من وصال مستمر للكرة لقطيعة مع الجلد المنفوخ بالريح وبالمرة، ومن تخطيط لاستكمال أوراشه لضربة تلقاها قبل سنة من الآن على مدفع السحور، وهو يهم بتوجيه الإستدعاءات لحضور جمع الجامعة لتزكيته رئيسا من ولاية رباعية ثانية.
كانت ليلة 19 يوليوز التي تزامنت مع غرة شهر رمضان، شاهدة على تحول استراتيجي وكبير في مسار الكرة المغربية، أتى ربيع التغيير على أحلام علي وباقي رفاق «البلاك - بيري» وحال بينهم وبين طموح مواصلة العزف على وتر التسيير.
يومها كان علي الفاسي الفهري بصدد التمهيد لعقد جمع عام سلس و هادئ، بعدما وزع الأدوار على المقربين منه من خليفة لكريم ومن أحمد لهيام، وكان السيد لقجع قد غادر للإمارات وترك رسالة لنائبه بالنهضة البركانية يعلمه فيها أن الجمع سيجمع ويطوى ولن ينعقد أبدا.
ليلتها بكى حواريو علي ولم يفهموا ما حدث ومن هو شاهر الفيطو الذي قلب الطاولة وعكر صفو «الطريطور» المنتدب لاستقبال ضيوف سحور اليوم الموالي، وحده أوزين إكتفى بردود لخصت طبيعة النصر الميداني المنجز بتغريدات فايسبوكية استقاها من خالدات الهندي غاندي.
خلال رمضان المنصرم كان الفهري رئيسا للجامعة ورئيسا للفتح ورئيسا للجنة تنظيم المونديال ورئيسا لمحور شمال إفريقيا ورئيسا للجنة تنظيم الكان.
ورمضان الحالي يشهد على أن كل هذه العصافير طارت من شجرة علي، وما طار طائر وارتفع إلا كما طار وقع وودع، ودوام الحال من المحال.
لم يعد للفهري رابط بالكرة لا من بعيد الجامعة أو قريب الفتح، أنهى صلته ورحل بهدوء وانتهت حكايته مع عالم لم يكن يوما من عشاقه ولا المهووسين بصخبه، ومعه دفنت أسرار وقد يأتي وقت تكشف فيها لو يتفضل ذات يوم في أفق بعيد بكتابة مذكراته كما يدونها عادة المارون من مناصب قيادية وذات حساسية.
غادر الفهري واصطحب معه أسرار الغضبة التي جعلته يتوارى عن جمع الكرة الثاني بعدما حضر الأول ونال «الكيتوس» المبرئ للذمة، وأسرار الصفقة التي عقدها مع خليفته ليس نوال وإنما فوزي ليتم تمرير التقرير المالي الذي وعد لقجع بتفتيت صخره بسهولة التصفيق و الإجماع الكلاسيكي الشهير.
ورحل مع الفهري سر اكتفائه بالتواجد بأكادير لمتابعة مباريات مونديال الأندية من الفندق، حيث كان يقيم تاركا لأوزين التكفل بالأمر بالصرف واستقبال بلاتير ورومينيغي وبيكنباور وباقي الضيوف.
كان الفهري يصمت دهرا وحين ينطلق كان يتحدث ورشا، ولا مرة صوب فيها سهامه صوب قبيلة إعلامية لطالما تعدت الخطوط الحمراء والبنفسجية لتخترق عليه محميات الأسرة وخصوصياتها، لم يكن يقدم حصيلة جامعته لا بالجملة ولا بالتقسيط كما هو حال اليوم، ولم يكن يخبرنا أنه كان يتلقى 100 مكالمة في اليوم يستعصي عليه الرد عليها.
قبل سنة احتضن المغرب موندياليتو أشرفت عليه جامعة صرفت الأعمال والأفعال ونالت أجر وقت الإضافي الذي طالبت به مدعومة من الفيفا، فحظي بعض وجوهها بنصيبهم من حلوى المناصب حتى لا أقول الكعكة فيغضب المدير.
لذلك يختلف الأمر اليوم مع الجامعة الحالية التي ستتدبر أمر تنظيم هذ الموندياليتو من ألفه ليائه، وستبحث عمن يتقلد دور أكرم الذي سدد فاتورة كونغرس الفيفا الذي احتل فندقا من فنادق أكادير، كما سدد فاتورة الحافلات التي أقلت جمهور ملعب أدرار قبل أن يسدد لاحقا فاتورة غرامة الدفاع عن الكرامة بصده استفزاز أمن خاص بإسم الحق العام.
مرت سنة بمستجدات كثيرة، عشنا خلالها المؤقت والفراغ التدبيري والهيكلي قبل أن يخرج مولود ترسانة القانون الأساسي بعاهات وإعاقات ما يزال امتدادها حاضرا وتداعياته ستشمل عصبة احترافية نتمنى أن لا تولد مشوهة.
ومرت سنة سحبت معها جيل مسيرين منهم من استبدل الحرفة ومنهم من عاد لقواعده مديرا بعبدة، ومنهم من أسس فرقا بالغرب ليولد من جديد، ومنهم من رحل مجترا لعنة دخول مولد جمع داخله مفقود والخارج منه مولود.
في هذه النوسطاليجا كان لا بد من «وذكر» لعل الذكرى تنفع وتنفض عنهم غبار الغبن، وكي لا يمر رمضان دون استحضار من كانوا بالأمس يسودون وتحولوا اليوم لرماد وزبد..
غريب أن يترجل من رمضان المنصرم للحالي، الفهري وعالم وغايبي وأكرم وبناني والسبتي ومسكوت وغيرهم من تجرأوا على الوقوف في وجه تيار يجرف معه المعاندين لدورته؟
فهل كانت لعنة شهر له حرماته أم لعنة جرار؟