بعد سنوات الضياع الطويلة جدا التي قضيناها وقضينا معها جزء هاما من عمرنا ونحن نحصي غيابات المنتخب الوطني عن المونديال بفعل أكثر من فاعل..
بعد كل هذا الإفلاس لم يكن أمامنا كلما داهمنا محللون بسخريتهم من توارينا للخلف واكتفائنا بدور المنشط في المجموعات التصفوية، سوى التغني بأسطوانة أننا آخر منتخب عربي إنتصر بالمونديال وكان ذلك بفرنسا، وآخر منتخب عربي فاز بأكبر حصة وهي ثلاثية تكررت بين المكسيك وفرنسا، بعد أن كنا أول منتخب عربي يتجرأ على العبور للدور الثاني في حضرة مجموعة بونييك وسمولاريك وباولو فوتري وكارلوس مانويل ولينيكر وبلاط وشيلطون..
كثير منا كان يجد في هذه الطلليات ما يدافع به عن كبرياء مخدوش، وكرامة كروية ضاعت بين نعال لاعبي القارة الذين مارسوا سطوتهم كلما نازلوا منتخبنا الوطني.
وكثير منا ظل يستحضر هذه الأزليات الأقرب للمقامات، لروايتها لجيل الباكالوريا الحالي الذي لم يشهد حضور الأسود بالمونديال واكتفى بما تتناقله الحكايات ويتواتر على الأسماع.
هذا الإنجاز الوحيد الذي تبقى لنا من ذكرى المونديال، أصبح في حكم الماضي ولن يسمع له أثر بعد العبور التاريخي للمنتخب الجزائري الذي انقسم المغاربة بين مؤيد ومناصر له بإسم العروبة، ومناوئ لملحمته بما تفجر من سخافات من بعض الذين تتملكهم عقد ومركبات نقص تجاه كل ما هو مغربي خالص.
الثعالب إذن فازوا بالأربعة بعد أن فزنا نحن بالثلاثة، وكسروا رقم المنتخب المغربي وعبروا للدور الثاني ولم نعد وحدنا من عرب إفريقيا من يحمل هذا الشرف الذي حملته مملكتين (المغرب والسعودية).
أتمنى صادقا أن يكون نصر الجزائر وتفاعل جمهورهم بكل تلك الصور المؤثرة والمفعمة بالحماسة والشغف الكبير كما تناقلتها كاميرا الدورة، قد حركت عند المسؤول الكروي وعند المدرب الزاكي وخاصة عند اللاعبين نفس الشعور الذي استشعرته واستشعره المواطن العادي، الذي مل من انتظار ما قد يجود به الزمن ليعلن وصالا للكرة المغربية مع مونديال كانت سباقة بين كل العرب والأفارقة لتنسج معه حكاية عشق وتوهج.
كبقية الجماهير المغاربة المواكبة لهذا المونديال المثير في كثير من تجلياته، والذي جعلني أشعر بصدق أنه تمت بون شاسع وأكثر من فارق بين الكرة التي نلعبها والكرة التي يلعبها القوم المشارك بالبرازيل، قلت الكثير أيقنوا أن غيابنا عن هذا الحدث الكروي هو غياب مفروض بالمنطق والموضوعية، لأنه بكل صدق تمت أكثر من فارق وهوة كبيرة تفصلنا عن باقي المنتخبات من الهندوراس حتى أستراليا.
العراك الذي أظهره لويس سواريز الذي يمثل اليوم على مستوى العالم حديث الساعة، ولربما قد يبصم على صفقة القرن بعد الخوارق التي فجرها بالريدز، والمشاكسات التي جعلت يقع في المحظور في مواجهة الطليان، في اعتقادي الشخصي رسالة معبرة يمكن أن نقرأها بغير الشكل الذي قرأه بها الإنجليز الذين لهم حساباتهم مع اللاعب.
عضة سواريز الذي يساوي أكثر من 100 مليار لكيليني مثل أي «بيت - بول» غير مروض، تجعلني في واقع الأمر ممتعض ومستاء من سلبية لاعبي المنتخب الوطني ومن التراخي الذي أدمنه بعضهم ومن حالة التكلس التي أصابت مشاعرهم كلما حملوا قميصا يفيض بقيم الوطنية والإيثار.
سواريز الذي قامر بكل مستقبله الكروي وصفقات الرعاية التي وقعها فيما مضى، ورونالدو الذي وضع ساقه فداء لمنتخب بلاده على الرغم من كل إشارات الوعيد القادمة من مدريد، وغيرهم من اللاعبين النجوم الكبار الذين يساوي سعرهم ميزانية دولة بالعالم الثالث، والذين لم زايدوا على حب القميص واللعب بوفاء وصدق وحماس، في وقت نتناقش نحن هنا لماذا لم يرد تاعرابت على الزاكي وهل تعمد الشماخ السفر للاس فيغاس للإستجمام على حضور معسكر البرتغال.
لا الطلليات والعيش في جلباب إنجازات الزمن الغابر عادت تجدي، ولا الإجتهاد للدخول بخيط أبيض بين مدرب ومساعده وبين ناخب وطني ولاعب، تطمئن على أنه بإمكاننا أن نكون بين الحضور بروسيا.
خلاصة كل هذا القول وما قدمه مونديال البرازيل من ملامح للكرة الجديدة على مستوى العالم يلخص في كلمة واحدة نهمس بها في أذن لاعبينا وهي «والله ما قفلتوا لا فورتوا».