هل كنا نطمع في وضع أقل بشاعة وكآبة وكارثية من هذا الذي تمسي وتصبح عليه كرة القدم الوطنية؟

منذ ما يزيد عن السنة والمستنقع يرمي بما يزكم الأنوف ويعطل حاسة الحلم ويلبد المحيط  والأفق بغيوم قاتمة، جمع عام يولد من رحم الجامعة مشوها فيدفن على التو بأمر من الفيفا في مقابر الفضائح، رئيس لم يفلح بلاتير برغم ما له من نفوذ في إقناعه بالعودة إلى مركز القرار، جامعة تتعطل لشهور تم تصبح محكومة من مكتب فيدرالي قيل أنه مكتب لتصريف الأعمال، دورات من البطولة الإحترافية الوطنية لا أستطيع حصرها ما زالت من دون تأشيرة المصادقة القانونية وفيها بؤر كثيرة إن تفجرت منها الحمم عميت الأبصار واختنق المكان بدخان الإحتجاج والرفض لطالما أن هناك فرقا أذنبت في حق القوانين العامة للمسابقات.

فريق وطني محلي يرحل بشكل إستعجالي إلى بطولة «الشان» بجنوب إفريقيا فيحترق بجمرات حملها مكرها بين يديه، وأسود ترملوا منذ مدة بعد أن قضى بعد نظر الجامعة أن لا يكون لهم ربان منذ نهاية عقد رشيد الطوسي، وأخيرا وليس بآخر عندما قررت جامعة تصريف الحال البئيس عدم إهدار تاريخ خامس مارس وبرمجت لمباراة ودية للفريق الوطني أمام الغابون، ها هي تصعق برفض الهولندي بيم فيربيك أن يلعب دور العجلة الإحتياطية، فقد قال لعبد الله غلام ما كان يجب حدسه وتوقعه عندما يتعلق الأمر بمدرب محترف له تاريخ طويل وعريض لا يعرضه للتلف وله كبرياء مهني لا يمكن التنازل عنه، قال له بأنه غير مستعد للعمل ناخبا وطنيا بالقطعة.

بالقطع إن لم يفلح غلام وقد سقطت ورقة فيربيك في إقناع الخيار المتبقي الذي هو حسن بنعبيشة بتحمل المسؤولية في ظرفية نعرف أنها نتاج لصدع ولسوء تدبير، فإن الفريق الوطني سيفقد بالتالي فرصة لعب مباراته الودية أمام الغابون في الخامس من مارس القادم، وستكون لذلك بالطبع تداعيات نفسية وتقنية ستصيب في العمق المشروع الإفريقي، لأنه مع رفض الكل لمبدأ الإشتغال بالقطعة من دون أن يكون العقد متضمنا لهذا البند سيكون من الصعب أن نتصور السيد غلام ناخبا وطنيا.

لا أعتقد أن كرة القدم الوطنية قد عاشت في تاريخها الطويل ملهاة بهذه الدرامية وبهذه البداءة في التصميم والإخراج، أن تتحالف المصائب فيما بينها لتضعنا أمام كثلة من المشاكل التي هي في واقع الأمر نتاج لتهور في صنع القرار ولسوء تقدير للمرحلة ولضعف واضح على مستوى المؤسسة الحاكمة التي هي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فلو كان من هم أوصياء على كرة القدم قد إشتغلوا منذ سنتين باستراتيجية هدفها المركزي هو كأس إفريقيا للأمم 2015 باعتباره حدثا ملهما ومشجعا على الإستثمار وباعتباره إرثا عليه يتأسس المستقل القريب، لو حضرت هذه الرؤية، برغم أنني موقن أنها تغيب ليس عن كرة القدم ولكن عن الرياضة الوطنية في شموليتها، لما كان ممكنا أن نعيش كل هذه الكوارث الهيكلية والتقنية دفعة واحدة وفي سياق زمني صعب ومصيري مرتبط باستضافة المغرب للحدث الكروي الذي يأتي ثالثا من حيث الكونية بعد كأس العالم وكأس أوروبا للأمم.

والمؤسف أن نسمع اليوم ونحن نتوجه بتثاؤب نحو الجمعين العامين الإستثنائي والإنتخابي لجامعة كرة القدم لنجد للأزمة حلا وللنفق مخرجا بأصوات ترتفع إحتجاجا وتهديدا لا يرى أصحابها في اللحظة الحزينة إلا أنفسهم ولا يرون في الخضم العسير غير مصلحتهم التي مهما رحبت فإنها تكون ضيقة أمام مصلحة البلد، مؤسف أن يكون هناك من يرضيه الحال البئيس لكرة القدم الوطنية فلا يرتفع صوته للخروج منه، مؤسف أن يظن البعض أنه ليس مسؤولا عن هذا الوضع مع أن الحقيقة تقول بأنه كان من أكبر المسؤولين عنه، فإن لم يكن مشاركا بالفعل فقد شارك بالسكوت عن الحق والساكت عن الحق شيطان أخرس.

لا أعرف متى ننتهي من هذا العبث الذي أورثنا إياه مكتب جامعي يعيش وقتا ممدا بقرار من الفيفا، فكلما لاحت بارقة أمل في انجلاء الكابوس إلا وانتحرت سريعا في محيط كروي بئيس، ولكن ما أعرفه أنه إن أغاثنا الله وخرجنا من هذه الورطة سيكون لزاما أن تتوجه عائلة كرة القدم المغربية بعد أن تلفظ عناصر النحس والسوء والفشل، إلى إقرار ميثاق جديد يكفينا شر السقوط لاحقا في مستنقعات مثل هاته.