ليس العيب أن ينزل نادي إلى القسم الثاني، بل العيب والطامة أن يتم تشتيت شمل بيت بأكمله مباشرة بعد عقوبة الهبوط، ليزداد الجرح عمقا ومعه الألم، ويسير الفريق ككل نحو المجهول، وتزيغ حافلته إلى منعرج الإنتحار بعدما قادها السائق إلى الهاوية وهرب.
ما يعيشه حاليا الكوكب المراكشي وشباب الحسيمة من فوضى وفراغ تسييري وإداري وتقني أمر يندى له الجبين، بعدما إستقال المسؤولون والمسيرون دون حساب ولا دفع ثمن الفاتورة، ليتركوا تعيس البهجة وحزين الريف غارقين في وحلٍ عميق قد يحكم عليهما بكارثة أسوء لاحقا، وهي النزول إلى قسم الهواة وتكرار سيناريو أندية كشباب المحمدية والنادي المكناسي والنهضة السطاتية وضحايا آخرين لم يعد لهم أثر اليوم.
عجيب أمر الرؤساء والمكاتب المسيّرة التي تستقيل وتختفي ولا تُحاسب، وقمة التخريب والعبث أن يرحل هؤلاء وقد باعوا ما باعوا وربحوا ما ربحوا، ولم يتركوا للنادي غير الأزمات المادية والتقنية والجماهيرية، والتي ترثها في أحسن الأحوال اللجان المؤقتة وبعض الغيورين من منخرطين ومن يملكون في قلوبهم حقا ذرة من حب وعشق ألوان النادي والمدينة.
الكوكب والشباب كانا بمثابة «سويقة» لشراء اللاعبين بالجملة هذا الصيف، فالفريقان معا أنهيا الإرتباط بثوابتهما الأساسية بالوداع الودي عقب نهاية العقود، أو بجميع أنواع الطلاق مقابل تنازل الكثيرين عن مستحقاتهم للفرار من الجحيم، فيما إختار البعض الإضراب ورفض إستئناف التداريب، والمطالبة بالحقوق المالية تحت تهديدات المغادرة الطوعية والمجانية.
وإن كان شباب الريف الحسيمي قد جنى على نفسه بنفسه وتهاوى مستسلما لأنين مواسم متتالية من العذاب والترنح والهوان، فإن الكوكب المراكشي طُعِن من الخلف ومات مغدورا بسلاح المقربين، بعد معارك ظاهرة وخفية بين المسؤوليين، والذين ضحوا بمعلمة كروية مغربية وجعلوها «حلْقة» للفرجة والسخرية بجامع لفنا.
كثيرة هي نقاط الفشل وأسباب الإنهيار، لكن نقطة إستثنائية أثارتني شخصيا وتستوجب المحاسبة والتساؤل، كونها في إعتقادي مسألة خطيرة وغامضة ومثيرة للجدل، وهي كيف تجرأ الكوكب وهو ينشط بالقسم الممتاز ويركز من أجل البقاء، على هز إستقراره بيديه من الداخل وفي صمت، ببيع عقود أفضل 3 لاعبين شباب أساسيين بصفوفه (ناسيك، أكوزول، بولكسوت) في عز لهيب المنافسة وضغط الموسم شهر يناير الماضي، إلى نادي يمارس بقسم الهواة هو شباب المحمدية، في ظرفية غير مناسبة ومقابل قيمة مالية بخسة لا تتجاوز 300 مليون سنتيم للثلاثي المذكور، والشروط الغيبية والبنوذ المتشابكة في عقود الإتفاق، كبقاء اللاعبين معارين في صفوف الكوكب إلى أن يصعد الشباب إلى القسم الأول أو ينزل المراكشيون للقسم الثاني و و...،وكيف كان سيكون الوضع مثلا لو بقي ممثل مدينة الزهور في الدرجة الثالثة، وهو الذي سن هذه الأعراف الجديدة والشروط الإستباقية على فريق كبير بقاعدة جماهيرية محترمة، تم إغراؤه بملايين معدودات لخطف أفضل ما لديه من جواهر ودوليين أولمبيين.
قمة «الشمتة» لأنصار الكوكب بعد طعنة الهبوط، أن يروا أن المكتب المسير السابق فوّت على خزانة النادي مليار سنتيم، حينما تخلى عن عقد مدافعه سعد أكوزول لشباب المحمدية مقابل 100 مليون سنتيم قبل 6 أشهر، لتأتي الصفعة المدوية بإنتقال الشاب الأسبوع الماضي إلى ليل الفرنسي بضعف الرقم 10 مرات، والمستفيد من؟ النادي «لمعلم» الذي إشترى وباع دون أن يحمل سعد قميصه أو يلعب معه ولو دقيقة واحدة.
بلغة القانون والمساطر لا حرج على شباب المحمدية الذي أبرم صفقاته قانونيا وفي الظل وليس تحت الإكراه، وهو الذي خطط للسير بسرعة قياسية تعيده إلى مكانته وفق مشروع ضخم وسيولة مالية، وطموح رئاسي بعلاقاته وتوغلاته يمينا وشمالا، لكن اللوم والمسؤولية والحرج والعتاب الشديد، تتحمله إدارة الكوكب السابقة التي باعت وراحت، بلا حسيب ولا رقيب، بعدما قادت النادي للنزول بقراراتها وتدبيرها الخاطئ والمختل، لتحكم عليه الآن بالسكتة القلبية.