ما الذي يلزمنا بأن نأخذ مأخذ الجد ما راج في الآونة الأخيرة من أخبار مهيجة ومثيرة للفتنة، والتي تقول أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تفاوض سرا بعضا من المدربين الأجانب وتدعوهم لدخول مرحلة إحماء في أفق أن تسند لأحدهم إدارة الفريق الوطني تقنيا بعد أن يجري الإنفصال عن الناخب الوطني الحالي الزاكي بادو، إن هو خرج مع الفريق الوطني صفر اليدين من مواجهة منتخب الرأس الأخضر في الأسبوع الأخير من شهر مارس القادم برسم ثالث ورابع الجولات المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017.
لا خلاف على أن للجامعة بكل قيادتاها الحق في إعمال الفكر الإستباقي لإدارة مرفق من أهم المرافق، بل وأكثرها ثأتيرا على منظومة عمل المكتب المديري للجامعة، فلا بد وأن يكون هناك ترتيب مسبق للمرحلة التي ستتلو مرحلة الزاكي بادو مهما إستهلكت من وقت زمني، بحكم أن هناك أهدافا يتم الإحتكام إليها في معاملة العقد المشرع للعلاقة بين الناخب الوطني وبين الجامعة، ولا خلاف على أن هناك ضرورة لأن يكون هناك إحتراس فعلي لتجنب كل مرحلة فراغ تقني قد يسقط فيه الفريق الوطني، إلا أن رفع السرية عن هذا العمل والترويج لأخبار يزعم البعض أنها فوق الشائعات في هذا التوقيت بالذات والفريق الوطني مقبل على إختبار مصيري أمام الرأس الأخضر، يقول بوجود نوايا خبيثة ستعيد أمامنا ما كنا قد عشناه في مرات كثيرة من سيناريوهات بديئة أنتجت فتنا كان فريقنا الوطني ضحيتها الأولى.
بالطبع لا أنطلق من كون الجامعة هي التي ترمى بطريقة أو بأخرى بمثل هذه الأخبار الضارة والمثيرة للفتنة، فهناك من الحكمة ومن المناعة ومن التعقل الذي يبرزه الرجل الذي يقود هذه الجامعة، ما يجعلنا نستبعد فرضية أن هذه الأخبار التي يروج لها تشكل محور نقاش داخل أروقة الجامعة، إلا أن التوقيت الزمني وما يبدو مقروءا من مسببات النزول يدعو إلى الدهشة، وإلى الجزم بأن هناك فعلا أرواحا شريرة مهما إجتهد فوزي لقجع في طردها من بيت الجامعة فإنه لن يفلح في ذلك إسوة بكل الذين سبقوه لإدارة جامعة كرة القدم.
ومع ما نبديه من تقزز لذيوع مثل هذه الأخبار في هذا التوقيت الحساس جدا، فإننا ندرك صلابة فكر وجلد الزاكي الذي لا يمكن لمثل هذه الأخبار السامة أن تثنيه عن المضي قدما في تحقيق الأهداف التي من دونها لن يقبل هو بالبقاء دقيقة واحدة على رأس الفريق الوطني، هو كغيره من المدربين والناخبين يعرف معرفة يقينية أن الإستمرار على رأس الفريق الوطني إلى غاية نهاية العقد أو إلى ما أبعد من ذلك، يرتبط إرتباطا وثيقا بالنتائج وبالمحصلات، فالعقد يلزم الزاكي بأن يؤهل في مرحلة أولى الفريق الوطني لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017 بالغابون، ويلزمه في مرحلة ثانية بأن يؤهل الفريق الوطني لنهائيات كأس العالم، وما بين هذا وذاك فإن العقد يربطه بأهداف لا بد وأن ينجزها إن هو تأهل لنهائيات كاس إفريقيا للأمم.
ومع ما خلص إليه الزاكي بادو من مباراة باطا من إستنتاجات تتعلق بقراءاته التقنية، ومن خلاصات أوصلها إليه رئيس الجامعة بحكمة وعقلانية الرجل المسؤول، فإن هناك بالطبع حاجة ماسة لطبع الفريق الوطني بشخصية قوية ولجعل ترسانته البشرية لا تتقاذفها التغييرات الفجائية ولجعل أسلوب اللعب أكثر صلابة لمواجهة كل الخصوم، لطالما أن مواجهة الفريق الوطني لمنتخب الرأس الأخضر شهر مارس القادم ذهابا وإيابا سيكون لها انعكاس قوي ليس فقط على حظوظ الفريق الوطني في بلوغ نهائيات «الكان» ولكن أيضا على حكمنا جميعا على أهلية الزاكي في أن يكون فعلا هو الرجل الذي يستحق أن يحلق بنا إلى فضاءات قارية باتت مرصودة.
ثقل الرهان وتاريخيته، هو ما يجعلنا نقف منزعجين ومستغربين أمام أخبار لا تنال من الزاكي، ولكنها تسمم مناخا كنا نظن أنه تخلص من كل الإضطرابات.