوها لإشعارهم كتابيا بالمدة التي سيقضيها اللاعب مع منتخبه الوطني.

قد يكون الزاكي إعمالا لطريقة إرتضاها لنفسه للإقتراب حسيا وفكريا من اللاعبين الذي يمثلون له الثوابت، قد ربط الإتصال بعادل تاعرابت كما فعل مع غيره ليجس النبض وليقدم فلسفته وأسلوب عمله، وعندما لم يأته رد وهو الذي عدد من وسائل الإتصال بحسب ما قال، رأى في الإحجام عن الرد سببا وجيها لكي يسقط عادل تاعرابت من اللائحة، فهل كان خاطئا في هذا الذي أقدم عليه؟

من يعرف الزاكي، يعرف أنه لا يبدي أية ليونة فيما يعتبره مبدأ لا محيد عنه في العمل، ومن يعرف عادل تاعرابت لا يفاجئه أن يكون صاحب أول قنبلة تنفجر في أول خطوة يخطوها الزاكي في مشوار بناء الـمنتخب الوطني بالتطابق الكامل مع خصوصيات المرحلة ولزوميات النجاح قاريا.

وإذا كنا كإعلاميين وكرأي عام قد عقدنا العزم على الإلتفاف حول منتخبنا الوطني وعلى التعبئة الكاملة لمساعدته على النهوض من كبواته والخروج من مستنقع الإخفاقات الذي سقط فيه زمنا طويلا، فإن سلامة القصد لا بد وأن تظهر في عدم جعل قضية تاعرابت جذوة نار تحت التبن وفي عدم جعلها سحابة تظلم المكان وتسود الأفق نحن من نحتاج إلى الصفاء وإلى السلم الرياضي لنربح الرهان.

أما تاعرابت فهو يعرف أن باب الـمنتخب الوطني أبدا لم ولن يوصد في وجهه إن قرر فعلا أن يكون متمتعا بالقيم الفنية والأخلاقية التي ألح عليها كل الناخبين الذين تعاقبوا على الـمنتخب الوطني ولا يزايد فيها الزاكي بادو بالعربية تاعرابت.