يستحق أسود الأطلس أن يدخلوا موسوعة غينيس، بعدما حطموا الأرقام القياسية العالمية في عدد المواهب واللاعبين الذين إختفوا فجأة خلال السنوات الأخيرة، وإنسحبوا في مقتبل العمر وإنتزعوا طوعا أو كرها القميص الوطني، ليدخلوا بسرعة كتاب الذكريات العابرة ويتيهوا وسط زحمة النسيان.
صدق أو لا تصدق، فعرين الأسود ولجه في آخر 5 سنوات أكثر من 150 أسدا، وكان بحق حقل تجارب لعدة مدربين بدءا من الطاوسي ثم بنعبيشة فالزاكي وحاليا رونار، فنجح من نجح في البقاء، وغادر من غادر بسرعة البرق، وأوهم الكثير من اللاعبين الرأي العام بأنهم حملة المشعل ومستقبل الأسود، لكنهم نزلوا من الحافلة في عز السير، وتركوها تمشي لعدة أسباب.
صحيح أن القدر هو المُسيِّر والمقرِر الأول والأخير، إلا أن سوء تدبير المشوار والتهور والطيش يبقون من أبرز العوامل التي أفقدت الفريق الوطني عشرات الأسود مؤخرا، وينضاف إليهم الغرور والإصابات والحب الأعمى للمال، إلى جانب سوء حظ البعض وسقوط البعض الآخر ضحية خيارات تقنية وحسابات غير رياضية، وهي أمور طبيعية وعادية في جميع المنتخبات العالمية، لكن الغير طبيعي هو الكم الهائل من اللاعبين المفقودين والضائعين والمختفين.
هل تعلمون أن 70 أسدا لم يعد لهم أثر بعدما تناوبوا على حمل القميص الأحمر من 2013 حتى الآن؟ هل تدركون أن بعضهم توقف عن ممارسة الكرة وإعتزال طوعا أو كرها قبل بلوغ الثلاثين؟ والبعض الآخر يلعب في الأقسام السفلى ومع أندية هاوية في مختلف الدول الأوروبية؟ فيما الأقلية ما زالت تحافظ على نسقها في المستوى العالي وتواصل تدوين كتاب مسارها الإحترافي بعيدا عن القبعة الدولية.
اللائحة طويلة وكثُر هم من ضاعوا أو أضاعوا أنفسهم بأنفسهم وسط الرحلة، ويكفي إستحضار بعض الأمثلة والحالات، كأشرف لزعر، عبد العزيز برادة، عادل تاعرابت، عبد الحميد الكوثري، فيصل غراس، ميمون ماحي، أسامة طنان، هاشم مستور، عصام العدوة، عمر القادوري، أسامة السعيدي، زكرياء بركديش، شهير بلغزواني، عاطف شحشوح، عدنان تيغادويني، مصطفى الكبير، منير الحمداوي، عادل هرماش، ياسين الخروبي، نبيل الزهر، زهير فضال، ياسين أيوب، يونس عبد الحميد، أمين خماس وآخرين..
وحتى لا ننسى الفريق الوطني الأولمبي الذي من المفترض أن يصدّر الأشبال إلى المنتخب الأول، فهو بدوره كان مهد ولحد عشرات المواهب، بعدما أعطى الأمل والتفاؤل للجمهور المغربي بفيلق من الشباب المتحمسين والرائعين، وأغلبهم كان وراء إكتشافه المدرب الهولندي السابق بيم فيربيك.
هل ما زلتم تذكرون أسماء كياسين جبور، عماد نجاح، ريان فريقش، أنور كالي، سفيان الحسناوي، سفيان بيداوي، يونس مختار، ياسين قاسمي..؟ إنهم باتوا في عِداد المفقودين علما أن أكبرهم سنا يبلغ 28 عاما حاليا، والمثير للأسف والحسرة والندم أنهم إنطلقوا من نفس النقطة التي بدأ منها بعض النجوم الأفارقة والعالميين كمحمد صلاح ومحمد النني وساديو ماني وبغداد بونجاح...وهي بطولة كأس أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة التي نُظمت بالمغرب نهاية عام 2011.
يا حسرة على الأسود المنتحِرين والمغتالين، ويا حسرة على العرين الذي دفن أشباله وأنيابهم صالدة، ويا حسرة على من سيضيعون مستقبلا وسيلتحقون بجيش المختفين، وأخشى أن يكون من بينهم زياش أو حكيمي، مزراوي، حاريث وحتى منديل والنصيري..