قرر الزاكي لعن أكثر من شيطان وهو ييمم وجهه ويقبل به على أطهر بقاع الأرض، حيث اختار الإعتمار والإعتكاف معدلا برنامجه في آخر لحظة، بعد أن أضنته مقالب المحيطين وشطحات ذوي القربي.
قبل أن يشد الرحال لأداء العمرة، حاول رئيس الجامعة ونائبه جمع الزاكي وبودربالة على مائدة رحمان واحدة خلال الشهر الفضيل، ففشلت المساعي واكتفى الزاكي بـ «عفا الله».
وفي الوقت الذي كان فيه خيط لقجع الأبيض يخيط «الفتق» الذي تسبب فيه معسكر البرتغال، و«الدجاج الحلال» الروسي، كان بودريقة يجهز بدوره للعمرة لكن مع اختلاف كونه رفض الصلح مع عميد فريقه السابق الرباطي، رافعا شعار «البادي أظلم».
حاول أصحاب النوايا الحسنة والخشنة طي صفحة الرباطي والرجاء، بابتسامة فقبلة فعناق، غير أن رئيس الرجاء إنتصر لقناعة راسخة وهي أن ما أفسدته التصريحات لا يصلحه غير القضاء.
ماذا لو تصالح الرباطي وبودريقة وقبل الأخير بصفة «البياع والشراي»؟
وماذا لو قبل فاخر بمبدإ «عفا الله» وقبل بصفة «البزناس»؟
الفصل في فيلم الرباطي وفريقه هو إيذان بفتح صفحة جديدة إزاء استهلاك التصريحات المجانية، وجعلها تمر مرور الكرام، ولو كان بودريقة وفاخر قبلا بمبدأ « الصلح خير»، لتفشت في البطولة والكرة المغربية آفة التشهير بالذمم والأعراض وفتح جبهة قذف في حق باقي خلق الجلد المدور.
أدارت الجامعة السابقة والتي سبقتها ظهرها لكثير من الخرجات لرعاع تنتهي صلاحيتهم فيحولون خراطيشهم صوب التشهير والإتهامات المجانية، فكانت كم «حاجة قضيناها بتركها» سببا في فتح المجال أمام مصراعي الخلف غير الصالح ليسير على هدي السلف والتشيار على الخلق.
لو أن الرجاء بتاريخه وألقابه وعالميته قبل بالصلح، دون أن تتضح حقيقة الخيط الأبيض من الأسود للمجد الذي بلغه وللهلامية التي طبعت سجله، لترك الأجيال اللاحقة تسبح في حوض معفن ولحكم على تاريخه الطويل والعريق هذا بأن يحيى في الشبهات.
لست مناصرا لإدانة الرباطي، ولا يعنيني الحكم عليه أو تغريمه، ولو كان ربح قضيته لهللنا جميعنا لجرأته على كشف مستور بما كان يرشح به إناء الرجاء، لكن مناصرا للعدالة وللممارسة النظيفة ولوضع حد لمهازل التشهير و«هاك يا فمو وقول».
ربح الرجاء من وراء الرباطي ما لم يربحه من لاعب آخر سواه، ظل اللاعب الدجاجة التي تبيض ذهبا للنسور وكل إعارة أو صفقة كانت يصممها كان الفريق يجني من ورائها نسبة محترمة، لكن قبل أن يدين الرجاء بالفضل للاعب احتضنه وجعله ينطلق بأشرعة الحلم صوب فضاءات التألق، يدين الرباطي للرجاء بكونه ظل الملاذ والملجأ والحضن الذين يأويه كلما تاهت به السبل أو لفظه جنوب فرنسا.
إنتهت الحكاية التي استمرت 8 أشهر بغرامة وإدانة للاعب، وانتهت علاقة الرباطي بالرجاء التي حمل شارة القائد والعميد بصفوفها نهاية لا تستقيم ونهايات الشرف والخروج من الباب الكبير.
كان بإمكان اللاعب أن يجد له مكانا آخر يتنفس فيه غير وعاء الرجاء، كان من الممكن أن يقبل باللعبة ويرضخ لمشيئة اختيار مدرب لم يعد يرى فيه عنصر ارتكاز يعول عليه، فيبحر بقاربه صوب فريق آخر يرد به على من شككوا في قيمته، لكن في نهاية المطاف ما حدث كان مؤسفا، محاكمة وعام من العطالة وجمهور رجاوي جعل من اللاعب عدوا أول له وذكرى سوداء في مسار تاريخه.
فاخر المتوج في مناسبتين بتكريم مولوي سامي، وفاخر الذي قاد أندية لها باعها الطويل ومرجعيتها الإستثنائية والخاصة جدا في الكرة الوطنية، وختاما فاخر المتقلد حاليا لمهمة قيادة منتخب وطني، لم يكن ممكنا أن ينهي حكاية «البزناس» دون أن ينال درهما رمزيا ينتصر للكرامة وللتكريمات التي نالها.
في حكاية الرباطي مع بودريقة وفاخر، طمس الحقيقة ودفنها بالغموض هو من جعل من الصلح ليس خيرا في هذه الحالة.