بغض النظر عن نوع الكرة التي يلعبونها هناك والرديئة التي تدحرج هنا، وبجانب الفوارق الهلامية لعشبهم هناك والكارثي الذي صدروه لنا هنا، هناك لديهم مسيرون يربطون المسؤولية بالمحاسبة، وكراسيهم من نوع «طيفال» من يجلس عليها لا يلتصق بمعدن «المقلة» فينسحب لـ «مولا نوبة» بلا حرج ولا هم يعربدون.
عدد الرؤساء الذين سحب من تحتهم الغطاء فتعرت عوراتهم بأوروبا وأمريكا كثير، ويكاد التاريخ يذكر عينات عديدة منها من راح لمزبلة التاريخ ومنهم من توارى وغير تسريحة الشعر وحلق ذقنه وعدل من شكله كي لا تلاحقه نظرات الإحتقار والسخرية في الحل والترحال.
عندنا الأمر مختلف، ومقاربة الإنسحاب عسيرة وقيصرية، ومشاهد ترك الرؤساء لمناصبهم بالدم والحديد، تكاد تلخص حقيقة الرباط المتين الذي يجعل المسير يبكي تارة ويتباكى في أخرى حين تداهمه أفكار الخلاص والطلاق.
إستغل رئيس الوداد الجديد عمرة بودريقة وأبرون بوصفهما أنشط الرؤساء ليقدم أوراق اعتماد حوت جديد، بصدد التخطيط لابتلاع سردين السوق، ورسم ملامح جرار أو بلدوزر آخر قادم بقوة لعالم التسيير.
نفض الناصيري عن الوداديين غبار الغبن فنشط سوقهم بالغث والسمين، ولو أن تعاقداته لا تخضع لنظام المناصفة وهو ما يفسر حشر ستة من السبعة الذين ضمهم في متوسط الميدان الدفاعي.
وغير التعاقدات بشر الناصيري الوداديين بمدينته الفاضلة التي تقتلع دابر الشر من أصوله، ويحدث الثورة البيضاء التي تعيد لفريق الأمة البريق الذي ضاع منه بسبب كتاب آخر وباسطا الغريم.
ومن بين ما بشر به الناصيري هو فتح الدفاتر القديمة وأولها دفتر أونداما وصفقته المثيرة صوب اتحاد جدة السعودي، حيث قال فيما قاله قبل أن يعود لابتلاع لسانه، أنه وجد تضاربا في أرقام الصفقة بين مليار و800 قيمة الصفقة الحقيقية و800 مليون المودعة بأرشيف جامعة كان أكرم من بين صقورها.
ما بشر به الناصيري، يبدو ظاهريا في مشهد البطولة المغربية مثيرا وخارقا للعادة، لأن العادة التي تصبح دباجة علمتنا أن التدقيق في أرقام الصفقات والنبش فيها والطريقة التي تتم بها، صرب من ضروب الخيال إلا فيما نذر، حيث تتم العمليات بمطنق «عندي عندك».
في إسبانيا سقط روسيل رئيس البارصا بعد اعتراض واحد تقدم به منخرط نزيه، وليس حياح من طينة المصفقين، فقدم في اليوم التالي استقالته دون «تقرقيب» ليغادر من الباب الخلفي صاغرا، ولم يقف الأمر عند هذه العتبة، بل ما تزال شعرات رأس روسيل تهتز كلما وجه له قاضي التحقيق دعوة للمثول أمامه لفك الخيوط المعقدة لصفقة نيمار.
قدم مجلس إدارة البارصا دفاع عن الشرف الذي لا يسلم من الأذى، حتى يراق على جوانبه مداد البراءة بيانات صفقة نيمار كاملة مكتملة، دون أن يكون هناك ما يجبر الرئيس الحالي ولا من يدور في حاشيته على التكتم عبر «سري للغاية».
وقبل البارصا أطيح بلابورطا لاختلالات مالية في حسابات برشلونة وصفقاته رغم أن أزهى فترة للفريق كانت تحت إمرة المحامي لابورطا، فلم تحل السداسية الشهيرة بينه وبين طوفان المتابعة الشفافة.
وقبل هذين المسيرين سقط لورانزو سانز من عرش الريال وراح كالديرون لغير ما رجعة بعدما حشر 6  هولنديين دفعة واحدة في ثلاجة الملكي (شنايدر - روبن - نستلروي - فانديرفار - هونتيلار ودرنثي).
وسقط العراب الفرنسي بيرنار طابي وكشفت الوثائق عن تورط رئيس اليوفي مودجي فتوبع، كما تمت متابعة وملاحقة هانيس الذي صنع للبايرن واحدا من أفضل الفرق عبر  تاريخها.
ما حدث في صفقة نيمار والسجال المفتوح على أكثر من سيناريو في قصة انتقاله للبارصا، وقصة أونداما التي يلعب على وترها الناصيري دون أن يتجرأ على التدقيق في سطورها، يجعلنا نتصور أن عالم الكرة عالمين، واحد فاضل والثاني فيه شعاب ملوثة.
قبل أونداما إالتحق 3 من لاعبي الخميسات بفريق المغرب الفاسي بعدما باعهم الكرتيلي جملة في صيف انتخاب بناني، دون أن نتطلع لمعرفة حقيقة أرقام الصفقة على الرغم من مرور كل هذه السنوات عليها.
وسويت صفقة بين لمباركي وأبرون بطريقة أكثر من ودية، ورحل عمرو «صاكي» المصري عن الرجاء بلا كشف عن حقيقة ولا طريقة مغادرته للحدود مرفوقا بالعملة الصعبة التي فاقت 100 ألف دولار.
حين يلج الجمل في سم الخياط، سيمكننا أن نحلم بمقاربة نزيهة تضع النقاط على حروف الصفقات التي تبرمها الأندية، وتكشف تفاصيلها كما كشفت صفقة نيمار..