الذي يقف على طبيعة الصدام الذي حدث مؤخرا بين الزاكي بادو الناخب وصاحب القرار في إدارة ما له طبيعة تقنية داخل الفريق الوطني وبين عزيز بودربالة المنصب مديرا رياضيا للفريق الوطني، يدرك على أن هناك خللا وظيفيا حدث في التسمية وفي تحديد الإختصاص وفي رسم الحدود، أفضى بشكل طبيعي إلى تصادم بين رجلين يفترض أن عملهما يتكامل في إدارة المنتخب الوطني الأول.
ضاق الزاكي ذرعا مع أننا في بداية المشوار بالصلاحيات التي خولها عزيز بودربالة لنفسه ظنا أنها من مهام المدير الرياضي، ولم يستصغ أن يكون بودربالة صاحب رأي في كثير من القضايا التي هي أصلا موضوع إختيارات تكون الكلمة الأولى والفيصل فيها للناخب الوطني، لذلك ذهب بنوع من الإستباقية إلى إعادة الأمور إلى نصابها والتأكيد على أنه صاحب القرار الأول في الفريق الوطني، فهو المسؤول الأول عن الإختيارات وهو المساءل الوحيد عن كل ما يترتب على هذه القرارات من نتائج.
كنت على سجيتي معتقدا وظانا أن السيد رئيس الجامعة ما خلق لأول مرة منصب المدير الرياضي للفريق الوطني إلا بعد أن حدد وظيفة هذا المنصب ومجالات إشتغاله والحدود التي يجب أن يقف عندها غير متجاوز للإختصاصات، وعلى ضوء هذه المحددات الفكرية والرياضية والتقنية أيضا وجد في عزيز بودربالة المواصفات الفكرية والرياضية والتقنية التي تتطابق تطابقا كاملا مع الدور الذي سيكون نعمة كبيرة على الفريق الوطني إن أحسن لعبه، كما يمكن أن يكون نقمة إن أسيء لعب هذا الدور.
غير أن ما يطفو اليوم على السطح من مشاكل ستفضي لا محالة إلى القطيعة وحتى إلى إجهاض ما إعتقدنا أنه سيكون للفريق الوطني قيمة مضافة، يقول بأن الجامعة إما إستعجلت في خلق المنصب إرضاء لخواطر بعينها وإما أنها لم تضع عزيز بودربالة في صلب إختصاصاته بتوثيق قانوني على إعتبار أن العقد الذي سيمضي عليه عزيز بودربالة لن يحدد فقط الأجال الزمنية والراتب الشهري والحوافز المادية ولكنه سيحدد أيضا الوظيفة والإختصاصات بشكل دقيق وصارم لا يبقى مجالا لأي إجتهاد خاطئ.
لا أدعي أنني على إطلاع كامل بالوظيفة المخولة للمدير الرياضي للفريق الوطني وبالأداور المناطة به والتي بات ممكنا التعرف عليها من خلال الإنفتاح على ما سبقنا إليه الآخرون ممن آمنوا بالإحترافية كمنهج للعمل، إلا أنني موقن من أن هذا المدير الرياضي على أهمية الدور الذي يلعبه داخل المنظومة التقنية والإدارية، يجب أن يوضع بالكامل رهن إشارة الناخب الوطني ورهن إشارة رئيس الجامعة ليلعب دور الوسيط وليتمثل الأدوار الأخرى التي يفترض أن يكون مؤشرا عليها من طرف الناخب الوطني حتى لا يصيب أي خروج عن النص وأي إستفراد بالقرار الهيكل التقني للفريق الوطني بعطل كبير يفتح جبهة للمشاكل، الفريق الوطني فى غنى عنها، فأيا كانت المقدمات التي سيقت لعزيز بودربالة ليلعب هذا الدور الجديد عليه في طبيعته وفي خطورته أيضا، فإن عزيز بودربالة لا بد وأن يكون قد فهم أن المنصب لا يعطي بالمرة أي مجال للإستعلاء وللوصاية ولتضييق الخناق على الناخب الوطني ولا يتيح فرصة للمساهمة في صنع القرار إلا بتفويض وموافقة من الزاكي بادو الذي تشترط أدبيات المهمة أن يكون مستقلا في صناعة قرارات قلت أنه سيكون أول المساءلين والمحاسبين عليها.
بالطبع أفترض مع هذا الذي حدث، أن تكون هناك حسن نية من قبل فوزي لقجع رئيس الجامعة في إناطة مهمة المدير الرياضي بعزيز بودربالة، ولكن بمقابل ذلك أفترض أن يكون التكوين الإداري الرفيع المستوى لفوزي لقجع قد دله على أن أبرز سمات نجاح أي منصب يراد به إعطاء قيمة مضافة للفريق الوطني يمر من تحديد الإختصاصات بشكل لا مكان فيه للعواطف ولا لجبر الخواطر، ويمر أيضا من رسم جغرافية العمل بشكل لا يسمح بالتعدي على إختصاصات الآخرين، طمعا في الوصول إلى نوع من التكاملية في نسج الأدوار.
هذا «الكلاش» الذي وقع بين الزاكي وبودربالة والذي سينتهي حتما بإعادة رسم الحدود بين الرجلين، هو مقدمة لـ «كلاشات» أخرى ستحدث مع مناصب ووظائف أحدثت بالفعل داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على عجل من دون روية وطول تفكير إرضاء لجهات تعمل على أن تكون «الوزيعة» داخل الجامعة قائمة على الزبونية وعلى المنفعة الضيقة وليس على الأهلية والمطابقة والحاجة الفعلية لتلك الوظيفة.